الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وتنعقد بأعرتك هذه الدار شهرا بكذا ) ; لأن العارية بعوض إجارة [ ص: 5 ] بخلاف العكس ( أو وهبتك ) أو أجرتك ( منافعها ) شهرا بكذا ; أفاد أن ركنها الإيجاب والقبول .

وشرطها كون الأجرة والمنفعة معلومتين ; لأن جهالتهما تفضي إلى المنازعة .

وحكمها وقوع الملك في البدلين ساعة فساعة وهل تنعقد بالتعاطي ؟ [ ص: 6 ] ظاهر الخلاصة نعم إن علمت المدة .

وفي البزازية إن قصرت نعم وإلا لا ( ويعلم النفع ببيان المدة كالسكنى والزراعة مدة كذا ) أي مدة كانت وإن طالت ولو مضافة كآجرتكها غدا وللمؤجر بيعها اليوم ، وتبطل الإجارة به يفتى خانية

التالي السابق


( قوله وتنعقد بأعرتك إلخ ) وبلفظ الصلح كما ذكره [ ص: 5 ] الحلواني .

والأظهر أنها تنعقد بلفظ البيع إذا وجد التوقيت وإليه رجع الكرخي كما في البحر ، لكن في الشرنبلالية جزم في البرهان بعدم الانعقاد فقال : لا تنعقد ببعت منفعتها ; لأن بيع المعدوم باطل ، فلا يصح تمليكا بلفظ البيع والشراء ا هـ ونقل مثله عن الخانية ( قوله بخلاف العكس ) يعني أن الإجارة بلا عوض لا تنعقد إعارة .

قال في البزازية : لو قال آجرتك منافعها سنة بلا عوض تكون إجارة فاسدة لا عارية ا هـ .

وفي المنح عن الخانية : لو قال آجرتك هذه الدار بغير عوض كانت إجارة فاسدة ولا تكون عارية ، كما لو قال : بعتك هذه العين بغير عوض كان باطلا أو فاسدا لا هبة ، ويخالفه ما في عارية البحر عن الخانية : آجرتك هذه الدار شهرا بلا عوض كانت إعارة ، ولو لم يقل شهرا لا تكون إعارة ا هـ .

قال في التتارخانية بل إجارة فاسدة ، وقد قيل بخلافه ا هـ ، وانظر ما قدمناه في العارية ( قوله منافعها شهرا بكذا ) تنازع في هذه المعمولات الثلاث الفعلان قبلها ، وما في المتن ذكره في البحر ، لكن ذكره بعده لو أضاف العقد إلى المنافع لا يجوز ، بأن قال آجرتك منافع هذه الدار شهرا بكذا وإنما يصح بإضافته إلى العين ا هـ وبينهما تناف ، لكن قال الرملي : ذكر في البزازية وكثير من الكتب قولين في المسألة ا هـ .

وفي الشرنبلالية عن البرهان : لا تنعقد بأجرت منفعتها ; لأنها معدومة ، وإنما تجوز بإيراد العقد على العين ولم يوجد .

وقيل تنعقد به ; لأنه أتى بالمقصود من إضافة الإجارة إلى العين ا هـ وظاهره ترجيح خلاف ما مشى عليه المصنف والشارح ، ولذا اقتصر عليه الزيلعي



( قوله أفاد أن ركنها الإيجاب والقبول ) أي بقوله هي تمليك أو بقوله وتنعقد تأمل ، ثم الكلام فيهما وفي صفتهما كالكلام فيهما في البيع بدائع : وفي تكملة الطوري عن التتارخانية ، وتنعقد أيضا بغير لفظ ، كما لو استأجر دارا سنة فلما انقضت المدة قال ربها للمستأجر فرغها لي اليوم وإلا فعليك كل شهر بألف فجعل بقدر ما ينقل متاعه بأجرة المثل ، فإن سكن شهرا فهي بما قال ا هـ



( قوله وشرطها إلخ ) هذا على أنواع : بعضها شرط الانعقاد ، وبعضها شرط النفاذ ، وبعضها شرط الصحة ، وبعضها شرط اللزوم ، وتفصيلها مستوفى في البدائع ولخصه ط عن الهندية ( قوله كون الأجرة والمنفعة معلومتين ) أما الأول فكقوله بكذا دراهم أو دنانير وينصرف إلى غالب نقد البلد ، فلو الغلبة مختلفة فسدت الإجارة ما لم يبين نقدا منها فلو كانت كيليا أو وزنيا أو عدديا متقاربا فالشرط بيان القدر والصفة وكذا مكان الإيفاء لو له حمل ومؤنة عنده ، وإلا فلا يحتاج إليه كبيان الأجل ، ولو كانت ثيابا أو عروضا فالشرط بيان الأجل والقدر والصفة لو غير مشار إليها ، ولو كانت حيوانا فلا يجوز إلا أن يكون معينا بحر ملخصا .

وأما الثاني فيأتي في المتن قريبا ( قوله ساعة فساعة ) ; لأن المنفعة عرض لا تبقى زمانين ، فإذا كان حدوثه كذلك فيملك بدله كذلك قصدا للتعادل ، لكن ليس له المطالبة إلا بمضي منفعة مقصودة كاليوم في الدار والأرض والمرحلة في الدابة كما سيأتي



( قوله وهل تنعقد بالتعاطي ) قال في الوهبانية : وقد جوزوها في القدور تعاطيا قال الشرنبلالي من الظهيرية : استأجر من آخر قدورا بغير [ ص: 6 ] أعيانها لا يجوز للتفاوت بينها صغرا وكبرا ، فلو قبلها المستأجر على الكراء الأول جاز وتكون هذه إجارة مبتدئة بالتعاطي ، وتخصيصه في النظم بالقدور اتباع للنقل وإلا فهو مطرد في غيرها .

ففي البزازية غير الإجارة الطويلة ينعقد بالتعاطي لا الطويلة ; لأن الأجرة غير معلومة ; لأنها تكون في سنة دانقا أو أقل أو أكثر ا هـ .

وفي التتارخانية عن التتمة : سألت أبا يوسف رحمه الله تعالى عن الرجل يدخل السفينة أو يحتجم أو يدخل الحمام أو يشرب الماء من السقاء ثم يدفع الأجرة وثمن الماء .

قال : يجوز استحسانا ولا يحتاج إلى العقد قبل ذلك ا هـ .

قلت : ومنه ما قدمناه عنها من انعقادها بغير لفظ ، وسيأتي في المتفرقات عن الأشباه السكوت في الإجارة رضا وقبول : وفي حاوي الزاهدي رامزا استأجر من القيم دارا وسكن فيها ثم بقي ساكنا في السنة الثانية بغير عقد وأخذ القيم شيئا من الأجرة فإنه ينعقد به في كل السنة لا في حصة ما أخذ فقط ا هـ ، ومثله في القنية في باب انقضاء الإجارة بعد انقضاء مدتها ووجوب الأجر بغير عقد حامدية ( قوله ظاهر الخلاصة نعم ) عبارتها كعبارة البزازية المذكورة آنفا ( قوله إن علمت المدة ) صوابه الأجرة .

قال في المنح بعد نقل ما في الخلاصة : ومفاده أن الأجرة إذا كانت معلومة في الإجارة الطويلة تنعقد بالتعاطي ; لأنه جعل العلة في عدم انعقادها كون الأجرة فيها غير معلومة ، والله تعالى أعلم ا هـ . ( قوله وفي البزازية ) يوهم أنه غير ما في الخلاصة مع أن عبارتها واحدة ، ثم إن الإجارة الطويلة على ما سيأتي بيانها الأجرة فيها معلومة لكنها فيما عدا السنة الأخيرة تكون بشيء يسير فتأمل



( قوله ببيان المدة ) ; لأنها إذا كانت معلومة كان قدر المنفعة معلوما ( قوله وإن طالت ) أي ولو كانت لا يعيشان إلى مثلها عادة ، واختاره الخصاف ، ومنعه بعضهم بحر .

وظاهر إطلاق المتون ترجيح الأول



( قوله وللمؤجر بيعها اليوم ) أي قبل مجيء وقتها بناء على أن المضافة تنعقد ولكنها غير لازمة وهو أحد تصحيحين .

وأيد عدم اللزوم بأن عليه الفتوى كما سيأتي في المتفرقات .

وفي البزازية : فإن جاء غد والمؤجر عاد إلى ملكه بسبب مستقبل لا تعود الإجارة ، وإن رد بعيب بقضاء أو رجع في الهبة عادت إن قبل مجيء الغد




الخدمات العلمية