الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قدس ]

                                                          قدس : التقديس : تنزيه الله عز وجل . وفي التهذيب : القدس [ ص: 40 ] تنزيه الله تعالى وهو المتقدس القدوس المقدس ، ويقال : القدوس فعول من القدس وهو الطهارة وكان سيبويه يقول : سبوح وقدوس . بفتح أوائلهما ، قال اللحياني : المجتمع عليه في سبوح وقدوس الضم ، قال : وإن فتحته جاز ، قال : ولا أدري كيف ذلك ، قال ثعلب : كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول ، مثل سفود وكلوب وسمور وتنور ، إلا السبوح ، والقدوس فإن الضم فيهما الأكثر ، وقد يفتحان ، وكذلك الذروح بالضم ، وقد يفتح ، قال الأزهري : لم يجئ في صفات الله تعالى غير القدوس وهو الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص ، وفعول بالضم من أبنية المبالغة ، وقد تفتح القاف وليس بالكثير . وفي حديث بلال بن الحرث : أنه أقطعه حيث يصلح للزرع من قدس ولم يعطه حق مسلم ، هو بضم القاف وسكون الدال جبل معروف ، وقيل : هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزراعة . وفي كتاب الأمكنة أنه قريس ، قيل : قريس وقرس جبلان قرب المدينة ، والمشهور المروي في الحديث الأول ، وأما قدس بفتح القاف والدال فموضع بالشام من فتوح شرحبيل بن حسنة . والقدس ، والقدس بضم الدال وسكونها اسم ومصدر ، ومنه قيل للجنة : حضيرة القدس . والتقديس : التطهير والتبريك . وتقدس ، أي : تطهر . وفي التنزيل : ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك الزجاج : معنى نقدس لك ، أي : نطهر أنفسنا لك ، وكذلك نفعل بمن أطاعك نقدسه ، أي : نطهره . ومن هذه قيل للسطل القدس ؛ لأنه يتقدس منه ، أي : يتطهر . والقدس بالتحريك : السطل بلغة أهل الحجاز ؛ لأنه يتطهر فيه ، قال : ومن هذا بيت المقدس ، أي : البيت المطهر ، أي : المكان الذي يتطهر به من الذنوب . ابن الكلبي : القدوس الطاهر ؛ وقوله تعالى : الملك القدوس الطاهر في صفة الله عز وجل ، وقيل : قدوس بفتح القاف ، قال : وجاء في التفسير أنه المبارك . والقدوس : هو الله عز وجل : والقدس : البركة . والأرض المقدسة : الشام منه ، وبيت المقدس من ذلك أيضا ، فإما أن يكون على حذف الزائد ، وإما أن يكون اسما ليس على الفعل كما ذهب إليه سيبويه في المنكب ، وهو يخفف ويثقل ، والنسبة إليه مقدسي ، مثال مجلسي ومقدسي ، قال امرؤ القيس :


                                                          فأدركنه يأخذن بالساق والنسا كما شبرق الولدان ثوب المقدسي



                                                          والهاء في أدركنه ضمير الثور الوحشي ، والنون في أدركنه ضمير الكلاب ، أي : أدركت الكلاب الثور ، فأخذن بساقه ونساه وشبرقت جلده ، كما شبرق ولدان النصارى ثوب الراهب المقدسي ، وهو الذي جاء من بيت المقدس فقطعوا ثيابه تبركا بها ، والشبرقة : تقطيع الثوب وغيره ، وقيل : يعني بهذا البيت يهوديا ، ويقال للراهب مقدس ، وأراد في هذا البيت بالمقدسي الراهب ، وصبيان النصارى يتبركون به وبمسح مسحه الذي هو لابسه وأخذ خيوطه منه حتى يتمزق عنه ثوبه . والمقدس : الحبر ، وحكى ابن الأعرابي : لا قدسه الله ، أي : لا بارك عليه ، قال : والمقدس المبارك . والأرض المقدسة : المطهرة ، وقال الفراء : الأرض المقدسة الطاهرة ، وهي دمشق وفلسطين وبعض الأردن ، ويقال : أرض مقدسة ، أي : مباركة وهو قول قتادة ، وإليه ذهب ابن الأعرابي ؛ وقول العجاج :


                                                          قد علم القدوس مولى القدس     أن أبا العباس أولى نفس
                                                          بمعدن الملك القديم الكرس



                                                          أراد أنه أحق نفس بالخلافة . وروح القدس : جبريل عليه السلام . وفي الحديث : إن روح القدس نفث في روعي يعني جبريل عليه السلام ؛ لأنه خلق من طهارة ، وقال الله عز وجل في صفة عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام : ( وأيدناه بروح القدس ) هو جبريل معناه روح الطهارة ، أي : خلق من طهارة ؛ وقول الشاعر :


                                                          لا نوم حتى تهبطي أرض العدس     وتشربي من خير ماء بقدس



                                                          أراد الأرض المقدسة . وفي الحديث : لا قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها ، أي : لا طهرت . والقادس ، والقداس : حصاة توضع في الماء قدرا لري الإبل ، وهي نحو المقلة للإنسان ، وقيل : هي حصاة يقسم بها الماء في المفاوز اسم كالحبان . غيره : القداس الحجر الذي ينصب على مصب الماء في الحوض وغيره . والقداس : الحجر ينصب في وسط الحوض إذا غمره الماء رويت الإبل ، وأنشد أبو عمرو :


                                                          لا ري حتى يتوارى قداس     ذاك الحجير بالإزاء الخناس



                                                          وقال :


                                                          نئفت به ولقد أرى قداسه     ما إن يوارى ثم جاء الهيثم



                                                          نئف إذا ارتوى . والقداس بالضم : شيء يعمل كالجمان من فضة ، قال يصف الدموع :


                                                          تحدر دمع العين منها فخلته     كنظم قداس سلكه متقطع



                                                          شبه تحدر دمعه بنظم القداس إذا انقطع سلكه . والقديس : الدر ، يمانية . والقادس : السفينة ، وقيل : السفينة العظيمة ، وقيل : هو صنف من المراكب معروف ، وقيل : لوح من ألواحها ، قال الهذلي :


                                                          وتهفو بهاد لها ميلع     كما أقحم القادس الأردمونا



                                                          وفي المحكم :


                                                          كما حرك القادس الأردمونا



                                                          يعني الملاحين . وتهفو : تميل يعني الناقة . والميلع : الذي يتحرك هكذا وهكذا . والأردم : الملاح الحاذق . والقوادس : السفن الكبار . والقادس : البيت الحرام . وقادس : بلدة بخراسان أعجمي . والقادسية : من بلاد العرب ، قيل : إنما سميت بذلك ؛ لأنها نزل بها قوم من أهل قادس من أهل خراسان ، ويقال : إن القادسية دعا لها إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، بالقدس وأن تكون محلة الحاج ، وقيل : القادسية قرية بين الكوفة وعذيب . وقدس بالتسكين : جبل ، وقيل : جبل عظيم في نجد ، قال أبو ذؤيب :


                                                          فإنك حقا أي نظرة عاشق     نظرت وقدس دونها ووقير



                                                          وقدس أوارة : جبل أيضا . غيره : قدس وآرة جبلان في بلاد مزينة معروفان بحذاء سقيا مزينة .

                                                          [ ص: 41 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية