الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( فائدة ) : إذا استوى اثنان في حال من الأحوال فهما في التفضل سيان ، وإن تفاوتا في ذلك بطول الزمان وقصره كان من طال زمانه أفضل ممن قصر زمانه عند اتحاد الحال ، فإن تفاوتا في الأحوال : فإن كانت إحدى الحالتين أشرف وأطول زمانا ، فلا شك أن صاحبها أشرف وأفضل ، مثاله الخائف مع الهائب ، فإن الهيبة أفضل من الخوف ، فإذا طال زمان الهيبة وقصر زمن الخوف فقد فضلته من وجهين اثنين ، وإن استوى الزمان كان الهائب أفضل وكذلك إن قصر زمان الهيبة عن زمن الخوف كان الهيبة أفضل لعلو رتبتها وشرفها ألا ترى أن وزن دينار من الجوهر أفضل من الدينار ، والدينار أفضل من الدرهمين والعشرة لشرف وصفه على وصف الفضة ، والدرهم أفضل من مائة درهم من النحاس لشرف وصفه ، وبهذا الميزان يعرف تفاوت [ ص: 238 ] الرجال وكذلك تعرف مراتب الطائعين بملابسة بعضهم لأفضل الطاعات وبملابسة الآخرين لأدنى الطاعات وإن استووا في الطاعات لم يجز التفضل في باب الطاعات ، وإن كثرت طاعات أحدهم وقلت معارف الآخر وأحواله يقدم شرف المعارف والأحوال على شرف الأعمال والأقوال ، ولهذا جاء في الحديث : { ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بأمر وقر في صدره } وقال عليه السلام لما استعظم بعضهم طاعاته : { إني لأرجو أن أكون أعلمكم بالله وأشدكم له خشية } لفضل المعرفة وشدة الخشية على كثرة الأعمال والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية