الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ لا تجوز الفتيا بالتشهي والتخير ] الفائدة الثامنة والعشرون : لا يجوز للمفتي أن يعمل بما يشاء من الأقوال والوجوه من غير نظر من الترجيح ولا يعتد به ، بل يكتفي في العمل بمجرد كون ذلك قولا قاله إمام أو وجها ذهب إليه جماعة فيعمل بما يشاء من الوجوه والأقوال حيث رأى القول وفق إرادته وغرضه عمل به ، فإرادته وغرضه هو المعيار وبها الترجيح ، وهذا حرام باتفاق الأمة ، وهذا مثل ما حكى القاضي أبو الوليد الباجي عن بعض أهل زمانه ممن نصب نفسه للفتوى أنه كان يقول : إن الذي لصديقي علي إذا وقعت له حكومة أو فتيا أن أفتيه بالرواية التي توافقه ، وقال : وأخبرني من أثق به أنه وقعت له واقعة فأفتاه جماعة من المفتيين بما يضره ، وأنه كان غائبا فلما حضر سألهم بنفسه ، فقالوا : لم نعلم أنها لك ، وأفتوه بالرواية الأخرى التي توافقه ، قال : وهذا مما لا خلاف بين المسلمين ممن يعتد بهم في الإجماع أنه لا يجوز ، وقد قال مالك - رحمه الله - في اختلاف الصحابة رضي الله عنهم مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد .

وبالجملة فلا يجوز العمل والإفتاء في دين الله بالتشهي والتخير وموافقة الغرض فيطلب القول الذي يوافق غرضه وغرض من يحابيه فيعمل به ، ويفتي به ، ويحكم به ، ويحكم على عدوه ويفتيه بضده ، وهذا من أفسق الفسوق وأكبر الكبائر ، والله المستعان .

التالي السابق


الخدمات العلمية