[ ص: 3 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( باب ) ( الأحداث التي تنقض الوضوء خمسة : الخارج من السبيلين ، والنوم ، والغلبة على العقل بغير النوم ، ولمس النساء ، ومس الفرج . فأما الخارج من السبيلين فإنه ينقض الوضوء لقوله تعالى : { الأحداث التي تنقض الوضوء أو جاء أحد منكم من الغائط } ولقوله صلى الله عليه وسلم " { } " ) . : لا وضوء إلا من صوت أو ريح
- انسد المخرج المعتاد وانفتح دون المعدة مخرج انتقض الوضوء بالخارج منه
- أدخل في إحليله مسبارا وأخرجه أو زرق فيه شيئا وخرج منه انتقض وضوءه
- من نواقض الوضوء النوم
- من نواقض الوضوء زوال العقل بغير النوم
- من نواقض الوضوء لمس النساء
- لا ينتقض الوضوء بخروج شيء من غير السبيلين كدم الفصد والحجامة والقيء والرعاف
- لا ينتقض الوضوء بشيء من المأكولات
- انتقاض الوضوء بالضحك في الصلاة
- تيقن الحدث وشك هل تطهر أم لا
- تحريم الصلاة على المحدث
التالي
السابق
( الشرح ) قال الله تعالى { : وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا } اختلف العلماء في ( أو ) هذه فقال الأزهري : هي بمعنى الواو . قال : وهي واو الحال ، وأنشد فيه أبياتا . قال : ولا يجوز في الآية غير معنى الواو حتى يستقيم التأويل على ما أجمع عليه الفقهاء . وقال القاضي في تعليقه في مسألة ملامسة المرأة : في الآية تقديم وتأخير ذكره أبو الطيب عن الشافعي ، تقديرها : إذا قمتم إلى الصلاة من النوم ، أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برءوسكم وأرجلكم ، وإن كنتم جنبا فاطهروا ، وإن كنتم مرضى أو على سفر فلم تجدوا ماء فتيمموا . قال : زيد بن أسلم من العالمين بالقرآن . وزيد بن أسلم
والظاهر أنه قدر الآية توقيفا مع أن التقدير في الآية لا بد منه ، فإن نظمها يقتضي أن المرض والسفر حدثان يوجبان الوضوء ، ولا يقوله أحد . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " { } " فحديث صحيح . رواه لا وضوء إلا من صوت أو ريح الترمذي وغيره بهذا اللفظ بأسانيد صحيحة من رواية [ ص: 4 ] رضي الله عنه ورواه أبي هريرة من رواية مسلم بقريب من معناه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة رضي الله عنه } " . وثبت عن إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا عبد الله بن زيد بن عاصم قال : { } " رواه شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة . فقال : لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا البخاري . ومعنى " يجد ريحا " يعلمه ويتحقق خروجه ، وليس المراد يشمه ، والأحاديث في الدلالة على الذي ذكره كثيرة مشهورة . ومسلم
( أما حكم المسألة ) ينقض الوضوء ، سواء كان غائطا أو بولا أو ريحا أو دودا أو قيحا أو دما أو حصاة أو غير ذلك ولا فرق في ذلك بين النادر والمعتاد ، ولا فرق في خروج الريح بين قبل المرأة والرجل ودبرهما . نص عليه فالخارج من قبل الرجل أو المرأة أو دبرهما رحمه الله في الأم ، واتفق عليه الأصحاب . الشافعي
قال أصحابنا : ويتصور خروج الريح من قبل الرجل إذا كان آدر - وهو عظيم الخصيين - وكل هذا متفق عليه في مذهبنا . ولا يستثنى من الخارج إلا شيء واحد وهو المني ، فإنه لا ينقض الوضوء على المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور . قالوا : لأن الخارج الواحد لا يوجب طهارتين ، وهذا قد أوجب الجنابة فيكون جنبا لا محدثا . قال الرافعي : لأن الشيء مهما أوجب أعظم الأثرين بخصوصه لا يوجب أوهنهما بعمومه ، كزنا المحصن يوجب أعظم الحدين دون أخفهما . وحكى جماعة منهم صاحب البيان عن أنه ينقض الوضوء فيكون جنبا محدثا . وقد وافق القاضي أبي الطيب الجمهور في تعليقه فقال ( في مسألة القاضي أبو الطيب ) : أنه يكون جنبا لا محدثا ، وهناك ذكر عن الجمهور المسألة . [ ص: 5 ] وأما قول من وجب عليه وضوء وغسل الغزالي رحمه الله : الخارج من السبيلين ينقض الوضوء ، طاهرا كان أو نجسا ، فمراده بالطاهر الدود والحصا وشبههما مما هو طاهر العين ، وإنما ينجس بالمجاورة . قال الرافعي : ولا يغتر بتعميم الأئمة القول في أن الخارج من السبيلين ينقض الوضوء ، فإن هذا ظاهر يعارضه تصريحهم في تصوير الجنابة المفردة عن الحدث على أن من أنزل بمجرد النظر فهو جنب غير محدث . وأما أدلة الانتقاض بكل خارج من السبيلين غير المني فكلها صحيحة ظاهرة . أما الغائط فبنص الكتاب والسنة والإجماع . وأما البول فبالسنة المستفيضة ، والإجماع ، والقياس على الغائط . وأما الريح فبالأحاديث الصحيحة التي قدمناها وهي صريحة تتناول الريح من قبلي الرجل والمرأة ودبرهما ، وأما المذي والودي والدود وغيرها من النادرات فسنذكر دليلها في فرع مذاهب العلماء والله أعلم .
( فرع ) ذكر المصنف أن ، وهكذا ذكرها جمهور الأصحاب ، وبقي من النواقض ثلاثة أشياء : أحدها متفق عليه ، والآخران مختلف فيهما فالمتفق عليه نواقض الوضوء خمسة ونحو ذلك ، فإن صاحبه إذا توضأ حكم بصحة وضوئه ، فلو انقطع حدثه وشفي انتقض وضوءه ووجب وضوء جديد ، كما سنوضحه في باب الحيض إن شاء الله . والمختلف فيه انقطاع الحدث الدائم كدم الاستحاضة وسلس البول والمذي ، وفيه خلاف تقدم واضحا . والأصح أن مسح الخف يرفع الحدث ، فإذا نزعه عاد الحدث . وهل يعود إلى الأعضاء كلها أم إلى الرجلين فقط ؟ فيه القولان . والثالث : نزع الخف وفيها ثلاثة أوجه ، أصحها أنها تبطل التيمم دون الوضوء . والثاني تبطلهما . والثالث لا تبطل واحدا منهما . حكاها الردة البندنيجي في آخر باب التيمم - وآخرون . وممن ذكر مسألة الخف وانقطاع الحدث الدائم من النواقض في هذا الباب المحاملي في ( اللباب ) ولعل الأصحاب لم يذكروهما هنا ; لكونهما موضحتين في بابيهما . وأما مسألة الردة فالنقض في الوضوء وجه ضعيف لم [ ص: 6 ] يعرجوا عليه هنا ، وقد قطع المصنف ببطلان التيمم بالردة ذكره في باب التيمم . واحتج لإبطال الوضوء والتيمم بأن الطهارة عبادة لا تصح مع الردة ابتداء ، فلا تبقى معها دواما كالصلاة إذا ارتد في أثنائها . ولعدم الإبطال بأنها ردة بعد فراغ العبادة فلم تبطلها كالصوم والصلاة بعد الفراغ منهما . وللفرق بين الوضوء والتيمم بقوة الوضوء وضعف التيمم .
وأما إذا فالمذهب أنه لا يجب إعادة الغسل ، وبه قطع الأصحاب ، وفيه وجه أنه يجب ، حكاه اغتسل ثم ارتد ثم أسلم الرافعي ، وهو شاذ ضعيف . ولو فإن أتى بشيء منه في حال الردة لم يصح ما أتى به في الردة ، كذا قطع به ارتد في أثناء وضوئه ثم أسلم إمام الحرمين وغيره ، ويجيء فيه الوجه الشاذ الذي سبق في باب نية الوضوء عن حكاية المحاملي أنه يصح من كل كافر كل طهارة ، وإن لم يأت بشيء فقد انقطعت النية ، فإن لم تجدد نية لم يصح وضوءه ، وإن جددها بعد الإسلام - وقلنا : لا يبطل الوضوء بالردة - انبنى على الخلاف في تفريق النية ، والأصح أنه لا يضر كما سبق بيانه في باب نية الوضوء . فإن قلنا : يضر ، استأنف الوضوء ، وإلا فإن كان الفصل قريبا بنى ، وإلا ففيه القولان في الموالاة ، والله أعلم .
( فرع ) في قد سبق أن مذهبنا أن الخارج من أحد السبيلين ينقض ، سواء كان نادرا أو معتادا وبه قال الجمهور . قال مذاهب العلماء في الخارج من السبيلين : أجمعوا أنه ينتقض بخروج الغائط من الدبر ، والبول والمذي من القبل ، والريح من الدبر . قال : ودم الاستحاضة ينقض في قول عامة العلماء إلا ابن المنذر . [ ص: 7 ] قال : واختلفوا في ربيعة ، فكان الدود يخرج من الدبر عطاء بن أبي رباح والحسن البصري وحماد بن أبي سليمان وأبو مجلز والحكم وسفيان الثوري والأوزاعي وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق يرون منه الوضوء ، وقال : وأبو ثور قتادة : لا وضوء فيه . ومالك
وروي ذلك عن وقال النخعي : لا وضوء في مالك . هذا كلام الدم يخرج من الدبر . ونقل أصحابنا عن ابن المنذر أن النادر لا ينقض ، والنادر عنده كالمذي يدوم لا بشهوة ، فإن كان بشهوة فليس بنادر . وقال مالك : لا ينقض النادر وإن دام إلا المذي للحديث . واحتج لمن قال لا ينقض النادر بقوله صلى الله عليه وسلم : " { داود } " وهو حديث صحيح كما سبق ، وبحديث لا وضوء إلا من صوت أو ريح صفوان بن عسال المتقدم في أول باب مسح الخف . وقوله : لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام إلا من جنابة ، لكن من غائط وبول ونوم ولأنه نادر فلم ينقض ، كالقيء ، وكالمذي الخارج من سلس المذي . واحتج أصحابنا بحديث رضي الله عنه { علي } " وفي رواية " الوضوء فيه " وفي رواية : " يتوضأ وضوءه للصلاة " رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المذي : يغسل ذكره ويتوضأ البخاري . وعن ومسلم ابن مسعود رضي الله عنهم قالا : " في الودي الوضوء " رواه وابن عباس ، ولأنه خارج من السبيل فنقض كالريح والغائط ، ولأنه إذا وجب الوضوء بالمعتاد الذي تعم به البلوى فغيره أولى . وأما الجواب عن حديثهم الأول فهو أنا أجمعنا على أنه ليس المراد به حصر ناقض الوضوء في الصوت والريح ، بل المراد نفي وجوب الوضوء بالشك في خروج الريح ، كما قدمناه . وأما حديث البيهقي صفوان فبين فيه جواز المسح وبعض ما يمسح بسببه ، ولم يقصد بيان جميع النواقض ; ولهذا لم يستوفها . ألا تراه لم يذكر الريح [ ص: 8 ] وزوال العقل ، وهما مما ينقض بالإجماع ، وأما القيء فلأنه من غير السبيل فلم ينقض كالدمع ، وأما سلس المذي فللضرورة ; ولهذا نقول هو محدث ، ولا يجمع بين فريضتين ولا يتوضأ قبل الوقت فهذا ما نعتمده في المسألة دليلا وجوابا . وأما ما احتج به بعض أصحابنا " { } " فقد رواه الوضوء مما خرج عن البيهقي علي رضي الله عنهم ، قال : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يثبت ، والله أعلم . وابن عباس
. ( فرع ) قد ذكرنا أن ينقض الوضوء ، وبه قال خروج الريح من قبلي الرجل والمرأة أحمد ، وقال ومحمد بن الحسن : لا ينقض . أبو حنيفة
والظاهر أنه قدر الآية توقيفا مع أن التقدير في الآية لا بد منه ، فإن نظمها يقتضي أن المرض والسفر حدثان يوجبان الوضوء ، ولا يقوله أحد . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " { } " فحديث صحيح . رواه لا وضوء إلا من صوت أو ريح الترمذي وغيره بهذا اللفظ بأسانيد صحيحة من رواية [ ص: 4 ] رضي الله عنه ورواه أبي هريرة من رواية مسلم بقريب من معناه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة رضي الله عنه } " . وثبت عن إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا عبد الله بن زيد بن عاصم قال : { } " رواه شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة . فقال : لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا البخاري . ومعنى " يجد ريحا " يعلمه ويتحقق خروجه ، وليس المراد يشمه ، والأحاديث في الدلالة على الذي ذكره كثيرة مشهورة . ومسلم
( أما حكم المسألة ) ينقض الوضوء ، سواء كان غائطا أو بولا أو ريحا أو دودا أو قيحا أو دما أو حصاة أو غير ذلك ولا فرق في ذلك بين النادر والمعتاد ، ولا فرق في خروج الريح بين قبل المرأة والرجل ودبرهما . نص عليه فالخارج من قبل الرجل أو المرأة أو دبرهما رحمه الله في الأم ، واتفق عليه الأصحاب . الشافعي
قال أصحابنا : ويتصور خروج الريح من قبل الرجل إذا كان آدر - وهو عظيم الخصيين - وكل هذا متفق عليه في مذهبنا . ولا يستثنى من الخارج إلا شيء واحد وهو المني ، فإنه لا ينقض الوضوء على المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور . قالوا : لأن الخارج الواحد لا يوجب طهارتين ، وهذا قد أوجب الجنابة فيكون جنبا لا محدثا . قال الرافعي : لأن الشيء مهما أوجب أعظم الأثرين بخصوصه لا يوجب أوهنهما بعمومه ، كزنا المحصن يوجب أعظم الحدين دون أخفهما . وحكى جماعة منهم صاحب البيان عن أنه ينقض الوضوء فيكون جنبا محدثا . وقد وافق القاضي أبي الطيب الجمهور في تعليقه فقال ( في مسألة القاضي أبو الطيب ) : أنه يكون جنبا لا محدثا ، وهناك ذكر عن الجمهور المسألة . [ ص: 5 ] وأما قول من وجب عليه وضوء وغسل الغزالي رحمه الله : الخارج من السبيلين ينقض الوضوء ، طاهرا كان أو نجسا ، فمراده بالطاهر الدود والحصا وشبههما مما هو طاهر العين ، وإنما ينجس بالمجاورة . قال الرافعي : ولا يغتر بتعميم الأئمة القول في أن الخارج من السبيلين ينقض الوضوء ، فإن هذا ظاهر يعارضه تصريحهم في تصوير الجنابة المفردة عن الحدث على أن من أنزل بمجرد النظر فهو جنب غير محدث . وأما أدلة الانتقاض بكل خارج من السبيلين غير المني فكلها صحيحة ظاهرة . أما الغائط فبنص الكتاب والسنة والإجماع . وأما البول فبالسنة المستفيضة ، والإجماع ، والقياس على الغائط . وأما الريح فبالأحاديث الصحيحة التي قدمناها وهي صريحة تتناول الريح من قبلي الرجل والمرأة ودبرهما ، وأما المذي والودي والدود وغيرها من النادرات فسنذكر دليلها في فرع مذاهب العلماء والله أعلم .
( فرع ) ذكر المصنف أن ، وهكذا ذكرها جمهور الأصحاب ، وبقي من النواقض ثلاثة أشياء : أحدها متفق عليه ، والآخران مختلف فيهما فالمتفق عليه نواقض الوضوء خمسة ونحو ذلك ، فإن صاحبه إذا توضأ حكم بصحة وضوئه ، فلو انقطع حدثه وشفي انتقض وضوءه ووجب وضوء جديد ، كما سنوضحه في باب الحيض إن شاء الله . والمختلف فيه انقطاع الحدث الدائم كدم الاستحاضة وسلس البول والمذي ، وفيه خلاف تقدم واضحا . والأصح أن مسح الخف يرفع الحدث ، فإذا نزعه عاد الحدث . وهل يعود إلى الأعضاء كلها أم إلى الرجلين فقط ؟ فيه القولان . والثالث : نزع الخف وفيها ثلاثة أوجه ، أصحها أنها تبطل التيمم دون الوضوء . والثاني تبطلهما . والثالث لا تبطل واحدا منهما . حكاها الردة البندنيجي في آخر باب التيمم - وآخرون . وممن ذكر مسألة الخف وانقطاع الحدث الدائم من النواقض في هذا الباب المحاملي في ( اللباب ) ولعل الأصحاب لم يذكروهما هنا ; لكونهما موضحتين في بابيهما . وأما مسألة الردة فالنقض في الوضوء وجه ضعيف لم [ ص: 6 ] يعرجوا عليه هنا ، وقد قطع المصنف ببطلان التيمم بالردة ذكره في باب التيمم . واحتج لإبطال الوضوء والتيمم بأن الطهارة عبادة لا تصح مع الردة ابتداء ، فلا تبقى معها دواما كالصلاة إذا ارتد في أثنائها . ولعدم الإبطال بأنها ردة بعد فراغ العبادة فلم تبطلها كالصوم والصلاة بعد الفراغ منهما . وللفرق بين الوضوء والتيمم بقوة الوضوء وضعف التيمم .
وأما إذا فالمذهب أنه لا يجب إعادة الغسل ، وبه قطع الأصحاب ، وفيه وجه أنه يجب ، حكاه اغتسل ثم ارتد ثم أسلم الرافعي ، وهو شاذ ضعيف . ولو فإن أتى بشيء منه في حال الردة لم يصح ما أتى به في الردة ، كذا قطع به ارتد في أثناء وضوئه ثم أسلم إمام الحرمين وغيره ، ويجيء فيه الوجه الشاذ الذي سبق في باب نية الوضوء عن حكاية المحاملي أنه يصح من كل كافر كل طهارة ، وإن لم يأت بشيء فقد انقطعت النية ، فإن لم تجدد نية لم يصح وضوءه ، وإن جددها بعد الإسلام - وقلنا : لا يبطل الوضوء بالردة - انبنى على الخلاف في تفريق النية ، والأصح أنه لا يضر كما سبق بيانه في باب نية الوضوء . فإن قلنا : يضر ، استأنف الوضوء ، وإلا فإن كان الفصل قريبا بنى ، وإلا ففيه القولان في الموالاة ، والله أعلم .
( فرع ) في قد سبق أن مذهبنا أن الخارج من أحد السبيلين ينقض ، سواء كان نادرا أو معتادا وبه قال الجمهور . قال مذاهب العلماء في الخارج من السبيلين : أجمعوا أنه ينتقض بخروج الغائط من الدبر ، والبول والمذي من القبل ، والريح من الدبر . قال : ودم الاستحاضة ينقض في قول عامة العلماء إلا ابن المنذر . [ ص: 7 ] قال : واختلفوا في ربيعة ، فكان الدود يخرج من الدبر عطاء بن أبي رباح والحسن البصري وحماد بن أبي سليمان وأبو مجلز والحكم وسفيان الثوري والأوزاعي وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق يرون منه الوضوء ، وقال : وأبو ثور قتادة : لا وضوء فيه . ومالك
وروي ذلك عن وقال النخعي : لا وضوء في مالك . هذا كلام الدم يخرج من الدبر . ونقل أصحابنا عن ابن المنذر أن النادر لا ينقض ، والنادر عنده كالمذي يدوم لا بشهوة ، فإن كان بشهوة فليس بنادر . وقال مالك : لا ينقض النادر وإن دام إلا المذي للحديث . واحتج لمن قال لا ينقض النادر بقوله صلى الله عليه وسلم : " { داود } " وهو حديث صحيح كما سبق ، وبحديث لا وضوء إلا من صوت أو ريح صفوان بن عسال المتقدم في أول باب مسح الخف . وقوله : لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام إلا من جنابة ، لكن من غائط وبول ونوم ولأنه نادر فلم ينقض ، كالقيء ، وكالمذي الخارج من سلس المذي . واحتج أصحابنا بحديث رضي الله عنه { علي } " وفي رواية " الوضوء فيه " وفي رواية : " يتوضأ وضوءه للصلاة " رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المذي : يغسل ذكره ويتوضأ البخاري . وعن ومسلم ابن مسعود رضي الله عنهم قالا : " في الودي الوضوء " رواه وابن عباس ، ولأنه خارج من السبيل فنقض كالريح والغائط ، ولأنه إذا وجب الوضوء بالمعتاد الذي تعم به البلوى فغيره أولى . وأما الجواب عن حديثهم الأول فهو أنا أجمعنا على أنه ليس المراد به حصر ناقض الوضوء في الصوت والريح ، بل المراد نفي وجوب الوضوء بالشك في خروج الريح ، كما قدمناه . وأما حديث البيهقي صفوان فبين فيه جواز المسح وبعض ما يمسح بسببه ، ولم يقصد بيان جميع النواقض ; ولهذا لم يستوفها . ألا تراه لم يذكر الريح [ ص: 8 ] وزوال العقل ، وهما مما ينقض بالإجماع ، وأما القيء فلأنه من غير السبيل فلم ينقض كالدمع ، وأما سلس المذي فللضرورة ; ولهذا نقول هو محدث ، ولا يجمع بين فريضتين ولا يتوضأ قبل الوقت فهذا ما نعتمده في المسألة دليلا وجوابا . وأما ما احتج به بعض أصحابنا " { } " فقد رواه الوضوء مما خرج عن البيهقي علي رضي الله عنهم ، قال : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يثبت ، والله أعلم . وابن عباس
. ( فرع ) قد ذكرنا أن ينقض الوضوء ، وبه قال خروج الريح من قبلي الرجل والمرأة أحمد ، وقال ومحمد بن الحسن : لا ينقض . أبو حنيفة