الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أزاح شبه جميع المخالفين من سائر الفرق: اليهود؛ والنصارى؛ والمنافقين؛ وأقام الحجة عليهم؛ وأقام الأدلة القاطعة على حشر جميع المخلوقات؛ فثبت أنهم كلهم عبيده; عم في الإرشاد؛ لطفا منه بهم؛ فقال: يا أيها الناس ؛ أي: كافة؛ أهل الكتاب وغيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان السامع جديرا بأن يكون قد شرح صدرا بقواطع الأدلة بكلام وجيز؛ جامع؛ قال: قد جاءكم برهان ؛ أي: حجة نيرة؛ واضحة؛ مفيدة لليقين التام؛ وهو رسول مؤيد بالأدلة القاطعة من المعجزات؛ وغيرها؛ من ربكم ؛ أي: المحسن إليكم بإرسال الذي لم تروا قط إحسانا إلا منه.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان القرآن صفة الرحمن؛ أتى بمظهر العظمة؛ فقال: وأنـزلنا ؛ أي: بما لنا من العظمة؛ والقدرة؛ والعلم؛ والحكمة؛ على الرسول الموصوف؛ منتهيا إليكم نورا مبينا ؛ أي: واضحا في نفسه؛ موضحا لغيره؛ وهو هذا القرآن الجامع بإعجازه؛ وحسن بيانه؛ بين تحقيق النقل؛ وتبصير العقل؛ فلم يبق لأحد من المدعوين به نوع عذر؛ والحاصل أنه - سبحانه - لما خلق للآدمي عقلا؛ وأسكنه نورا لا يضل؛ ولا يميل؛ مهما جرد؛ [ ص: 527 ] ولكنه - سبحانه - حفه بالشهوات؛ والحظوظ؛ والملل؛ والفتور؛ فكان في أغلب أحواله قاصرا؛ إلا الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -؛ ومن ألحقه - سبحانه - بهم; أنزل كتبه بذلك العقل مجردا عن كل عائق؛ وأمرهم أن يجعلوا عقولهم تابعة له؛ منقادة به؛ لأنها مشوبة؛ وهو مجرد؛ لا شوب فيه بوجه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية