الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ فروع ] كبر غير عالم بتكبير إمامه ، إن أكبر رأيه أنه كبر قبله لم يجز وإلا جاز محيط ; ولو أراد بتكبيره التعجب أو متابعة المؤذن لم يصر شارعا ، ويجزم الراء لقوله صلى الله عليه وسلم { الأذان جزم ، والإقامة جزم ، والتكبير جزم } منح ومر في الأذان ( و ) إنما ( يصير شارعا بالنية عند التكبير لا به ) وحده ولا بها وحدها بل بهما ( ولا يلزم العاجز عن النطق ) كأخرس وأمي ( تحريك لسانه ) وكذا في حق القراءة هو الصحيح [ ص: 482 ] لتعذر الواجب ، فلا يلزم غيره إلا بدليل فتكفي النية ، لكن ينبغي أن يشترط فيها القيام وعدم تقديمها لقيامها مقام التحريمة ولم أره . ثم في الأشباه في قاعدة التابع تابع فالمفتى به لزومه في تكبيره وتلبية لا قراءة

التالي السابق


( قوله وإلا جاز ) أي بأن كان أكبر رأيه أنه مع الإمام أو بعده أو لم يكن له رأي أصلا ، والجواز في الثالثة لحمل أمره على الصواب ، ولكن الأحوط كما في شرح المنية أن يكبر ثانيا ليقطع الشك باليقين . ووقع في الفتح هنا سهو نبه عليه في النهر ( قوله ولو أراد إلخ ) ذكر المسألة الأولى في ألغاز الأشباه ، والثانية ذكرها المصنف متنا في الذبائح ( قوله لم يصر شارعا ) لأن التعجب والإجابة أجنبيان عن الصلاة مفسدان لها ; ففي شرح الشيخ إسماعيل في مفسدات الصلاة : لو قال اللهم صل على محمد أو الله أكبر ، وأراد به الجواب تفسد صلاته بالإجماع ، ولو أجاب المؤذن تفسد أيضا ، وإن أذن في صلاته تفسد إذا أراد الأذان . ا هـ . ( قوله ويجزم الراء إلخ ) أي يسكنها . مطلب في حديث الأذان جزم

قال في الحلية : ثم اعلم أن المسنون جزم التكبير سواء كان للافتتاح أو في أثناء الصلاة ، قالوا : لحديث إبراهيم النخعي موقوفا عليه ومرفوعا { الأذان جزم ، والإقامة جزم ، والتكبير جزم } قال في الكافي : والمراد الإمساك عن إشباع الحركة والتعمق فيها والإضراب عن الهمز المفرط والمد الفاحش ، ثم الهاء ترفع بلا خلاف ، وأما الراء ففي المضمرات عن المحيط إن شاء بالرفع أو بالجزم . وفي المبتغى الأصل فيه الجزم ، لقوله صلى الله عليه وسلم { التكبير جزم ، والتسميع جزم } ا هـ ( قوله ومر في الأذان ) وقدمنا بقية الكلام عليه هناك فراجعه ( قوله وإنما يصير شارعا بالنية عند التكبير ) كذا في البحر عن حج الزيلعي والمراد بالتكبير مطلق الذكر .

والمعنى أن النية لما كانت شرطا لصحة الصلاة وكانت التحريمة شرطا أيضا على الصحيح وكانت النية سابقة على التحريمة مدامة إلى وجودها حقيقة أو حكما ، بأن عزبت عن قلبه ولم يوجد بعدها فاصل أجنبي ربما توهم أن الشروع يكون بها وحدها ، فبين أن الشروع إنما يكون بها عند وجود التحريمة ( قوله بل بهما ) أي إنه لما لم تستقل النية بكون الشروع بها وحدها بل توقف على التحريمة صار الشروع بهما لا بأحدهما كما أن المحرم بالحج . [ ص: 482 ] إذا نوى الحج لا يصير شارعا به ما لم يلب ، فلو نوى ولم يلب أو لبى ولم ينو لم يصر محرما فافهم ( قوله لتعذر الواجب ) وهو التحريك بلفظ التكبير والقراءة ( قوله لكن ينبغي إلخ ) بيانه أن النية إذا كانت تكفي عن التحريمة اقتضى ذلك قيام النية مقام التحريمة ، وإذا قامت مقامها لزم مراعاة شروط التحريمة في النية فيشترط في النية حينئذ القيام وعدم تقديمها لقيامها مقام التحريمة لا لذاتها لأن غير العاجز عن النطق لو نوى الصلاة قاعدا ثم قام وأحرم صح وكذا لو قدم النية ، كما قالوا : لو توضأ في بيته قاصدا الصلاة مع الجماعة ثم خرج ولم تحضره النية وقت الدخول مع الإمام صحت ما لم يوجد فاصل أجنبي من كلام ونحوه ، ويغتفر ذلك المشي ، هذا تقرير كلامه ، وهو متابع في هذا البحث لصاحب النهر ، وقد أقره المحشون ، ولا يخفى ما فيه فإن النية شرط مستقل والتحريمة شرط آخر كبقية الشروط ، وإذا سقط شرط لعذر واكتفى بما سواه من الشروط لا يلزم أن يكون قد أقيم شرط آخر مقامه لأن الشروط لا تنصب بالرأي ، ولذا قال تبعا لغيره : فلا يلزم غيره إلا بدليل .

وذلك كما إذا عجز عن القيام أو عن استعمال الماء أقيم القعود والتراب مقامهما للدليل ، بخلاف العجز عن ستر العورة فإنه لا دليل على إقامة شيء مقامه ، فسقط بالكلية واكتفى بما سواه . وإذا كان تحريك اللسان غير قائم مقام النطق لعدم الدليل فكيف تقام النية مقامه بلا دليل مع أن التحريك أقرب إلى النطق من النية ( قوله ثم في الأشباه ) أقول : عبارة الأشباه على ما رأيته في عدة نسخ : ومما خرج أي عن القاعدة الأخرس يلزمه تحريك اللسان في تكبيرة الافتتاح والتلبية على القول به ، وأما بالقراءة فلا على المختار . ا هـ . وفي بعض النسخ على المفتى به بدل قوله على القول به : والأولى أحسن ، لموافقتها لما ذكره صاحب الأشباه في بحره عند قوله فرضها التحريمة ، حيث نقل تصحيح عدم الوجوب في التحريمة وجزم به في المحيط ; ولكن يحتاج إلى الفرق بين التحريمة والتلبية ، فإنه نص محمد على أنه شرط في التلبية . وقال في المحيط : يستحب كما في الصلاة ، كذا في شرح لباب المناسك ، ثم قال قلت : فينبغي أن لا يلزمه في الحج بالأولى لأن القراءة فرض قطعي والتلبية أمر ظني




الخدمات العلمية