الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب منه

                                                                                                          362 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا شبابة بن سوار عن شعبة عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدا قال أبو عيسى حديث عائشة حديث حسن صحيح غريب وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا صلى الإمام جالسا فصلوا جلوسا وروي عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه وأبو بكر يصلي بالناس فصلى إلى جنب أبي بكر والناس يأتمون بأبي بكر وأبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم وروي عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر قاعدا وروي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر وهو قاعد

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا شبابة ) بن سوار المدائني أصله من خراسان ، يقال كان اسمه مروان مولى بني فزارة ثقة حافظ رمي بالإرجاء من التاسعة مات سنة أربع أو خمس أو ست ومائتين ( عن نعيم ) بالتصغير ( بن أبي هند ) النعمان بن أشيم الأشجعي ثقة رمي بالنصب من الرابعة مات سنة 110 عشر ومائة ( عن أبي وائل ) اسمه شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي ثقة مخضرم ، مات في خلافة [ ص: 296 ] عمر بن عبد العزيز وله مائة سنة .

                                                                                                          قوله : ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدا ) فيه دليل على جواز صلاة القاعد لعذر خلف القائم قال الشوكاني : لا أعلم فيه خلافا .

                                                                                                          قوله : ( حديث عائشة حديث حسن صحيح غريب ) وأخرجه النسائي .

                                                                                                          قوله : ( وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا صلى الإمام جالسا فصلوا جلوسا ) رواه الشيخان ، وقد ذكرنا لفظه بتمامه في الباب المتقدم ( وروي عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه وأبو بكر يصلي بالناس فصلى إلى جنب أبي بكر والناس يأتمون بأبي بكر ، وأبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم ) رواه الشيخان عنها قالت : مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : مروا أبا بكر يصلي بالناس ، فخرج أبو بكر يصلي فوجد النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين ، فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن مكانك ، ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه عن يسار أبي بكر ، وكان أبو بكر يصلي قائما ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدا ، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس بصلاة أبي بكر . وللبخاري في رواية : فخرج يهادى بين رجلين في صلاة الظهر . ولمسلم : وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس وأبو بكر يسمعهم التكبير . فقوله : عن يسار أبي بكر فيه رد على القرطبي ، حيث قال : لم يقع في الصحيح بيان جلوسه صلى الله عليه وسلم هل كان عن يمين أبي بكر أو عن يساره ، وقوله يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إماما وأبو بكر مؤتما به . وقد اختلف في ذلك اختلافا شديدا كما قال الحافظ ، ففي رواية لأبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المقدم بين يدي أبي بكر ، وفي رواية لابن خزيمة في صحيحه عن عائشة أنها قالت : من الناس من يقول كان أبو بكر المقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم المقدم . وأخرج ابن المنذر من رواية مسلم بن إبراهيم عن شعبة بلفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر . وأخرج ابن حبان عنها بلفظ : كان أبو بكر يصلي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر . وأخرج الترمذي والنسائي وابن خزيمة [ ص: 297 ] عنها بلفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر . قال في الفتح : تضافرت الروايات عن عائشة بالجزم بما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام في تلك الصلاة ، ثم قال بعد أن ذكر الاختلاف : فمن العلماء من سلك الترجيح فقدم الرواية التي فيها أن أبا بكر كان مأموما للجزم بها في رواية أبي معاوية ، وهو أحفظ في حديث الأعمش من غيره ، ومنهم من عكس ذلك فقدم الرواية التي فيها أنه كان إماما ، ومنهم من سلك الجمع فحمل القصة على التعدد ، والظاهر من رواية حديث الباب المتفق عليها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إماما ، وأبو بكر مؤتما ; لأن الاقتداء المذكور المراد به الائتمام ، ويؤيد ذلك رواية مسلم بلفظ : وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس وأبو بكر يسمعهم التكبير .

                                                                                                          قوله : ( وروي عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر قاعدا ) أخرج الترمذي هذه الرواية في هذا الباب ( وروي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر وهو قاعد ) ذكر الترمذي إسناد هذا الحديث بعده فقال ( حدثنا بذلك ) أي بالحديث المذكور بغير السند .




                                                                                                          الخدمات العلمية