الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قدع ]

                                                          قدع : القدع : الكف ، والمنع . قدعه يقدعه قدعا وأقدعه فانقدع وقدع إذا كفه عنه ، ومنه حديث الحسن : اقدعوا هذه النفوس فإنها طلعة . وفي حديث الحجاج : اقدعوا هذه الأنفس فإنها أسأل شيء إذا أعطيت ، وأمنع شيء إذا سئلت ، أي : كفوها عما تتطلع إليه من الشهوات . وقدعت فرسي أقدعه قدعا : كبحته وكففته . وهو فرس قدوع : يحتاج إلى القدع ليكف بعض جريه . وفي حديث أبي ذر : فذهبت أقبل بين عينيه فقدعني بعض أصحابه ، أي : كفني ، قال ابن الأثير : يقال : قدعته وأقدعته قدعا وإقداعا ، ومنه حديث ابن عباس : فجعلت أجد بي قدعا من مسألته ، أي : جبنا وانكسارا ، وفي رواية : أجدني قدعت عن مسألته . والقدوع : القادع ، والمقدوع جميعا : ضد ، فعول بمعنى مفعول . والقدوع : الفحل الذي إذا قرب من الناقة ليقعو عليها قدع وضرب أنفه بالرمح أو غيره وحمل عليها غيره ، قال الشماخ :


                                                          إذا ما استافهن ضربن منه مكان الرمح من أنف القدوع



                                                          وفلان لا يقدع ، أي : لا يرتدع . وهذا فحل لا يقدع ، أي : لا يضرب أنفه ، وذلك إذا كان كريما . وفي حديث زواجه خديجة : قال ورقة بن نوفل : محمد يخطب خديجة هو الفحل لا يقدع أنفه ، قال ابن الأثير : يقال قدعت الفحل وهو أن يكون غير كريم فإذا أراد ركوب الناقة الكريمة ضرب أنفه بالرمح أو غيره حتى يرتدع وينكف ، ويروى بالراء ، ومنه الحديث أيضا : فإن شاء الله أن يقدعه بها قدعه . وفرس قدوع : يكف بعض جريه . أبو مالك : يقال مر به فرسه يقدع ، أي : يعدو . وفرس قدع ، أي : هيوب ، ويقال : اقدع من هذا الشراب ، أي : اقطع منه ، أي : اشربه قطعا قطعا . والمقدعة : عصا يقدع بها ، ويدفع بها الإنسان عن نفسه . ورجل قدع على النسب : ينقدع لكل شيء ، قال عامر بن الطفيل :


                                                          وإني سوف أحكم غير عاد     ولا قدع إذا التمس الجواب



                                                          والقدعة من الثياب : دراعة قصيرة ، قال مليح الهذلي :


                                                          بتلك علقت الشوق أيام بكرها     قصير الخطى في قدعة يتعطف



                                                          وامرأة قدعة وقدوع : كثيرة الحياء قليلة الكلام . وامرأة قدوع : تأنف كل شيء ، قال الطرماح :


                                                          وإلا فمدخول الفناء قدوع



                                                          قدوع بمعنى المقدوع هاهنا . وانقدع فلان عن الشيء إذا استحيا منه . وتقادع الذباب في المرق إذا تهافت . والتقادع : التتابع والتهافت في الشر ، وفي الصحاح : في الشيء . وتقادع الفراش في النار : تساقط كأن كل واحد يدفع صاحبه أن يسبقه . وأقدع الرجل : شتمه . والمقادع : عوار الكلام . وتقادع القوم بالرماح : تطاعنوا . وفي الحديث : يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار ، أي : تسقطهم فيها بعضهم فوق بعض . وتقادع القوم : هلك بعضهم في إثر بعض في شهر واحد أو عام واحد ، وقيل : تقادع القوم تقادعا وتعادوا تعاديا مات بعضهم في إثر بعض فلم يخص يوم ولا شهر ، والتقادع : التراجع عن ثعلب . ابن الأعرابي : القدع انسلاق العين من كثرة البكاء . وفي الحديث : كان عبد الله بن عمر قدعا . وقد قدع فهو قدع وقدعت عينه تقدع قدعا : ضعفت من طول النظر إلى الشيء ، قال الشاعر :


                                                          كم فيهم من هجين أمه أمة     في عينها قدع في رجلها فدع



                                                          وقدع الخمسين : جاوزها ، بفتح الدال عن ابن الأعرابي . الأزهري : قدع الستين جازها ، قال : فاحتمل أن تقدع فتقدع كما تقول : قدعت الرجل عن الأمر فقدع ، أي : كففته فكف وارتدع . وقدعت له الخمسون : دنت ، قال المرار الفقعسي :


                                                          ما يسأل الناس عن سني ، وقد قدعت     لي الأربعون وطال الورد والصدر



                                                          قال ابن بري : قال الجرمي : رواه ثعلب ، قدعت عن ابن الأعرابي : بضم القاف ، وقال أبو الطيب : الأكثر في الرواية قدعت ، قال ابن الأعرابي : قدعت لي أربعون ، أي : أمضيت . يقال : قدعها ، أي : أمضاها كما يقدع الرجل الشيء ، قال ابن الأعرابي : وقدعة اسم عنز ، وأنشد :


                                                          فتنازعا شطرا لقدعة واحدا     فتدارآ فيه فكان لطام



                                                          قال أبو العباس : المجول الصدرة ، وهي الصدار والقدعة والعدقة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية