الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      باب في كلام الأموات وعجائبهم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حدثنا الحكم بن هشام الثقفي ، حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش العبسي قال : مرض أخي الربيع بن حراش فمرضناه ، ثم مات فذهبنا نجهزه ، فلما جئنا رفع الثوب عن وجهه ثم قال : السلام عليكم . قلنا : وعليك السلام ، ألست قد مت؟! قال : بلى ، ولكن لقيت بعدكم ربي ولقيني بروح وريحان ورب غير غضبان ، ثم كساني ثيابا من سندس خضر ، وإني سألته أن يأذن لي فأبشركم فأذن لي ، وإن الأمر ، أيسر مما تذهبون إليه ، فسددوا وقاربوا ، فأبشروا ولا تغتروا . فلما قالها كانت كحصاة وقعت في ماء ثم أورد أشياء كثيرة في هذا الباب ، وهي آخر كتابه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 60 ] حديث غريب جدا :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البيهقي : أنا علي بن أحمد بن عبدان ، ثنا أحمد بن عبيد الصفار ، ثنا محمد بن يونس الكديمي ، ثنا شاصونة بن عبيد أبو محمد اليمامي وانصرفنا من عدن بقرية يقال لها : الحردة - حدثني معرض بن عبد الله بن معرض بن معيقيب اليماني ، عن أبيه ، عن جده ، قال : حججت حجة الوداع ، فدخلت دارا بمكة ، فرأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووجهه مثل دارة القمر ، وسمعت منه عجبا ، جاءه رجل بغلام يوم ولد ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنا؟ " قال : أنت رسول الله . قال : " صدقت ، بارك الله فيك قال : ثم إن الغلام لم يتكلم بعد ذلك حتى شب . قال أبي : فكنا نسميه مبارك اليمامة قال شاصونة : وقد كنت أمر على معمر فلا أسمع منه . قلت : هذا الحديث مما تكلم الناس في محمد بن يونس الكديمي بسببه ، وأنكروه عليه واستغربوا شيخه هذا ، وليس هذا مما ينكر عقلا بل ولا شرعا ، فقد ثبت في " الصحيح " في قصة جريج العابد ، أنه استنطق ابن تلك البغى فقال له : يا بابوس ابن من أنت؟ قال : ابن الراعي . فعلم بنو إسرائيل براءة عرض جريج مما كان نسب إليه ، وقد تقدم ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      على أنه قد روى هذا الحديث من غير طريق الكديمي ، إلا أنه بإسناد غريب أيضا ، قال البيهقي : أنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد ، أنا [ ص: 61 ] أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني بثغر صيدا ، ثنا العباس بن محبوب بن عثمان بن عبيد أبو الفضل ، ثنا أبي ، ثنا جدي شاصونة بن عبيد ، حدثني معرض بن عبد الله بن معيقيب ، عن أبيه ، عن جده قال : حججت حجة الوداع ، فدخلت دارا بمكة ، فرأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه كدارة القمر ، فسمعت منه عجبا; أتاه رجل من أهل اليمامة بغلام يوم ولد ، وقد لفه في خرقة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا غلام ، من أنا؟ " قال : أنت رسول الله . فقال له : " بارك الله فيك " . ثم إن الغلام لم يتكلم بعدها . قال البيهقي : وقد ذكره شيخنا أبو عبد الله الحافظ ، عن أبي الحسن علي بن العباس الوراق ، عن أبي الفضل أحمد بن خلف بن محمد المقرئ القزويني عن أبي الفضل العباس بن محمد بن شاصونة به . قال الحاكم : وقد أخبرني الثقة من أصحابنا ، عن أبي عمر الزاهد قال : لما دخلت اليمن دخلت حردة ، فسألت عن هذا الحديث ، فوجدت فيها لشاصونة عقبا ، وحملت إلى قبره فزرته

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البيهقي : ولهذا الحديث أصل من حديث الكوفيين بإسناد مرسل يخالفه في وقت الكلام . ثم أورد من حديث وكيع عن الأعمش ، ، عن شمر بن عطية ، عن بعض أشياخه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصبي قد شب لم يتكلم قط ، قال : من أنا؟ " قال : أنت رسول الله . ثم روي ، عن الحاكم ، عن الأصم ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن يونس بن بكير عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن بعض أشياخه قال : جاءت امرأة بابن لها قد تحرك فقالت : يا رسول الله ، إن ابني هذا لم يتكلم منذ ولد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أدنيه مني " . [ ص: 62 ] فأدنته منه . فقال : " من أنا؟ " فقال : أنت رسول الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية