قاعدة أخرى
فيما إذا
ذكر الاسم مرتين .
إذا ذكر الاسم مرتين فله أربعة أحوال لأنه إما أن يكونا معرفتين ، أو نكرتين ، أو الثاني معرفة ، والأول نكرة ، أو عكسه .
فالأول أن يكونا معرفتين ، والثاني فيه هو الأول غالبا ، حملا له على المعهود
[ ص: 83 ] الذي هو الأصل في اللام ، أو الإضافة ، كالعسر في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) ( الانشراح : 5 - 6 ) ولذلك ورد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018717لن يغلب عسر يسرين . قال
التنوخي : إنما كان مع العسر واحدا ، لأن اللام طبيعة ، والطبيعة لا ثاني لها بمعنى أن الجنس هي ، والكلي لا يوصف بوحدة ولا تعدد .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ) ( الصافات : 158 ) . 4 وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=9وقهم السيئات ومن تق السيئات ) ( غافر : 9 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لمن الملك اليوم لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم ) ( غافر : 16 - 17 ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ( غافر : 57 ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=37ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر ) ( فصلت : 37 ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين ) ( الفاتحة : 6 - 7 ) .
وهذه القاعدة ليست مطردة ، وهي منقوضة بآيات كثيرة كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=60هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) ( الرحمن : 60 ) فإنهما معرفتان ، وهما غيران ، فإن الأول هو العمل ، والثاني الثواب . وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45أن النفس بالنفس ) ( المائدة : 45 ) أي القاتلة والمقتولة . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178الحر بالحر ) ( البقرة : 178 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هل أتى على الإنسان حين من الدهر ) ( الإنسان : 1 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2إنا خلقنا الإنسان من نطفة ) ( الإنسان : 2 ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب )
[ ص: 84 ] ( المائدة : 48 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=47وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ) ( العنكبوت : 47 ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ) ( آل عمران : 26 ) .
فالملك الذي يؤتيه الله للعبد لا يمكن أن يكون نفس ملكه ، فقد اختلفا وهما معرفتان ، لكن يصدق أنه إياه باعتبار الاشتراك في الاسم ، كما صرح بنحوه في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ) ( آل عمران : 73 ) فقد أعاد الضمير في المنفصل المستغرق باعتبار أصل الفضل .
ونظيرها قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا ) ( النساء : 139 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض ) ( سبأ : 9 ) فالأول عام والثاني خاص .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ( غافر : 57 ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=61إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) ( غافر : 61 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84قال فالحق والحق أقول ) ( ص : 84 ) فالأول نصب على القسم ، والثاني نصب بـ " أقول " ، وهذا بخلاف قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=105وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ) ( الإسراء : 105 ) .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ) ( يوسف : 53 ) فالأول معرفة بالضمير ، والثانية عامة ، والأولى خاصة ، فالأول داخل في الثاني . وكذا قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=26عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله ) ( ص : 26 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=47برب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=48رب موسى وهارون ) ( الشعراء : 47 - 48 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=36أبلغ الأسباب أسباب السماوات ) ( غافر : 36 - 37 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=23سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) ( الفتح : 23 ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) ( البقرة : 185 ) ثم قال :
[ ص: 85 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ( البقرة : 185 ) فهما وإن اختلفا يكون الأول خاصا ، والثاني عاما متفقان بالجنس . وكذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) ( النجم : 28 ) ولذلك استدل بها على أن الأصل إلغاء الظن مطلقا .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=25فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ) ( القصص : 25 ) بعد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=26قالت إحداهما ) ( القصص : 26 ) فيحتمل أن تكون الأولى هي الثانية ، وألا تكون . ونظيرها قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) ( البقرة : 282 ) .
فإن كانت " إحداهما " الثانية مفعولا ، فالاسم الأول هو الثاني على قاعدة المعرفتين ، وإن كانت فاعلا فهما واحد باعتبار الجنس ، وأكثر النحاة على أن الإعراب إذا لم يظهر في واحد من الاسمين تعين كون الأول فاعلا ، خلافا لما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فما زالت تلك دعواهم ) ( الأنبياء : 15 ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=78وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ) ( آل عمران : 78 ) فالكتاب الأول ما كتبوه بأيديهم ثم كرره بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ) ( البقرة : 79 ) والكتاب الثاني التوراة . والثالث جنس كتب الله تعالى أي ما هو من شيء في كتب الله تعالى وكلامه . قال
الراغب .
( الثاني ) أن يكونا نكرتين ، فالثاني غير الأول ، وإلا لكان المناسب هو التعريف بناء على كونه معهودا سابقا . قالوا : والمعنى في هذا والذي قبله أن النكرة تستغرق الجنس ، والمعرفة تتناول البعض ، فيكون داخلا في الكل سواء قدم أو أخر . والمشهور في تمثيل هذا القسم اليسر في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) ( الانشراح : 5 - 6 ) .
[ ص: 86 ] وقد قيل : إن تنكير ( يسرا ) للتعميم ، وتعريف اليسر للعهد الذي كانوا عليه ، يؤكده سبب النزول ، أو الجنس الذي يعرفه كل أحد ليكون اليسر الثاني مغايرا للأول بخلاف العسر ، والتحقيق أن الجملة الثانية هنا تأكيد للأولى لتقديرها في النفس ، وتمكينها من القلب ، ولأنها تكرير صريح لها ، ولا تدل على تعدد اليسر ، كما لا يدل قولنا : وإن مع زيد كتابا ، إن مع زيد كتابا ، على أن معه كتابين ، فالأفصح أن هذا تأكيد .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=54الله الذي خلقكم من ضعف ) ( الروم : 54 ) الآية ، فإن كلا من المذكور غير الآخر ، فالضعف الأول النطفة أو التراب ، والثاني الضعف الموجود في الطفل والجنين ، والثالث في الشيخوخة ، والقوة الأولى التي تجعل للطفل حركة وهداية لاستدعاء اللبن ، والدفع عن نفسه بالبكاء ، والثانية بعد البلوغ .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=12غدوها شهر ورواحها شهر ) ( سبأ : 12 ) : الفائدة في إعادة لفظ شهر الإعلام بمقدار زمن الغدو ، وزمن الرواح ، والألفاظ التي تأتي مبينة للمقادير لا يحسن فيها الإضمار .
واعلم أنه ينبغي أن يأتي في هذا القسم الخلاف الأصولي في نحو : صل ركعتين ، صل ركعتين ، هل يكون أمرين بمأمورين ، والثاني تأسيس ، أو لا ؟ وفيه قولان .
وقد نقضوا هذا القسم بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=84وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) ( الزخرف : 84 ) فإن فيه نكرتين ، والثاني هو الأول وأجاب
الطيبي بأنه من باب التكرير وإناطة أمر زائد .
[ ص: 87 ] وهذه القاعدة فيما إذا لم يقصد التكرير ، وهذه الآية من قصد التكرير ، ويدل عليه تكرير ذكر الرب فيما قبله من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=82سبحان رب السماوات والأرض رب العرش ) ( الزخرف : 82 ) .
وأجاب غيره بأن إلها بمعنى معبود ، والاسم المشتق إنما يقصد به ما تضمنه من الصفة ، فأنت إذا قلت : زيد ضارب عمرو ، ضارب بكر ، لا يتخيل أن الثاني هو الأول ، وإن أخبر بهما عن ذات واحدة ، فإن المذكور حقيقة إنما هو المضروبان لا الضاربان ، ولا شك أن الضميرين مختلفان .
ومنها قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ) ( البقرة : 117 ) الثاني هو الأول ، وأجيب بأن أحدهما محكي من كلام السائل ، والثاني من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما الكلام في وقوعهما من متكلم واحد . ومنها قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90فباءوا بغضب على غضب ) ( البقرة : 90 ) ومنها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير ) ( الملك : 8 - 9 ) .
ومنها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ) ( الأنعام : 37 ) .
( الثالث ) أن يكون الأول نكرة ، والثاني معرفة ، فهو كالقسم الأول ، يكون الثاني فيه هو الأول ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=15كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول ) ( المزمل : 15 - 16 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري ) ( النور : 35 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=41ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل ) ( الشورى : 41 - 42 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله ) ( الشورى : 52 - 53 ) وهذا منتقض بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق ) أي لا يملكون شيئا من الرزق ، فابتغوا عند الله كل رزق ( العنكبوت : 17 ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير ) ( النساء : 128 ) ،
[ ص: 88 ] فإنهم استدلوا بها على استحباب كل صلح ، فالأول داخل في الثاني ، وليس بجنسه . وكذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=36وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا ) ( يونس : 36 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3ويؤت كل ذي فضل فضله ) ( هود : 3 ) الفضل الأول العمل ، والثاني الثواب . وكذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52ويزدكم قوة إلى قوتكم ) ( هود : 52 ) . وكذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=4ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) ( الفتح : 4 ) . وكذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=88زدناهم عذابا فوق العذاب ) ( النحل : 88 ) تعريفه أن المزيد غير المزيد عليه . وكذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كتاب أنزلناه إليك ) ( إبراهيم : 1 ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=157أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب ) ( الأنعام : 157 ) .
( الرابع ) : عكسه فلا يطلق القول به بل يتوقف على القرائن ، فتارة تقوم قرينة على التغاير ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=55ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ) ( الروم : 55 ) . وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=153يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا ) ( النساء : 153 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=53ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى ) ( غافر : 53 - 54 ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : المراد بالهدى جميع ما آتاه من الدين والمعجزات والشرائع ، والهدى والإرشاد .
وتارة تقوم قرينة على الاتحاد كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=27ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=28قرءانا عربيا ) ( الزمر : 27 - 28 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن ) ( الأحقاف : 29 ) . إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30إنا سمعنا كتابا ) ( الأحقاف : 30 ) .
وأما قوله تعالى في سورة البقرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178بالمعروف ) ( البقرة : 178 ) . وقوله أيضا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240من معروف ) ( البقرة : 240 ) فهو من إعادة النكرة معرفة لأن (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240من معروف ) وإن كان في التلاوة متأخرا عن (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178بالمعروف ) فهو في الإنزال متقدم عليه .
قَاعِدَةٌ أُخْرَى
فِيمَا إِذَا
ذُكِرَ الِاسْمُ مَرَّتَيْنِ .
إِذَا ذُكِرَ الِاسْمُ مَرَّتَيْنِ فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَا مَعْرِفَتَيْنِ ، أَوْ نَكِرَتَيْنِ ، أَوِ الثَّانِي مَعْرِفَةٌ ، وَالْأَوَّلُ نَكِرَةٌ ، أَوْ عَكْسَهُ .
فَالْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَا مَعْرِفَتَيْنِ ، وَالثَّانِي فِيهِ هُوَ الْأَوَّلُ غَالِبًا ، حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَعْهُودِ
[ ص: 83 ] الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي اللَّامِ ، أَوِ الْإِضَافَةِ ، كَالْعُسْرِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) ( الِانْشِرَاحِ : 5 - 6 ) وَلِذَلِكَ وَرَدَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018717لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ . قَالَ
التَّنُوخِيُّ : إِنَّمَا كَانَ مَعَ الْعُسْرِ وَاحِدًا ، لِأَنَّ اللَّامَ طَبِيعَةٌ ، وَالطَّبِيعَةُ لَا ثَانِيَ لَهَا بِمَعْنَى أَنَّ الْجِنْسَ هِيَ ، وَالْكُلِّيُّ لَا يُوصَفُ بِوَحْدَةٍ وَلَا تَعَدُّدٍ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ) ( الصَّافَّاتِ : 158 ) . 4 وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=9وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ ) ( غَافِرٍ : 9 ) . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ) ( غَافِرٍ : 16 - 17 ) .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) ( غَافِرٍ : 57 ) .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=37وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ ) ( فُصِّلَتْ : 37 ) .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ ) ( الْفَاتِحَةِ : 6 - 7 ) .
وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ لَيْسَتْ مُطَّرِدَةً ، وَهِيَ مَنْقُوضَةٌ بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=60هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) ( الرَّحْمَنِ : 60 ) فَإِنَّهُمَا مَعْرِفَتَانِ ، وَهُمَا غَيْرَانِ ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْعَمَلُ ، وَالثَّانِي الثَّوَابُ . وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) ( الْمَائِدَةِ : 45 ) أَيِ الْقَاتِلَةُ وَالْمَقْتُولَةُ . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178الْحُرُّ بِالْحُرِّ ) ( الْبَقَرَةِ : 178 ) . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ) ( الْإِنْسَانِ : 1 ) . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ ) ( الْإِنْسَانِ : 2 ) .
وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ )
[ ص: 84 ] ( الْمَائِدَةِ : 48 ) . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=47وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) ( الْعَنْكَبُوتِ : 47 ) .
وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ) ( آلِ عِمْرَانَ : 26 ) .
فَالْمُلْكُ الَّذِي يُؤْتِيهِ اللَّهُ لِلْعَبْدِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَفْسَ مُلْكِهِ ، فَقَدِ اخْتَلَفَا وَهُمَا مَعْرِفَتَانِ ، لَكِنْ يَصْدُقُ أَنَّهُ إِيَّاهُ بِاعْتِبَارِ الِاشْتِرَاكِ فِي الِاسْمِ ، كَمَا صَرَّحَ بِنَحْوِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=73قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ) ( آلِ عِمْرَانَ : 73 ) فَقَدْ أَعَادَ الضَّمِيرَ فِي الْمُنْفَصِلِ الْمُسْتَغْرَقِ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْفَضْلِ .
وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ) ( النِّسَاءِ : 139 ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ ) ( سَبَأٍ : 9 ) فَالْأَوَّلُ عَامٌّ وَالثَّانِي خَاصٌّ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) ( غَافِرٍ : 57 ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=61إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ) ( غَافِرٍ : 61 ) . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=84قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ) ( ص : 84 ) فَالْأَوَّلُ نُصِبَ عَلَى الْقَسَمِ ، وَالثَّانِي نُصِبَ بِـ " أَقُولُ " ، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=105وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ) ( الْإِسْرَاءِ : 105 ) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ) ( يُوسُفَ : 53 ) فَالْأَوَّلُ مُعَرَّفَةٌ بِالضَّمِيرِ ، وَالثَّانِيَةُ عَامَّةٌ ، وَالْأُولَى خَاصَّةٌ ، فَالْأَوَّلُ دَاخِلٌ فِي الثَّانِي . وَكَذَا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=26عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) ( ص : 26 ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=47بِرَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=48رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ) ( الشُّعَرَاءِ : 47 - 48 ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=36أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ ) ( غَافِرٍ : 36 - 37 ) . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=23سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) ( الْفَتْحِ : 23 ) .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) ( الْبَقَرَةِ : 185 ) ثُمَّ قَالَ :
[ ص: 85 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) ( الْبَقَرَةِ : 185 ) فَهُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَا يَكُونُ الْأَوَّلُ خَاصًّا ، وَالثَّانِي عَامًّا مُتَّفِقَانِ بِالْجِنْسِ . وَكَذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) ( النَّجْمِ : 28 ) وَلِذَلِكَ اسْتُدِلَّ بِهَا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ إِلْغَاءُ الظَّنِّ مُطْلَقًا .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=25فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ) ( الْقَصَصِ : 25 ) بَعْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=26قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ) ( الْقَصَصِ : 26 ) فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى هِيَ الثَّانِيَةُ ، وَأَلَّا تَكُونَ . وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ) ( الْبَقَرَةِ : 282 ) .
فَإِنْ كَانَتْ " إِحْدَاهُمَا " الثَّانِيَةُ مَفْعُولًا ، فَالِاسْمُ الْأَوَّلُ هُوَ الثَّانِي عَلَى قَاعِدَةِ الْمَعْرِفَتَيْنِ ، وَإِنْ كَانَتْ فَاعِلًا فَهُمَا وَاحِدٌ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ ، وَأَكْثَرُ النُّحَاةِ عَلَى أَنَّ الْإِعْرَابَ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ فِي وَاحِدٍ مِنَ الِاسْمَيْنِ تَعَيَّنَ كَوْنُ الْأَوَّلِ فَاعِلًا ، خِلَافًا لِمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ ) ( الْأَنْبِيَاءِ : 15 ) .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=78وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ ) ( آلِ عِمْرَانَ : 78 ) فَالْكِتَابُ الْأَوَّلُ مَا كَتَبُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ كَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ) ( الْبَقَرَةِ : 79 ) وَالْكِتَابُ الثَّانِي التَّوْرَاةُ . وَالثَّالِثُ جِنْسُ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ مَا هُوَ مِنْ شَيْءٍ فِي كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِهِ . قَالَ
الرَّاغِبُ .
( الثَّانِي ) أَنْ يَكُونَا نَكِرَتَيْنِ ، فَالثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ ، وَإِلَّا لَكَانَ الْمُنَاسِبُ هُوَ التَّعْرِيفُ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مَعْهُودًا سَابِقًا . قَالُوا : وَالْمَعْنَى فِي هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ النَّكِرَةَ تَسْتَغْرِقُ الْجِنْسَ ، وَالْمَعْرِفَةَ تَتَنَاوَلُ الْبَعْضَ ، فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ . وَالْمَشْهُورُ فِي تَمْثِيلِ هَذَا الْقِسْمِ الْيُسْرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) ( الِانْشِرَاحِ : 5 - 6 ) .
[ ص: 86 ] وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ تَنْكِيرَ ( يُسْرًا ) لِلتَّعْمِيمِ ، وَتَعْرِيفَ الْيُسْرِ لِلْعَهْدِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ ، يُؤَكِّدُهُ سَبَبُ النُّزُولِ ، أَوِ الْجِنْسُ الَّذِي يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ لِيَكُونَ الْيُسْرُ الثَّانِي مُغَايِرًا لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْعُسْرِ ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ هُنَا تَأْكِيدٌ لِلْأُولَى لِتَقْدِيرِهَا فِي النَّفْسِ ، وَتَمْكِينِهَا مِنَ الْقَلْبِ ، وَلِأَنَّهَا تَكْرِيرٌ صَرِيحٌ لَهَا ، وَلَا تَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْيُسْرِ ، كَمَا لَا يَدُلُّ قَوْلُنَا : وَإِنَّ مَعَ زَيْدٍ كِتَابًا ، إِنَّ مَعَ زَيْدٍ كِتَابًا ، عَلَى أَنَّ مَعَهُ كِتَابَيْنِ ، فَالْأَفْصَحُ أَنَّ هَذَا تَأْكِيدٌ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=54اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ) ( الرُّومِ : 54 ) الْآيَةَ ، فَإِنَّ كُلًّا مِنَ الْمَذْكُورِ غَيْرُ الْآخَرِ ، فَالضَّعْفُ الْأَوَّلُ النُّطْفَةُ أَوِ التُّرَابُ ، وَالثَّانِي الضَّعْفُ الْمَوْجُودُ فِي الطِّفْلِ وَالْجَنِينِ ، وَالثَّالِثُ فِي الشَّيْخُوخَةِ ، وَالْقُوَّةُ الْأُولَى الَّتِي تَجْعَلُ لِلطِّفْلِ حَرَكَةً وَهِدَايَةً لِاسْتِدْعَاءِ اللَّبَنِ ، وَالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْبُكَاءِ ، وَالثَّانِيَةُ بَعْدَ الْبُلُوغِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=12غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ) ( سَبَأٍ : 12 ) : الْفَائِدَةُ فِي إِعَادَةِ لَفْظِ شَهْرٍ الْإِعْلَامُ بِمِقْدَارِ زَمَنِ الْغُدُوِّ ، وَزَمَنِ الرَّوَاحِ ، وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي تَأْتِي مُبَيِّنَةً لِلْمَقَادِيرِ لَا يَحْسُنُ فِيهَا الْإِضْمَارُ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ يَأْتِيَ فِي هَذَا الْقِسْمِ الْخِلَافُ الْأُصُولِيُّ فِي نَحْوِ : صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ، صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ، هَلْ يَكُونُ أَمْرَيْنِ بِمَأْمُورَيْنِ ، وَالثَّانِي تَأْسِيسٌ ، أَوْ لَا ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ .
وَقَدْ نَقَضُوا هَذَا الْقِسْمَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=84وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ) ( الزُّخْرُفِ : 84 ) فَإِنَّ فِيهِ نَكِرَتَيْنِ ، وَالثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ وَأَجَابَ
الطِّيبِيُّ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّكْرِيرِ وَإِنَاطَةِ أَمْرٍ زَائِدٍ .
[ ص: 87 ] وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِيمَا إِذَا لَمْ يُقْصَدِ التَّكْرِيرُ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ قَصْدِ التَّكْرِيرِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَكْرِيرُ ذِكْرِ الرَّبِّ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=82سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ ) ( الزُّخْرُفِ : 82 ) .
وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ إِلَهًا بِمَعْنَى مَعْبُودٍ ، وَالِاسْمُ الْمُشْتَقُّ إِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الصِّفَةِ ، فَأَنْتَ إِذَا قُلْتَ : زَيْدٌ ضَارِبُ عَمْرٍو ، ضَارِبُ بَكْرٍ ، لَا يُتَخَيَّلُ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوَّلُ ، وَإِنْ أَخْبَرَ بِهِمَا عَنْ ذَاتٍ وَاحِدَةٍ ، فَإِنَّ الْمَذْكُورَ حَقِيقَةً إِنَّمَا هُوَ الْمَضْرُوبَانِ لَا الضَّارِبَانِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الضَّمِيرَيْنِ مُخْتَلِفَانِ .
وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ) ( الْبَقَرَةِ : 117 ) الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَحْكِيٌّ مِنْ كَلَامِ السَّائِلِ ، وَالثَّانِي مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي وُقُوعِهِمَا مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ . وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ) ( الْبَقَرَةِ : 90 ) وَمِنْهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ ) ( الْمُلْكِ : 8 - 9 ) .
وَمِنْهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً ) ( الْأَنْعَامِ : 37 ) .
( الثَّالِثُ ) أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ نَكِرَةً ، وَالثَّانِي مَعْرِفَةً ، فَهُوَ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ ، يَكُونُ الثَّانِي فِيهِ هُوَ الْأَوَّلُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=15كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) ( الْمُزَّمِّلِ : 15 - 16 ) . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) ( النُّورِ : 35 ) . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=41وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ ) ( الشُّورَى : 41 - 42 ) . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ ) ( الشُّورَى : 52 - 53 ) وَهَذَا مُنْتَقَضٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ ) أَيْ لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا مِنَ الرِّزْقِ ، فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ كُلَّ رِزْقٍ ( الْعَنْكَبُوتِ : 17 ) .
وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) ( النِّسَاءِ : 128 ) ،
[ ص: 88 ] فَإِنَّهُمُ اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى اسْتِحْبَابِ كُلِّ صُلْحٍ ، فَالْأَوَّلُ دَاخِلٌ فِي الثَّانِي ، وَلَيْسَ بِجِنْسِهِ . وَكَذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=36وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) ( يُونُسَ : 36 ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) ( هُودٍ : 3 ) الْفَضْلُ الْأَوَّلُ الْعَمَلُ ، وَالثَّانِي الثَّوَابُ . وَكَذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ) ( هُودٍ : 52 ) . وَكَذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=4لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ) ( الْفَتْحِ : 4 ) . وَكَذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=88زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ ) ( النَّحْلِ : 88 ) تَعْرِيفُهُ أَنَّ الْمَزِيدَ غَيْرُ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ . وَكَذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ ) ( إِبْرَاهِيمَ : 1 ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=157أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ ) ( الْأَنْعَامِ : 157 ) .
( الرَّابِعُ ) : عَكْسُهُ فَلَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ بِهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَرَائِنِ ، فَتَارَةً تَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى التَّغَايُرِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=55وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ) ( الرُّومِ : 55 ) . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=153يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا ) ( النِّسَاءِ : 153 ) . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=53وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ هُدًى ) ( غَافِرٍ : 53 - 54 ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْمُرَادُ بِالْهُدَى جَمِيعُ مَا آتَاهُ مِنَ الدِّينِ وَالْمُعْجِزَاتِ وَالشَّرَائِعِ ، وَالْهُدَى وَالْإِرْشَادِ .
وَتَارَةً تَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى الِاتِّحَادِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=27وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=28قُرْءَانًا عَرَبِيًّا ) ( الزُّمَرِ : 27 - 28 ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ) ( الْأَحْقَافِ : 29 ) . إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا ) ( الْأَحْقَافِ : 30 ) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178بِالْمَعْرُوفِ ) ( الْبَقَرَةِ : 178 ) . وَقَوْلُهُ أَيْضًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240مِنْ مَعْرُوفٍ ) ( الْبَقَرَةِ : 240 ) فَهُوَ مِنْ إِعَادَةِ النَّكِرَةِ مُعْرِفَةً لِأَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240مِنْ مَعْرُوفٍ ) وَإِنْ كَانَ فِي التِّلَاوَةِ مُتَأَخِّرًا عَنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178بِالْمَعْرُوفِ ) فَهُوَ فِي الْإِنْزَالِ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ .