الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث الحمرة ، وهي طائر مشهور

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو داود الطيالسي : ثنا المسعودي ، عن الحسن بن سعد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن عبد الله قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فدخل رجل غيضة ، فأخرج بيضة حمرة ، فجاءت الحمرة ترف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فقال : " أيكم فجع هذه؟ " فقال [ ص: 43 ] رجل من القوم : أنا أخذت بيضتها . فقال ردها ردها; رحمة لها "

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروى البيهقي ، عن الحاكم وغيره ، عن الأصم ، عن أحمد بن عبد الجبار ، ثنا أبو معاوية ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فمررنا بشجرة فيها فرخا حمرة ، فأخذناهما . قال : فجاءت الحمرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تعرض ، فقال : " من فجع هذه بفرخيها؟ " قال : فقلنا : نحن . قال : " ردوهما " . فرددناهما إلى موضعهما فلم ترجع

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر في ذلك وفيه غرابة :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البيهقي : أنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن الحسين بن داود العلوي ، قالا : ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأموي ، ثنا محمد بن عبيد بن عتبة الكندي ، ثنا محمد بن الصلت ، ثنا حبان ، ثنا أبو سعد البقال ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة أبعد . قال : فذهب يوما فقعد تحت [ ص: 44 ] سمرة ، ونزع خفيه . قال : ولبس أحدهما ، فجاء طير ، فأخذ الخف الآخر فحلق به في السماء ، فانسلت منه أسود سالخ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه كرامة أكرمني الله بها ، اللهم إني أعوذ بك من شر من يمشى على رجليه ، ومن شر من يمشي على بطنه

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البخاري : ثنا محمد بن المثنى ، ثنا معاذ حدثني أبي ، عن قتادة قال : حدثنا أنس بن مالك أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين أيديهما ، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال عبد الرزاق : أنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس ، أن أسيد بن حضير الأنصاري ورجلا آخر من الأنصار تحدثا عند النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة لهما حتى ذهب من الليل ساعة ، وهي ليلة شديدة الظلمة ، حتى خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلبان ، وبيد كل واحد منهما عصية ، فأضاءت عصا أحدهما لهما حتى [ ص: 45 ] مشيا في ضوئها ، حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه ، فصار كل واحد منهما في ضوء عصاه ، حتى بلغ أهله وقد علقه البخاري فقال : وقال معمر . فذكره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وعلقه البخاري أيضا ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس أن عباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله . وقد رواه النسائي ، عن أبي بكر بن نافع ، عن بهز بن أسيد ، وأسنده البيهقي من طريق يزيد بن هارون ، كلاهما ، عن حماد بن سلمة به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البيهقي : أنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني ، ثنا أحمد بن مهران ، ثنا عبيد الله بن موسى ، أنا كامل بن العلاء عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ، وكان يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره ، فإذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما وضعا رفيقا ، فإذا عاد عادا ، فلما صلى جعل واحدا ها هنا وواحدا ها هنا ، فجئته فقلت : يا رسول الله ، ألا أذهب بهما إلى أمهما؟ [ ص: 46 ] قال : " لا " . فبرقت برقة ، فقال : " الحقا بأمكما " . فما زالا يمشيان في ضوئها حتى دخلا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البخاري في " التاريخ " : حدثني أحمد بن الحجاج ، ثنا سفيان بن حمزة ، عن كثير بن يزيد ، عن محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي ، عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فتفرقنا في ليلة ظلماء دحمسة ، فأضاءت أصابعي حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم ، وإن أصابعي لتنير ورواه البيهقي من حديث إبراهيم بن المنذر الحزامي ، عن سفيان بن حمزة به . ورواه الطبراني من حديث إبراهيم بن حمزة الزبيري ، عن سفيان بن حمزة به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 47 ] حديث آخر :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البيهقي : حدثنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو محمد بن أحمد بن عبد الله المزني ، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا أبو كريب ، ثنا زيد بن الحباب ، ثنا عبد الحميد بن أبي عبس الأنصاري من بني حارثة ، أخبرني ميمون بن زيد بن أبي عبس ، أخبرني أبي أن أبا عبس كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات ، ثم يرجع إلى بني حارثة ، فخرج في ليلة مظلمة مطيرة ، فنور له في عصاه حتى دخل دار بني حارثة . قال البيهقي : أبو عبس ممن شهد بدرا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : وروينا عن يزيد بن الأسود ، وهو من التابعين ، أنه كان يشهد الصلاة بجامع دمشق من جسرين ، فربما أضاءت له إبهام قدمه في الليلة المظلمة . وقد قدمنا في قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي بمكة قبل الهجرة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم آية يدعو قومه بها ، فلما ذهب إليهم وانهبط من الثنية أضاء له نور بين عينيه ، فقال : اللهم لا يقولوا : هو مثلة . فحوله الله إلى طرف سوطه حتى جعلوا يرونه مثل القنديل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية