الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الآفة السادسة عشرة : النميمة .

قال الله تعالى : هماز مشاء بنميم ، ثم قال : عتل بعد ذلك زنيم قال عبد الله بن المبارك الزنيم ولد الزنا ، الذي لا يكتم الحديث ، وأشار به إلى أن كل من لم يكتم الحديث ومشى بالنميمة دل على أنه ولد زنا ؛ استنباطا من قوله عز وجل : عتل بعد ذلك زنيم ، والزنيم هو الدعي وقال تعالى : ويل لكل همزة لمزة ، قيل : الهمزة : النمام .

وقال تعالى : حمالة الحطب قيل : إنها كانت نمامة حمالة للحديث وقال تعالى : فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ، قيل : كانت امرأة لوط تخبر بالضيفان ، وامرأة نوح تخبر أنه مجنون وقد قال صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة نمام .

وفي حديث آخر : لا يدخل الجنة قتات والقتات هو النمام .

التالي السابق


( الآفة السادسة عشرة: النميمة )

(قال الله تعالى: هماز مشاء بنميم ، ثم قال: عتل بعد ذلك زنيم ) ، فالهماز: العياب، أو المغتاب، ومشاء بنميم أي: كثير المشي بالنميمة، مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم ، والمقصود منه من جمع بين أنواع من الوصف الذميم، (قال عبد الله بن المبارك ) رحمه الله تعالى: (الزنيم ولد الزنا، الذي لا يكتم الحديث، وأشار به إلى أن كل من لم يكتم الحديث ومشى بالنميمة ولد الزنا؛ استنباطا من قوله عز وجل: عتل بعد ذلك زنيم ، والزنيم هو الدعي) ، وكون أن الزنيم هو الدعي أخرجه عبد بن حميد وابن عساكر ، عن ابن عباس ، وأنشد قول الشاعر:


زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم أكارعه



وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن عكرمة أنه سئل عن الزنيم فقال: هو ولد الزنا، وأنشد قول الشاعر:


زنيم ليس يعرف من أبوه بغي الأم في حسب لئيم



وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال: زنيم ملحق في النسب، زعم ابن عباس .

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب قال: الزنيم هو الملحق في القوم ليس منهم . وروي عن ابن عباس قال: العتل: الزنيم الذي يمشي بين الناس بالنميمة . أخرجه عبد بن حميد .

(وقال تعالى: ويل لكل همزة لمزة ، قيل: الهمزة: النمام) ، رواه ابن أبي الدنيا عن هارون بن عبد الله ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي ، عن مسكين، أبي فاطمة ، عن شيخ من أهل البصرة ، عن أبي الجوزاء قال: قلت لابن عباس : من هذا الذي ندبه الله بالويل فقال: ويل لكل همزة لمزة ؟ قال: المشاء بالنميمة، المفرق بين الإخوان، والمغري بين الجميع . وكذلك رواه سعيد بن منصور ، وابن [ ص: 562 ] جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه من طرق، وأخرجه ابن أبي الدنيا أيضا في كتاب ذم الغيبة، إلا أن لفظهم: المغري بين الإخوان. (وقال عز وجل: حمالة الحطب ، وقيل: إنها كانت نمامة حمالة للحديث) ، رواه ابن أبي الدنيا عن أحمد بن جميل ، أنبأنا ابن المبارك ، أنبأنا سفيان عن منصور ، عن مجاهد ، حمالة الحطب ، قال: كانت تمشي بالنميمة، وهكذا أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وروي عن قتادة قال: كانت تنقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض. أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم ، (وقال تعالى: فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ، قيل: كانت امرأة لوط ) عليه السلام (تخبر بالضيفان، وامرأة نوح ) عليه السلام (كانت تخبر أنه مجنون) ، رواه ابن أبي الدنيا عن فضيل بن عبد الوهاب ، حدثنا أبو عوانة عن موسى بن أبي عائشة ، عن سليمان بن بريدة ، سمعت ابن عباس يقول في قوله: فخانتاهما ، قال: لم يكن زنا، ولكن امرأة نوح كانت تخبر أنه مجنون، وامرأة لوط كانت تخبر بالضيف إذا نزل ، قال: وحدثنا فضيل ، حدثني بزيع ، سمعت الضحاك يقول: كانت خيانتهما النميمة ، فقول الضحاك هذا هو المناسب إيراده في المقام، وقول ابن عباس أخرجه أيضا عبد الرزاق والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وصححه من طرق، وقول الضحاك أخرجه أيضا ابن عدي والبيهقي في الشعب، وابن عساكر .

(وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة نمام ) ، رواه ابن أبي الدنيا ، عن خالد بن خراش ، حدثنا مهدي بن ميمون ، عن واصل الأحدب ، عن أبي وائل قال: بلغ حذيفة عن رجل أنه ينم الحديث، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة نمام . (وفي حديث آخر: لا يدخل الجنة قتات ) رواه ابن أبي الدنيا عن أبي خيثمة ، حدثنا وكيع عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام ، عن حذيفة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة قتات" . قال الأعمش : ( والقتات هو النمام ) ، وقد رواهما باللفظين الطيالسي وأحمد والشيخان، وأبو داود والترمذي والنسائي ، والطبراني ، وقد تقدم ذكرهما، ورواهما أيضا أبو البركات السقطي في معجمه، وابن النجار عن بشير الأنصاري عن جده .




الخدمات العلمية