الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وأما nindex.php?page=treesubj&link=220_219_221النوم فينظر فيه ، فإن وجد منه وهو مضطجع ، أو مكب أو متكئ انتقض وضوءه ، لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14663العينان وكاء السه ، فمن نام فليتوضأ } " وإن وجد منه وهو قاعد ، ومحل الحدث متمكن من الأرض : فإنه قال في البويطي : ينتقض وضوءه ، وهو اختيار nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني لحديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ولأن ما نقض الوضوء في حال الاضطجاع نقضه في حال القعود كالإحداث ، والمنصوص في الكتب أنه لا ينتقض وضوءه لما روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=44312كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء فينامون قعودا ثم يصلون ولا يتوضئون } " . وروى nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=37461من نام جالسا فلا وضوء عليه ، ومن وضع جنبه فعليه الوضوء } " ويخالف الأحداث فإنها تنقض الوضوء لعينها ، والنوم ينقض لأنه يصحبه خروج الخارج وذلك لا يحس به إذا نام زائلا عن مستوى الجلوس ، ويحس به إذا نام جالسا ، وإن نام راكعا أو ساجدا أو قائما في الصلاة ففيه قولان : قال في الجديد : " ينتقض وضوءه " لحديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ولأنه نام زائلا عن مستوى الجلوس ، فأشبه المضطجع . وقال في القديم : " لا ينتقض وضوءه " لقوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10602إذا نام العبد في صلاته باهى الله به ملائكته ، يقول : عبدي روحه عندي وجسده ساجد بين يدي } فلو انتقض وضوءه لما جعله ساجدا ) .
( الشرح ) في هذا الفصل جمل من الأحاديث واللغات والألفاظ والأسماء والأحكام وبيانها مع فروعها بمسائل .
( إحداها ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه حديث حسن ، رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهما بأسانيد حسنة . [ ص: 15 ] وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه عنه فصحيح ، رواه في صحيحه بمعناه قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=27179كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون } " رواه أبو داود وغيره بلفظه في المهذب ، إلا قوله " قعودا " فإنه لم يذكره ، لكن ذكر ما يدل عليه فقال ( حتى تخفق رءوسهم ) وإسناد رواية أبي داود إسناد صحيح ، وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في مسنده وغيره ، وفي رواية لأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهما : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=27179كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم } وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=32571لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى إني لأسمع لأحدهم غطيطا ، ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون } " . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب فضعيف جدا ، ورواه أبو داود وغيره من رواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=15803الوضوء على من نام مضطجعا ، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله } " قال أبو داود : ( هذا حديث منكر ) ، وأما حديث المباهاة بالساجد فيروى من رواية nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، وهو حديث ضعيف جدا .
( المسألة الثانية ) في اللغات والألفاظ : المكب بضم الميم وكسر الكاف يقال أكب فلان على وجهه ، وكببته أنا لوجهه إذا صرعته لوجهه ، قال الله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=22أفمن يمشي مكبا على وجهه } قال أهل اللغة والتصريف : هذا من النادرات أن يقال : أفعلت وفعلت غيري وقوله : " أو متكئا " هو بهمز آخره ، والوكاء بكسر الواو وبالمد وهو الخيط الذي يشد به رأس الوعاء ، والسه بفتح السين المهملة وكسر الهاء المخففة وهي الدبر ، ومعناه اليقظة ، وكاء الدبر : أي حافظة ما فيه من الخروج ، أي ما دام الإنسان مستيقظا فإنه يحس بما يخرج منه ، فإذا نام زال ذلك الضبط . وقوله : " يحس به " ، هو بضم الياء وكسر الحاء ، هذه اللغة الفصيحة [ ص: 16 ] المشهورة ، وبها جاء القرآن ، قال الله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98 : هل تحس منهم من أحد } وفي لغة قليلة بفتح الياء وضم الحاء ، قوله : " مستوى الجلوس " هو بفتح الواو ، أي عن استوائه ، وأصل المباهاة : المفاخرة ، والروح تذكر وتؤنث ، لغتان ، ومذهب أصحابنا المتكلمين أنها أجسام لطيفة والله أعلم .
( الثالثة ) في الأسماء : أما nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه فسبق بيانه في أول صفة الوضوء nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس تقدم في باب الآنية ، nindex.php?page=showalam&ids=16709وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده تقدم بيانه في آخر الفصول السابقة في مقدمة الكتاب ، nindex.php?page=showalam&ids=13920والبويطي في الباب الثاني من الكتاب .
( الرابعة ) في الأحكام : وحاصل المنقول في النوم خمسة أقوال nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، الصحيح منها من حيث المذهب ، ونصه في كتبه ونقل الأصحاب ، والدليل أنه : إن nindex.php?page=treesubj&link=218نام ممكنا مقعده من الأرض أو نحوها لم ينتقض ، وإن لم يكن ممكنا انتقض على أي هيئة كان ، في الصلاة وغيرها . والثاني : أنه ينتقض بكل حال ، وهذا نصه في البويطي . الثالث : إن nindex.php?page=treesubj&link=223_224نام في الصلاة لم ينتقض على أي هيئة كان ، وإن نام في غيرها غير ممكن مقعده انتقض وإلا فلا ، وهذه الأقوال ذكرها المصنف . والرابع : إن نام ممكنا أو غير ممكن ، وهو على هيئة من هيئات الصلاة سواء كان في الصلاة أو في غيرها لم ينتقض وإلا انتقض . والخامس : إن نام ممكنا أو قائما لم ينتقض وإلا انتقض ، حكى هذين القولين الرافعي وغيره ، وحكى أولهما nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال في شرح التلخيص . والصواب القول الأول من الخمسة ، وما سواه ليس بشيء ، وقد ذكر المصنف دلائلها وسأبسطها في فرع مذاهب العلماء إن شاء الله تعالى .
وتأول أصحابنا نصه في البويطي على أن المراد أنه نام غير ممكن ، وقال إمام الحرمين ، قال الأئمة : غلط البويطي ، وهذا الذي قاله الإمام ليس بجيد ، والبويطي يرتفع عن التغليط ، بل الصواب تأويل النص وهو محتمل [ ص: 17 ] للتأويل ، وهذا نصه في البويطي قال : " ومن نام مضطجعا أو راكعا أو ساجدا فليتوضأ ، وإن نام قائما فزالت قدماه عن موضع قيامه فعليه الوضوء ، وإن نام جالسا فزالت مقعدته عن موضع جلوسه وهو نائم فعليه الوضوء ، ومن نام جالسا أو قائما فرأى رؤيا وجب عليه الوضوء ، ومن شك أنام جالسا أو قائما أو لم ينم ؟ فليس عليه شيء حتى يستيقن النوم ، فإن ذكر أنه رؤيا وشك أنام أم لا ؟ فعليه الوضوء ، لأن الرؤيا لا تكون إلا بنوم " هذا نصه بحروفه في البويطي ومنه نقلته . فقوله : " إن نام جالسا فزالت مقعدته فعليه الوضوء " دليل على أن من لم تزل لا وضوء عليه ، فيتأول باقي كلامه على النائم غير ممكن ، والله أعلم .
( فرع ) إذا nindex.php?page=treesubj&link=218_224نام في صلاته ممكنا مقعده من الأرض ، لم تبطل صلاته بلا خلاف إلا على رواية البويطي ، ولا تفريع عليها ، ولو نام في الصلاة غير ممكن - إن قلنا بالقديم الضعيف - فصلاته ووضوءه صحيحان . وإن قلنا بالمذهب بطلا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والمتولي وغيرهما : لو صلى مضطجعا لمرض فنام ، ففي بطلان وضوئه القولان ، لأن علة منع انتقاض وضوء المصلي على القديم حرمة الصلاة ، وهي موجودة والله أعلم .
( فرع ) في مسائل تتعلق بالفصل ، والتفريع على المذهب ، وهو أن نوم الممكن لا ينقض ، وغيره ينقض .
( إحداها ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم والمختصر ، والأصحاب رحمهم الله : يستحب للنائم ممكنا أن يتوضأ لاحتمال خروج حدث ، وللخروج من خلاف العلماء .
( الثانية ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم والأصحاب : لا ينتقض الوضوء بالنعاس وهو السنة ، وهذا لا خلاف فيه ، ودليله من الأحاديث : حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=23343قام رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني يصلي في الليل - فقمت إلى جنبه الأيسر ، فجعلني في شقه الأيمن ، فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني ، فصلى إحدى عشرة ركعة } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . [ ص: 18 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : الفرق بين النوم والنعاس أن النوم فيه غلبة على العقل وسقوط حاسة البصر وغيرها ، والنعاس لا يغلب على العقل ، وإنما تفتر فيه الحواس بغير سقوط ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والمتولي : حد النوم ما يزول به الاستشعار من القلب ، مع استرخاء المفاصل . وقال إمام الحرمين : " النعاس يغشى الرأس فتسكن به القوى الدماغية ، وهو مجمع الحواس ومنبت الأعصاب ، فإذا فترت فترت الحركات الإرادية ، وابتداؤه من أبخرة تتصعد فتوافي أعباء من قوى الدماغ ، فيبدو فتور في الحواس ، فهذا نعاس وسنة ، فإذا تم انغمار القوة الباصرة ، فهذا أول النوم ، ثم تترتب غلبة فتور الأعضاء واسترخاؤها ، وذلك غمرة النوم ، قال : ولا ينتقض الوضوء بالغفوة ، وإذا تحققنا النوم لم نشترط غايته ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله نقض وضوء النائم قائما ، ولو تناهى نومه لسقط " هذا كلام إمام الحرمين . قال أصحابنا : ومن علامات النعاس أن يسمع كلام من عنده ، وإن لم يفهم معناه . قالوا : والرؤيا من علامات النوم ، ونص عليه في الأم ، وفي البويطي كما سبق ، واتفقوا عليه . فلو تيقن الرؤيا وشك في النوم انتقض إذا لم يكن ممكنا ، فإن خطر بباله شيء فشك أكان رؤيا أم حديث نفس ؟ لم ينتقض لأن الأصل بقاء الطهارة . ولو شك أنام ؟ أم نعس ؟ وقد وجد أحدهما ، لم ينتقض ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم : والاحتياط أن يتوضأ .
( الثالثة ) لو nindex.php?page=treesubj&link=218_219تيقن النوم ، وشك هل كان ممكنا أم لا ؟ فلا وضوء عليه ، هكذا صرح به صاحب البيان وآخرون ، وهو الصواب ، وأما قول البغوي في مسائل الشك في الطهارة : لو تيقن رؤيا ولا يذكر نوما فعليه الوضوء . ولا يحمل على النوم قاعدا لأنه خلاف العادة ، فهو متأول أو ضعيف ، والله أعلم .
( الرابعة ) nindex.php?page=treesubj&link=221_219نام جالسا فزالت ألياه أو إحداهما عن الأرض ، فإن زالت قبل الانتباه انتقض لأنه مضى لحظة وهو نائم غير ممكن ، وإن زالت بعد الانتباه أو معه أو لم يدر أيهما سبق لم ينتقض ; لأن الأصل الطهارة ، ولا فرق بين أن [ ص: 19 ] تقع يده على الأرض أو لا تقع ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أنه إن وقعت يده على الأرض انتقض وإلا فلا ، ودليلنا أن الاعتبار بمحل الحدث ، فتعين التفصيل الذي ذكره أصحابنا .
( الخامسة ) nindex.php?page=treesubj&link=218نام ممكنا مقعده من الأرض مستندا إلى حائط أو غيره لا ينتقض وضوءه ، سواء كان بحيث لو وقع الحائط لسقط أم لا ، وهذا لا خلاف فيه بين أصحابنا ، قال إمام الحرمين : ونقل المعلقون عن شيخي أنه كان يقول : " إن كان بحيث لو رفع الحائط لسقط انتقض " قال الإمام : وهذا غلط من المعلقين والذي ذكروه إنما هو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة .
( السادسة ) قليل النوم وكثيره عندنا سواء ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب ، فنوم لحظة ويومين سواء في جميع التفصيل والخلاف .
( السابعة ) قال أصحابنا : nindex.php?page=treesubj&link=218_221لا فرق في نوم القاعد الممكن بين قعوده متربعا أو مفترشا أو متوركا أو غيره من الحالات ، بحيث يكون مقعده لاصقا بالأرض أو بغيرها متمكنا ، وسواء القاعد على الأرض ، وراكب السفينة والبعير وغيره من الدواب فلا ينتقض الوضوء بشيء من ذلك ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في الأم واتفق الأصحاب عليه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=221نام محتبيا وهو أن يجلس على ألييه رافعا ركبتيه محتويا عليهما بيديه أو غيرهما ففيه ثلاثة أوجه ، حكاها الماوردي والروياني ( أحدها ) لا ينتقض كالمتربع ( والثاني ) ينتقض كالمضطجع ( والثالث ) إن كان نحيف البدن بحيث لا تنطبق ألياه على الأرض انتقض وإلا فلا ، قاله أبو الفياض البصري ، والمختار الأول .
( الثامنة ) إذا nindex.php?page=treesubj&link=218نام مستلقيا على قفاه وألصق ألييه بالأرض . فإنه يبعد خروج الحدث منه ، ولكن اتفق الأصحاب على أنه ينتقض وضوءه لأنه ليس كالجالس الممكن ، فلو استثفر وتلجم بشيء فالصحيح المشهور الانتقاض أيضا ، وبه قطع إمام الحرمين في النهاية . وقال في كتابه ( الأساليب ) في الخلاف فيه للنظر مجال ، ويظهر عدم الانتقاض ، وقال صاحبه أبو الحسن إلكيا في كتابه في الخلافيات : فيه تردد للأصحاب .
[ ص: 20 ] التاسعة في مذاهب العلماء في النوم ) قد سبق أن الصحيح - في مذهبنا - أن النائم الممكن مقعده من الأرض أو نحوها لا ينتقض وضوءه وغيره ينتقض ، سواء كان في صلاة أو غيرها ، وسواء طال نومه أم لا ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب وأبي مجلز وحميد الأعرج أن النوم لا ينقض بحال ولو كان مضطجعا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب وإليه ذهب الشيعة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد القاسم بن سلام nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني : ينتقض بالنوم بكل حال ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وبه أقول .
قال : وروي معناه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة رضي الله عنهم وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في إحدى الروايتين : ينقض كثير النوم بكل حال دون قليله ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن الزهري nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة والأوزاعي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود : إن نام على هيئة من هيئات المصلي كالراكع والساجد والقائم والقاعد لم ينتقض ، سواء كان في الصلاة أم لا ، وإن نام مستلقيا أو مضطجعا انتقض . ولنا قول أن نوم المصلي خاصة لا ينتقض به كيف كان ، كما سبق وحكاه أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، وحكاه الماوردي عن جماعة من التابعين . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=110لأبي موسى وموافقيه بقول الله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6 : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } إلى آخر الآية فذكر سبحانه نواقض الوضوء ولم يذكر النوم ، وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=31119لا وضوء إلا من صوت أو ريح } " قالوا : ولأنا أجمعنا - نحن وأنتم - على أن النوم ليس حدثا في عينه وأنتم أوجبتم الوضوء لاحتمال خروج الريح ، والأصل عدمه فلا يجب الوضوء بالشك .
واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14663العينان وكاء السه ، فمن نام فليتوضأ } " وهو حديث حسن كما سبق بيانه ، وبحديث صفوان : { nindex.php?page=hadith&LINKID=32940لكن من غائط أو بول أو نوم } وهو حديث حسن كما سبق بيانه ، وفي المسألة أحاديث كثيرة ، ولأن النائم غير الممكن يخرج منه الريح غالبا ، فأقام الشرع [ ص: 21 ] هذا الظاهر مقام اليقين كما أقام شهادة الشاهدين التي تفيد الظن مقام اليقين في شغل الذمة . وأما الجواب عن احتجاجهم بالآية فمن وجهين : أحدهما : أن جماعة من المفسرين قالوا : وردت الآية في النوم أي إذا قمتم إلى الصلاة - من النوم - فاغسلوا وجوهكم . وكذا حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم عن بعض أهل العلم بالقرآن قال : ولا أراه إلا كما قال . والثاني : أن الآية ذكر فيها بعض النواقض وبينت السنة الباقي ولهذا لم يذكر البول وهو حدث بالإجماع . وأما الجواب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فهو أنه ورد في دفع الشك لا في بيان أعيان الأحداث وحصرها ; ولهذا لم يذكر فيه البول والغائط وزوال العقل وهي أحداث بالإجماع ، ونظيره حديث nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد الذي قدمناه في شرح أول الفصل : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=32066لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا } " وأما قولهم : خروج الخارج مشكوك فيه ، فجوابه ما قدمناه ، أن الشرع جعل هذا الظاهر كاليقين كما جعل شهادة شاهدين كاليقين والله أعلم .
واحتج من قال : ينقض بكل حال بعموم حديثي nindex.php?page=showalam&ids=8علي وصفوان رضي الله عنهما وبالقياس على الإغماء . واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=27179كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون } " وهو صحيح ذكرناه بطرقه في أول الفصل . وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=1521أقيمت صلاة العشاء فقال رجل : لي حاجة ; فقام النبي صلى الله عليه وسلم يناجيه حتى نام القوم أو بعض القوم ، ثم صلوا وفي رواية حتى نام أصحابه ثم جاء فصلى بهم } " رواهما nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما " { nindex.php?page=hadith&LINKID=3416أن النبي صلى الله عليه وسلم شغل ليلة عن العشاء فأخرها حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا ثم خرج علينا } " . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما . " { nindex.php?page=hadith&LINKID=1179أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 22 ] بالعشاء حتى رقد الناس واستيقظوا ورقدوا واستيقظوا } " روى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه هذين الحديثين بهذا اللفظ ، وظاهرهما أنهم صلوا بذلك الوضوء وروى nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي بإسناد الصحيح : " أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما كان ينام وهو جالس ثم يصلي ولا يتوضأ " وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره معناه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وأبي أمامة رضي الله عنهم ، فهذه دلائل ظاهرة من الأحاديث الصحيحة والآثار واحتج جماعة من أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب المذكور في الكتاب وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29165كنت أخفق برأسي فقلت : يا رسول الله وجب علي وضوء ؟ قال : لا حتى تضع جنبك } " وهذان الحديثان ضعيفان . بين nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره ضعفهما وفيما سبق ما يغني عنهما .
وأما الجواب عن الحديث فهو أنه محمول على نوم غير الممكن وهذا يتعين المصير إليه للجمع بين الأحاديث الصحيحة . وأما قياسهم على الإغماء فالفرق ظاهر لأن المغمي عليه ذاهب العقل لا يحس بشيء أصلا ، والنائم يحس ; ولهذا إذا صيح به تنبه . واحتج من قال : ينقض كثير النوم - كيف كان - دون قليله بحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : " أنهم كانوا ينامون فتخفق رءوسهم " وهذا يكون في النوم القليل ; ولأنه مع الاستثقال يغلب خروج الخارج بخلاف القليل . واحتج أصحابنا بالأحاديث السابقة وليس فيها فرق بين القليل والكثير ، والجواب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أنا قد بينا أنه حجة لنا وليس فيه فرق بين قليله وكثيره ودعواهم أن خفق الرءوس إنما يكون في القليل لا يقبل . وأما المعنى الذي ذكروه فلا نسلمه ، لأن النوم إما أن يجعل حدثا في عينه كالإغماء ، وهم لا يقولون به ، وإما دليلا على الخارج ، وحينئذ إنما تظهر دلالته إذا لم يكن المحل ممكنا ، وأما المتمكن فيبعد خروجه منه ولا يحس به فلا ينتقض بالوهم . واحتج من قال لا ينقض النوم على هيئة من هيئات الصلاة بما رواه أبو خالد الدالاني عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن أبي العالية عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال النبي : صلى الله عليه وسلم [ ص: 23 ] { nindex.php?page=hadith&LINKID=12458إنما الوضوء على من نام مضطجعا ، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله } " وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة الذي قدمنا أنه نام جالسا فقال : يا رسول الله ، أمن هذا وضوء ؟ قال : لا حتى تضع جنبك على الأرض " . واحتج أصحابنا بالأحاديث الصحيحة السابقة كحديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي وصفوان وغيرهما من غير تعرض لهذا الفرق الذي زعموه ولا أصل له ; ولأنه نام غير ممكن مقعده من الأرض فأشبه المضطجع ولأننا اتفقنا - نحن وهم - على أن النوم ليس حدثا في عينه وإنما هو دليل للخارج فضبطناه نحن بضابط صحيح جاءت به السنة ، ومناسبته ظاهرة ، وضبطوه بما لا أصل له ولا معنى يقتضيه ، فإن الساجد والراكع كالمضطجع ولا فرق بينهما في خروج الخارج .
وأما حديث الدالاني فجوابه أنه حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث . وممن صرح بضعفه من المتقدمين nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وأبو داود . قال أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=12352وإبراهيم الحربي : هو حديث منكر ؟ . ونقل إمام الحرمين في كتابه ( الأساليب ) إجماع أهل الحديث على ضعفه ، وهو كما قال ، والضعف عليه بين . وأجاب أصحابنا عنه بأجوبة وتأولوه تأويلات لا حاجة إليها مع الاتفاق على ضعفه ، فإنه لا يلزم الجواب عما ليس بدليل . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة فضعيف أيضا كما سبق بيانه قريبا .
واحتج من قال : لا ينتقض وضوء النائم في الصلاة كيف كان ، بحديث المباهاة المذكور في الكتاب ، ولأن الحاجة تدعو إليه ولا يمكن لمجتهد ونحوه الاحتراز منه إلا بعسر فعفي عنه كما عفي عن أشياء كثيرة في الصلاة للحاجة . واحتج أصحابنا بما احتجوا به على القائلين : لا ينقض النوم على هيئة المصلي . وأجابوا عن حديث المباهاة بما سبق من الاتفاق على ضعفه ، ولو صح لكان تسميته ساجدا باسم ما كان عليه ، فمدحه على مكابدة العبادة ، وأما المعنى الذي ذكروه فلا يقبل ; لأن الأحداث لا تثبت إلا توقيفا ، وكذا العفو [ ص: 24 ] عنها ، فحصل في هذه المسألة جمل من الأحاديث جمعنا بينها ولم نرد منها صحيحا ، ولله الحمد ، وهو أعلم بالصواب .
( العاشرة ) كان من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم أنه لا ينتقض وضوءه بالنوم مضطجعا للأحاديث الصحيحة ، منها حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين " { nindex.php?page=hadith&LINKID=8353أنه صلى الله عليه وسلم نام حتى سمع غطيطه ، ثم صلى ولم يتوضأ } " وقال : صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=11954إن عيني تنامان ولا ينام قلبي } " . فإن قيل : هذا مخالف للحديث الصحيح " { nindex.php?page=hadith&LINKID=4480أن النبي صلى الله عليه وسلم نام في الوادي عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس } ، ولو كان غير نائم القلب لما ترك صلاة الصبح ، فجوابه من وجهين ( أحدهما ) وهو المشهور في كتب المحدثين والفقهاء أنه لا مخالفة بينهما ، فإن القلب يقظان يحس بالحدث ، وغيره مما يتعلق بالبدن ويشعر به القلب ، وليس طلوع الفجر والشمس من ذلك ، ولا هو مما يدرك بالقلب ، وإنما يدرك بالعين ، وهي نائمة ، والجواب الثاني حكاه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في تعليقه في هذا الباب عن بعض أصحابنا ، قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم نومان ( أحدهما ) ينام قلبه وعينه ( والثاني ) عينه دون قلبه ، فكان نوم الوادي من النوع الأول . والله أعلم .