nindex.php?page=treesubj&link=28914كاد .
وللنحويين فيها أربعة مذاهب :
- ( أحدها ) : أن إثباتها إثبات ونفيها نفي كغيرها من الأفعال .
- ( والثاني ) أنها تفيد الدلالة على وقوع الفعل بعسر ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني .
- ( والثالث ) أن إثباتها نفي ونفيها إثبات ، فإذا قيل : كاد يفعل ، فمعناه أنه لم يفعله ، بدليل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وإن كادوا ليفتنونك ) ( الإسراء : 73 ) ، وإذا قيل لم يكد يفعل ، فمعناه أنه فعله بدليل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71وما كادوا يفعلون ) ( البقرة : 71 ) .
- ( والرابع ) التفصيل في النفي بين المضارع والماضي ، فنفي المضارع نفي ، ونفي الماضي إثبات بدليل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فذبحوها وما كادوا يفعلون ) ( البقرة : 71 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40لم يكد يراها ) ( النور : 40 ) مع أنه لم ير شيئا ، وهذا حكاه
ابن أبي الربيع في شرح الجمل ، وقال : إنه الصحيح .
والمختار هو الأول ، وذلك لأن معناها المقاربة ، فمعنى كاد يفعل : قارب الفعل ، ومعنى ما كاد يفعل : لم يقاربه . فخبرها منفي دائما . أما إذا كانت منفية فواضح لأنه إذا انتفت مقاربة الفعل اقتضى عقلا عدم حصوله ، ويدل له قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إذا أخرج يده لم يكد يراها ) ( النور : 40 ) ولهذا كان أبلغ من قوله : لم يرها ، لأن من لم ير قد يقارب الرؤية .
[ ص: 121 ] وأما إذا كانت المقاربة منفية فلأن الإخبار بقرب الشيء يقتضي عرفا عدم حصوله ، وإلا لم يتجه الإخبار بقربه ، فأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فذبحوها وما كادوا يفعلون ) ( البقرة : 71 ) فإنها منفية مع إثبات الفعل لهم في قوله : فذبحوها
ووجهه أيضا إخبار عن حالهم في أول الأمر ، فإنهم كانوا أولا بعداء من ذبحها ، بدليل ما ذكر الله عنهم من تعنتهم ، وحصول الفعل إنما فهمناه من دليل آخر ، وهو قوله : " فذبحوها " .
والأقرب أن يقال : إن النفي وارد على الإثبات ، وإثبات هذا إنما هو قارب الفعل بنفسه لم يقارب ، وإذا لم يقارب فهو لم يفعله بعد ، والمعنى هنا : " وما كادوا يفعلون الذبح قبل ذلك " لأنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=67أتتخذنا هزوا ) ( البقرة : 67 ) وغير ذلك من التشديد .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ) ( الإسراء : 74 ) فالمعنى على النفي ، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يركن إليهم لا قليلا ولا كثيرا ، من جهة أن لولا الامتناعية تقتضي ذلك ، وأنه امتنع مقاربة الركون القليل لأجل وجود التثبيت لينتفي الكثير من طريق الأولى .
وتأمل كيف جاء " كاد " المقتضية المقاربة للفعل ، ونقل الظاهرة في التقليل ، كل ذلك تعظيما لشأن النبي صلى الله عليه وسلم ، وما جبلت عليه نفسه الزكية من كونه لا يكاد يركن إليهم شيئا قليلا ولا كثيرا للتثبيت مع ما جبلت عليه .
هكذا ينبغي أن يفهم معنى هذه الآية خلافا لما وقع في كتب التفسير من
ابن عطية وغيره ، فهم عن هذا المعنى اللطيف بمعزل .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=15194الشريف الرضي في كتاب الغرر ثلاثة أقوال في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40لم يكد يراها ) ( النور : 40 ) .
الأول : أنها دالة على الرؤية بعسر ، أي رأها بعد عسر وبطء لتكاثف الظلم .
[ ص: 122 ] والثاني : أنها زائدة والكلام على النفي المحض ، ونقله عن أكثر المفسرين ، أي لم يرها أصلا ، لأن هذه الظلمات تحول بين العين وبين النظر إلى البدن وسائر المناظر .
والثالث : أنها بمعنى أراد من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=76كدنا ليوسف ) ( يوسف : 76 ) أي لم يرد أن يراها .
وذكر غيره أن التقدير : إذا أخرج يده ممتحنا لبصره لم يكد يخرجها ، و " يراها " صفة للظلمات ، تقديره : ظلمات بعضها فوق بعض يراها . وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى ) ( طه : 15 ) فيحتمل أن المعنى : أريد أخفيها لكي تجزى كل نفس بسعيها . ويجوز أن تكون زائدة أي أخفيها لتجزى .
( وقيل ) : تم الكلام عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15آتية أكاد ) والمعنى : أكاد آتي بها ، ثم ابتدأ بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أخفيها لتجزى ) . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ( أكاد أخفيها ) بفتح الألف أي أظهرها ، يقال : أخفيت الشيء إذا سترته وإذا أظهرته .
وقراءة الضم تحتمل الأمرين ، وقراءة الفتح لا تحتمل غير الإظهار ، ومعنى سترتها لأجل الجزاء ; لأنه إذا أخفى وقتها قويت الدواعي على التأهب لها خوف المجيء بغتة .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35يكاد زيتها يضيء ) ( النور : 35 ) فلم يثبت للزيت الضوء ، وإنما أثبت له المقاربة من الضوء قبل أن تمسه النار ، ثم أثبت النور بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35نور على نور ) ( النور : 35 ) فيؤخذ منه أن النور دون الضوء لا نفسه .
فإن قلت : ظاهره أن المراد : يكاد يضيء ، مسته النار أو لم تمسه ، فيعطي ذلك
[ ص: 123 ] أنه مع أن مساس النار لا يضيء ، ولكن يقارب الإضاءة ، لكن الواقع أنه عند المساس يضيء قطعا ، أجيب بأن الواو ليست عاطفة ، وإنما هي للحال ، أي يكاد يضيء ، والحال أنه لم تمسه نار ، فيفهم منه أنها لو مسته لأضاء قطعا
nindex.php?page=treesubj&link=28914كَادَ .
وَلِلنَّحْوِيِّينَ فِيهَا أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ :
- ( أَحَدُهَا ) : أَنَّ إِثْبَاتَهَا إِثْبَاتٌ وَنَفْيَهَا نَفْيٌ كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَفْعَالِ .
- ( وَالثَّانِي ) أَنَّهَا تُفِيدُ الدَّلَالَةَ عَلَى وُقُوعِ الْفِعْلِ بِعُسْرٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنِ جِنِّي .
- ( وَالثَّالِثُ ) أَنَّ إِثْبَاتَهَا نَفْيٌ وَنَفْيَهَا إِثْبَاتٌ ، فَإِذَا قِيلَ : كَادَ يَفْعَلُ ، فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ) ( الْإِسْرَاءِ : 73 ) ، وَإِذَا قِيلَ لَمْ يَكَدْ يَفْعَلُ ، فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ) ( الْبَقَرَةِ : 71 ) .
- ( وَالرَّابِعُ ) التَّفْصِيلُ فِي النَّفْيِ بَيْنَ الْمُضَارِعِ وَالْمَاضِي ، فَنَفْيُ الْمُضَارِعِ نَفْيٌ ، وَنَفْيُ الْمَاضِي إِثْبَاتٌ بِدَلِيلٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ) ( الْبَقَرَةِ : 71 ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ) ( النُّورِ : 40 ) مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ شَيْئًا ، وَهَذَا حَكَاهُ
ابْنُ أَبِي الرَّبِيعِ فِي شَرْحِ الْجُمَلِ ، وَقَالَ : إِنَّهُ الصَّحِيحُ .
وَالْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْمُقَارَبَةُ ، فَمَعْنَى كَادَ يَفْعَلُ : قَارَبَ الْفِعْلَ ، وَمَعْنَى مَا كَادَ يَفْعَلُ : لَمْ يُقَارِبْهُ . فَخَبَرُهَا مَنْفِيٌّ دَائِمًا . أَمَّا إِذَا كَانَتْ مَنْفِيَّةً فَوَاضِحٌ لِأَنَّهُ إِذَا انْتَفَتْ مُقَارَبَةُ الْفِعْلِ اقْتَضَى عَقْلًا عَدَمَ حُصُولِهِ ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ) ( النُّورِ : 40 ) وَلِهَذَا كَانَ أَبْلَغَ مِنْ قَوْلِهِ : لَمْ يَرَهَا ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَرَ قَدْ يُقَارِبُ الرُّؤْيَةَ .
[ ص: 121 ] وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْمُقَارَبَةُ مَنْفِيَّةً فَلِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِقُرْبِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي عُرْفًا عَدَمَ حُصُولِهِ ، وَإِلَّا لَمْ يَتَّجِهِ الْإِخْبَارُ بِقُرْبِهِ ، فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ) ( الْبَقَرَةِ : 71 ) فَإِنَّهَا مَنْفِيَّةٌ مَعَ إِثْبَاتِ الْفِعْلِ لَهُمْ فِي قَوْلِهِ : فَذَبَحُوهَا
وَوَجْهُهُ أَيْضًا إِخْبَارٌ عَنْ حَالِهِمْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَوَّلًا بُعَدَاءَ مِنْ ذَبْحِهَا ، بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَنْ تَعَنُّتِهِمْ ، وَحُصُولُ الْفِعْلِ إِنَّمَا فَهِمْنَاهُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : " فَذَبَحُوهَا " .
وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ النَّفْيَ وَارِدٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ ، وَإِثْبَاتُ هَذَا إِنَّمَا هُوَ قَارَبَ الْفِعْلَ بِنَفْسِهِ لَمْ يُقَارِبْ ، وَإِذَا لَمْ يُقَارِبْ فَهُوَ لَمْ يَفْعَلْهُ بَعْدُ ، وَالْمَعْنَى هُنَا : " وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ الذَّبْحَ قَبْلَ ذَلِكَ " لِأَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=67أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ) ( الْبَقَرَةِ : 67 ) وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّشْدِيدِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) ( الْإِسْرَاءِ : 74 ) فَالْمَعْنَى عَلَى النَّفْيِ ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْكَنْ إِلَيْهِمْ لَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ لَوْلَا الِامْتَنَاعِيَّةَ تَقْتَضِي ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ امْتَنَعَ مُقَارَبَةُ الرُّكُونِ الْقَلِيلِ لِأَجْلِ وُجُودِ التَّثْبِيتِ لِيَنْتَفِيَ الْكَثِيرُ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى .
وَتَأَمَّلْ كَيْفَ جَاءَ " كَادَ " الْمُقْتَضِيَةُ الْمُقَارَبَةَ لِلْفِعْلِ ، وَنَقْلَ الظَّاهِرَةِ فِي التَّقْلِيلِ ، كُلُّ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِشَأْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ الزَّكِيَّةُ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَكَادُ يَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا لِلتَّثْبِيتِ مَعَ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ .
هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ مِنِ
ابْنِ عَطِيَّةَ وَغَيْرِهِ ، فَهُمْ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى اللَّطِيفِ بِمَعْزِلٍ .
وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=15194الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ فِي كِتَابِ الْغُرَرِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ) ( النُّورِ : 40 ) .
الْأَوَّلُ : أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى الرُّؤْيَةِ بِعُسْرٍ ، أَيْ رَأَهَا بَعْدَ عُسْرٍ وَبُطْءٍ لِتَكَاثُفِ الظُّلَمِ .
[ ص: 122 ] وَالثَّانِي : أَنَّهَا زَائِدَةٌ وَالْكَلَامُ عَلَى النَّفْيِ الْمَحْضِ ، وَنَقَلَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ ، أَيْ لَمْ يَرَهَا أَصْلًا ، لِأَنَّ هَذِهِ الظُّلُمَاتِ تَحُولُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَبَيْنَ النَّظَرِ إِلَى الْبَدَنِ وَسَائِرِ الْمَنَاظِرِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهَا بِمَعْنَى أَرَادَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=76كِدْنَا لِيُوسُفَ ) ( يُوسُفَ : 76 ) أَيْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَرَاهَا .
وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ : إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ مُمْتَحِنًا لِبَصَرِهِ لَمْ يَكَدْ يُخْرِجْهَا ، وَ " يَرَاهَا " صِفَةٌ لِلظُّلُمَاتِ ، تَقْدِيرُهُ : ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ يَرَاهَا . وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى ) ( طه : 15 ) فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى : أُرِيدُ أُخْفِيهَا لِكَيْ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِسَعْيِهَا . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً أَيْ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى .
( وَقِيلَ ) : تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15آتِيَةٌ أَكَادُ ) وَالْمَعْنَى : أَكَادُ آتِي بِهَا ، ثُمَّ ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أُخْفِيهَا لِتُجْزَى ) . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ( أَكَادُ أَخْفِيهَا ) بِفَتْحِ الْأَلِفِ أَيْ أُظْهِرُهَا ، يُقَالُ : أَخْفَيْتُ الشَّيْءَ إِذَا سَتَرْتُهُ وَإِذَا أَظْهَرْتُهُ .
وَقِرَاءَةُ الضَّمِّ تَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ ، وَقِرَاءَةُ الْفَتْحِ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَ الْإِظْهَارِ ، وَمَعْنَى سَتَرْتُهَا لِأَجْلِ الْجَزَاءِ ; لِأَنَّهُ إِذَا أَخْفَى وَقْتَهَا قَوِيَتِ الدَّوَاعِي عَلَى التَّأَهُّبِ لَهَا خَوْفَ الْمَجِيءِ بَغْتَةً .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ) ( النُّورِ : 35 ) فَلَمْ يُثْبِتْ لِلزَّيْتِ الضَّوْءَ ، وَإِنَّمَا أَثْبَتَ لَهُ الْمُقَارَبَةَ مِنَ الضَّوْءِ قَبْلَ أَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ ، ثُمَّ أَثْبَتَ النُّورَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35نُورٌ عَلَى نُورٍ ) ( النُّورِ : 35 ) فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ النُّورَ دُونَ الضَّوْءِ لَا نَفْسُهُ .
فَإِنْ قُلْتَ : ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ : يَكَادُ يُضِيءُ ، مَسَّتْهُ النَّارُ أَوْ لَمْ تَمَسَّهُ ، فَيُعْطِي ذَلِكَ
[ ص: 123 ] أَنَّهُ مَعَ أَنَّ مِسَاسَ النَّارِ لَا يُضِيءُ ، وَلَكِنْ يُقَارِبُ الْإِضَاءَةَ ، لَكِنَّ الْوَاقِعَ أَنَّهُ عِنْدَ الْمِسَاسِ يُضِيءُ قَطْعًا ، أُجِيبُ بِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ عَاطِفَةً ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلْحَالِ ، أَيْ يَكَادُ يُضِيءُ ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تَمَسَّهُ نَارٌ ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ مَسَّتْهُ لَأَضَاءَ قَطْعًا