الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثامنة عشرة : قوله تعالى : { وإن كنتم مرضى } : المرض عبارة عن خروج البدن عن الاعتدال والاعتياد إلى الاعوجاج والشذوذ ; وهو على ضربين : يسير وكثير ، وقد يخاف المريض من استعماله ، وقد يعدم من يناوله [ ص: 561 ] إياه وهو يعجز عن تناوله ، ومطلق اللفظ يبيح التيمم لكل مريض إذا خاف من استعماله وتأذيه بالماء وروي عن الشافعي أنه قال : يباح التيمم للمريض إذا خاف التلف ; ونظر إلى أن زيادة المرض غير متحققة ، لأنها قد تكون وقد لا تكون ، ولا يجوز ترك الفرض المتيقن للخوف المشكوك فيه .

                                                                                                                                                                                                              قلنا : ظاهر الآية يجوز له التيمم ; فليس لك في هذا القول أصل ترد إليه كلامك ; بل قد ناقضت ; فإنك قلت : إذا خاف التلف من البرد يتيمم ، فكما يبيح التيمم خوف التلف كذلك يبيحه له خوف المرض ; فإن المرض محذور ، كما أن التلف محذور ، وكذلك يقول : إذا خاف المريض من البرد يتيمم فكيف بزيادة المرض . ،

                                                                                                                                                                                                              وقد روى { جابر بن عبد الله قال : خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر في رأسه فشجه ثم احتلم ، فقال لأصحابه : هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا : ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء ; فاغتسل ، فمات ; فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك ، فقال : قتلوه ، قتلهم الله . ألا سألوا إذا لم يعلموا ، فإنما شفاء العي السؤال ; إنما كان يكفيه أن يتيمم ، أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده } . خرجه أبو داود وغيره . وعجبا للشافعي يقول : لو زاد الماء على قيمته حبة لم يلزم شراؤه صيانة للمال ; ويلزمه التيمم ، وهو يخاف على بدنه المرض ، وليس لهم عليه كلام يساوي سماعه .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية