الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7414 ) ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط ; الإسلام ، والبلوغ ، والعقل ، والحرية ، والذكورية ، والسلامة من الضرر ، ووجود النفقة . فأما الإسلام والبلوغ والعقل ، فهي شروط لوجوب سائر الفروع ، ولأن الكافر غير مأمون في الجهاد ، والمجنون لا يتأتى منه الجهاد والصبي ضعيف البنية ، وقد روى ابن عمر ، قال : { عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة ، فلم يجزني في المقاتلة } . متفق عليه .

                                                                                                                                            وأما الحرية فتشترط ; لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يبايع الحر على الإسلام والجهاد ، ويبايع العبد على الإسلام دون الجهاد } ، ولأن الجهاد عبادة تتعلق بقطع مسافة ، فلم تجب على العبد ، كالحج . وأما الذكورية فتشترط ; لما روت عائشة ، قالت { : يا رسول الله ، هل على النساء جهاد ؟ فقال : جهاد لا قتال فيه ; الحج ، والعمرة } . ولأنها ليست من أهل القتال ; لضعفها وخورها ، ولذلك لا يسهم لها . ولا يجب على خنثى مشكل ; لأنه لا يعلم كونه ذكرا ، فلا يجب مع الشك في شرطه .

                                                                                                                                            وأما السلامة من الضرر ، فمعناه السلامة من العمى والعرج والمرض ، وهو شرط ; لقول الله تعالى { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج } . ولأن هذه الأعذار تمنعه من الجهاد ; فأما العمى فمعروف ، وأما العرج ، فالمانع منه هو الفاحش الذي يمنع المشي الجيد والركوب ، كالزمانة ونحوها ، وأما اليسير الذي يتمكن معه من الركوب والمشي ، وإنما يتعذر عليه شدة العدو ، فلا يمنع وجوب الجهاد ; لأنه ممكن منه ، فشابه الأعور .

                                                                                                                                            وكذلك المرض المانع هو الشديد ، فأما اليسير منه الذي لا يمنع إمكان الجهاد ، كوجع الضرس والصداع الخفيف ، فلا يمنع الوجوب ; لأنه لا يتعذر معه الجهاد ، فهو كالعور . وأما وجود النفقة ، فيشترط ; لقول الله تعالى { ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله } ولأن الجهاد لا يمكن إلا بآلة ، فيعتبر القدرة عليها .

                                                                                                                                            فإن كان الجهاد على مسافة لا تقصر فيها الصلاة ، اشترط أن يكون واجدا للزاد ونفقة عائلته في مدة غيبته ، وسلاح يقاتل به ، ولا تعتبر الراحلة ; لأنه سفر قريب . وإن كانت المسافة تقصر فيها الصلاة ، اعتبر مع ذلك الراحلة ; لقول الله تعالى : { ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا [ ص: 164 ] وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون . }

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية