الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .

                                                                                                                                                                                                                                      وظللنا عليكم الغمام : أي جعلناها بحيث تلقي عليكم ظلها؛ وذلك أنه (تعالى) سخر [ ص: 104 ]

                                                                                                                                                                                                                                      لهم السحاب يسير بسيرهم وهم في التيه؛ يظلهم من الشمس؛ وينزل بالليل عمود من نار يسيرون في ضوئه؛ وثيابهم لا تتسخ؛ ولا تبلى؛ وأنزلنا عليكم المن والسلوى : أي: الترنجبين؛ والسمانى؛ وقيل: كان ينزل عليهم المن مثل الثلج من الفجر إلى الطلوع؛ لكل إنسان صاع؛ وتبعث الجنوب عليهم السمانى؛ فيذبح الرجل منه ما يكفيه؛ كلوا : على إرادة القول؛ أي قائلين لهم؛ أو قيل لهم: كلوا من طيبات ما رزقناكم ؛ من مستلذاته؛ و"ما" - موصولة كانت أو موصوفة - عبارة عن المن والسلوى.

                                                                                                                                                                                                                                      وما ظلمونا : كلام عدل به عن نهج الخطاب السابق؛ للإيذان باقتضاء جنايات المخاطبين للإعراض عنهم؛ وتعداد قبائحهم عند غيرهم؛ على طريق المباثة؛ معطوف على مضمر قد حذف للإيجاز والإشعار بأنه أمر محقق؛ غني عن التصريح به؛ أي: فظلموا بأن كفروا تلك النعم الجليلة؛ وما ظلمونا بذلك؛ ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ؛ بالكفران؛ إذ لا يتخطاهم ضرورة؛ وتقديم المفعول للدلالة على القصر؛ الذي يقتضيه النفي السابق؛ وفيه ضرب تهكم بهم؛ والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل للدلالة على تماديهم في الظلم؛ واستمرارهم على الكفر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية