الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
شرح حديث: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا متفق عليه.

«الرحال»: جمع «رحلة» وهي كور البعير، والمراد: نفي فضيلة شدها ومربطها إلا إلى هذه المساجد الثلاثة. قيل: هذا نفي بمعنى النهي؛ أي: لا ترحلوا إلى غيرها؛ لأن ما سواها متساو في الرتبة، غير متفاوت في الفضيلة، وكان الترحل إليه ضائعا تعبا.

قال النووي في «شرح مسلم»: قال أبو محمد: يحرم شد الرحال إلى غير الثلاثة، وهو غلط، وفي «الإحياء»: ذهب بعض العلماء إلى الاستدلال به على المنع من الرحالة لزيارة المشاهد وقبور العلماء والصالحين، وما تبين لي: أن الأمر ليس كذلك، بل الزيارة مأمور بها، بخبر: كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها». والحديث إنما ورد نهيا عن الشد لغير الثلاثة من المساجد؛ لتماثلها، بل لا بلد إلا وفيه مسجد، فلا معنى للرحلة إلى مسجد آخر. وأما المشاهد، فلا تساوى، بل بركة زيارتها على قدر درجاتهم عند الله. ثم ليت شعري، هل يمنع ذلك القائل شد الرحال إلى قبور الأنبياء؛ كإبراهيم، وموسى ويحيى، والمنع من ذلك في غاية الإحالة، وإذا جوز ذلك لقبور الأنبياء، والأولياء في معناهم، فلا يبعد أن يكون ذلك من أغراض الرحلة؛ كما أن زيارة العلماء في الحياة من المقاصد، هكذا في هامش «المشكاة».

[ ص: 545 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية