397 [ ص: 251 ] ( 22 ) باب ما جاء في الصلاة على النبي .
370 - ذكر فيه مالك حديث أنهم أبي حميد الساعدي محمد وأزواجه وذريته . . . . . الحديث . قالوا : يا رسول الله ، كيف نصلي عليك ؟ فقال : قولوا : اللهم صل على
ذكره عن ، عن أبيه ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عمرو بن سليم الزرقي ، أنه قال : أخبرني أنهم أبو حميد الساعدي محمد وأزواجه وذريته ، الحديث . قالوا : يا رسول الله ، كيف نصلي عليك ؟ فقال : قولوا : اللهم صل على
371 - وحديث واسمه أبي مسعود الأنصاري عقبة بن [ ص: 252 ] عمرو بمعناه إلا أنه قال : محمد وعلى آل محمد .
ذكره أيضا عن قولوا : اللهم صل على ، عن نعيم بن عبد الله المجمر محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري أنه أخبره عن . . . . . فذكر الحديث . أبي مسعود الأنصاري
التالي
السابق
8857 - وقد ذكرنا في التمهيد الرواية عن أبي مسعود أنه قال : إن الله وملائكته يصلون على النبي " [ الأحزاب : 56 ] قالوا يا رسول الله : قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة . . . . . . . . وذكر الحديث . لما [ ص: 253 ] نزلت "
8858 - وفي هذين الحديثين من الفقه : أنه يلزم من ، ألا يقطع منهما على وجه حتى يقف على المراد إن وجد إلى ذلك سبيلا . ورد عليه خبر محتمل لوجه أو لوجهين في الكتاب أو السنة
8859 - ألا ترى إلى قول وغيره . سعد بن عبادة
؟ . أمرنا الله أن نصلي عليك ، فكيف نصلي عليك
8860 - وهذا - والله أعلم - لما يحتمله لفظ الصلاة من المعاني . وقد بيناها فيما تقدم من هذا الكتاب .
8861 - وقد اختلف الناس في أقل ما يقع عليه الاسم ؟ . فيما لم يرد به التوقيف ، هل العموم أولى بذلك أم الخصوص
8862 - وذلك سبق في كتاب " الأصول " والحمد لله .
8863 - وهذا الحديث يخرج في التفسير المسند ، ويبين قول الله تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبي " [ الأحزاب : 56 ] الآية ، فبين لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف الصلاة عليه ، وبين لهم في التشهد كيف السلام عليه ، وهو قوله عليه السلام : " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " . وهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - " " . والسلام كما قد علمتم
[ ص: 254 ] 8864 - ويشهد لما قلنا : قول ابن عباس : وابن مسعود كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن .
8865 - وقال : ابن عمر . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد
8866 - وفي بعض الروايات عنه : على المنبر ، كما يعلم المكتب الولدان .
8867 - وذكر أبو بكر ، قال : حدثنا ، عن ابن علية خالد بن الغلام المتوكل ، قال : سمعت يقول : أبا سعيد الخدري . كنا لا نكتب شيئا إلا القرآن والتشهد
8868 - وقد قيل : إنه التسليم من الصلاة الذي هو تحليلها .
[ ص: 255 ] 8869 - وقال بعض أهل العلم : إن قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ومن روى مثل روايته : " ابن مسعود محمد وعلى آل محمد " كلام مجمل محتمل للتأويل يفسره قوله في حديث اللهم صل على ومن تابعه : أبي حميد الساعدي محمد وعلى أزواجه وذريته ; لأن لفظ الآل محتمل لوجوه من الأهل ، ومنها الأتباع كما قال تعالى : " اللهم صل على أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " [ غافر : 46 ] أي أتباعه ، فبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الآل هنا الأهل ، وأن ما أجمله مرة فسره أخرى ، وأوقف على أن الأهل أزواجه وذريته ، ويدخل في قوله آل إبراهيم إبراهيم ، وفي آل محمد محمدا - صلى الله عليهما - ، كأنه قال : إبراهيم وآله . ألا ترى إلى قوله تعالى : " أدخلوا آل فرعون " يدخل فيه فرعون .
8870 - هذا ما يوحيه تهذيب الأحاديث وترتيبها ، والله ولي التوفيق لا شريك له .
8871 - وأجمع العلماء على أن ; لقوله - عز وجل - " الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض على كل مؤمن ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " [ الأحزاب : 56 ] [ ص: 256 ] 8872 - ثم اختلفوا في كيفية ذلك وموضعه :
8873 - فذهب مالك وأصحابه ، وأبو حنيفة ، إلى أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض في الجملة بعقد الإيمان ، ولا يتعين في الصلاة ولا في وقت من الأوقات .
8874 - ومن قول بعضهم : أن من صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة واحدة في عمره فقد سقط فرض ذلك عنه ، وبقي مندوبا إليه من عمره بمقدار ما يمكنه .
8875 - وروي عن مالك ، وأبي حنيفة ، ، والثوري ، أنهم قالوا : الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مستحب في التشهد الآخر ، مندوب إليها ، وتاركها مسيء ومع ذلك فصلاة من لم يفعل ذلك تامة . والأوزاعي
8876 - حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن عبد السلام ، قال : حدثنا ابن أبي عمر سفيان ، عن زائدة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : كانوا يرون حين فرض الله الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " فكانوا يرون أن التشهد كاف من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
8877 - وقال : إذا لم يصل المصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الآخر بعد التشهد وقبل التسليم أعاد الصلاة . الشافعي
8878 - قال : وإن صلى عليه قبل ذلك لم يجزئه .
8879 - وهذا قول حكاه عنه حرملة ، لا يكاد يؤخذ عنه إلا من رواية حرملة ، وغير حرملة ، إنما يروى عنه أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض في كل صلاة وموضعها التشهد الآخر قبل التسليم ، ولم يذكروا إعادة فيمن وضعها قبل التشهد في الجلسة [ ص: 257 ] الآخرة إلا أن أصحابه قد تقلدوا رواية حرملة ، ومالوا إليها ، وناظروا عليها .
8880 - ومن حجة من قال : إن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ليست من فرائض الصلاة ، حديث ابن مسعود " . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيده فعلمه التشهد إلى : وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وقال له : " فإذا قلت ذلك فقد قضيت الصلاة ، فإن شئت أن تقوم وإن شئت أن تقعد
8881 - وقد ذكرناه بإسناده وتمام ألفاظه في التمهيد .
8882 - وليس في هذا الحديث ذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد ، وكذلك سائر الآثار عن وغيره في التشهد ، ليس في شيء منها ذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - . 8883 - وفي حديث ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضالة بن عبيد . سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا صلى أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي ثم يدعو بما شاء
8884 - ولم يأمر بإعادة ، ولو كان ذلك فرضا لأمره بالإعادة كما فعل بالذي لم يكمل ركوعه ولا سجوده .
8885 - وحجة ومن قال بقوله في هذه المسألة أن الله - عز وجل - أمرنا بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن نسلم عليه تسليما ، ثم جاء الأمر منه عليه السلام [ ص: 258 ] بالتشهد فعلمهم فيه كيف يسلمون عليه تسليما بقوله : الشافعي . السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
8886 - ، وقال لهم : إنه يقال في الصلاة لا في غيرها . وكان يعلم أصحابه التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن
8887 - وقالوا له : قد علمنا السلام عليك - في التشهد يعنون - فكيف الصلاة عليك ؟ .
8888 - فعلمهم الصلاة عليه ، وقال لهم : السلام كما قد علمتم ، فدلهم على أن ذلك قرين التشهد في الصلاة .
8889 - قالوا : وقد وجدنا الأمة بأجمعها تفعل الأمرين جميعا في صلاتها ، فلا يجوز أن يفرق بينها ولا تتم الصلاة إلا بهما ، وأراه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وسائر المسلمين ، قولا وعملا .
8890 - قالوا : وليس في حديث حجة ; لأنه حديث خرج على معنى في التشهد كانوا يقولون ، فقال لهم : لا تقولوا ، وقولوا كذا . ابن مسعود
8891 - ومعنى قوله فيه : فإذا قلت كذلك فقد تمت صلاتك ، يعني إذا ضم إلى ذلك القول غيره من التسليم الذي به يسد الخلل منها ، وكذلك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
8892 - وهذا مثل قوله - عليه السلام - : " " يعني : إذا ضم إليهم من سمي معهم في القرآن . أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها على فقرائكم
[ ص: 259 ] 8893 - وكذلك حديث ، أبي هريرة ورفاعة بن رافع ، في يعني : إذا ضم إليه فيها ما لا بد منه فيها من القراءة والتسليم ، وما أشبه ذلك . الذي لم يكمل [ ص: 260 ] صلاته فعلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال له : " إذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك "
8894 - وإذا جاز لمستدل أن يستدل على ظواهر أحاديث التشهد وما أشبهها بحديث : " " ، جاز لغيره أن يستدل على إيجاب تحليلها التسليم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة بما وصفنا وببعضه ، وبالله التوفيق .
8895 - قالوا : وأبو مسعود هو الذي يروي الحديث في هذا الباب ، وهو القائل : ما أرى أن صلاة لي تمت إذا لم أصل فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 261 ] 8896 - وقد ذكرنا إسناده في التمهيد ، وذكرنا حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " سهل بن سعد " . لا صلاة لمن لم يصل فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم -
8897 - روى حديث أبي مسعود جابر الجعفي .
8898 - وجابر الجعفي وإن كان قد طعن عليه قوم منهم ، فقد أثنى عليه ابن عيينة سفيان وشعبة وغيرهما ، ووصفوا بالحفظ والإتقان لما روى .
8899 - ومن حجة أيضا ما رواه الشافعي ، عن ابن عيينة منصور ، قال : لما أنزل الله تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " [ الأحزاب : 56 ] فافترض الله على عباده الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والتسليم ، علمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التشهد : . السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
8900 - هذا كله ما احتج به وأصحابه لمذهبهم في إيجاب الصلاة على النبي - عليه السلام - في الصلاة . الشافعي
8901 - قال أبو عمر : الأصل أن الفرائض لا تثبت إلا بدليل لا معارض له ، أو بإجماع لا مخالف فيه ، وذلك معدوم من هذه المسألة ، إلا أني رأيت الفقهاء وأصحابهم إذا قام لأحدهم دليل من كتاب أو سنة ، أوجبوا به واستقصوا في موضع الخلاف .
8902 - وحجة أصحاب فيها ضعيفة ، ولست أوجب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرضا في كل صلاة ، ولكن لا أحب لأحد تركها ، وبالله التوفيق . الشافعي
[ ص: 262 ] 8903 - قال أبو عمر : رويت الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق متواترة بألفاظ متقاربة ليس في شيء منها : وارحم محمدا وآل محمد ، وإنما فيها كلها لفظ الصلاة والبركة لا غير ، قوله : محمد ، وليس في شيء منها وارحم اللهم صل على محمدا ، فلا أحب أحدا أن يقوله ; لأن الصلاة وإن كانت من الله الرحمة ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - خص بهذا اللفظ ، وذلك والله أعلم من معنى قول الله - عز وجل - " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " [ النور : 63 ] .
8904 - ولهذا أنكر العلماء على يحيى بن يحيى ومن تابعه في الرواية عن مالك في " الموطأ " .
8858 - وفي هذين الحديثين من الفقه : أنه يلزم من ، ألا يقطع منهما على وجه حتى يقف على المراد إن وجد إلى ذلك سبيلا . ورد عليه خبر محتمل لوجه أو لوجهين في الكتاب أو السنة
8859 - ألا ترى إلى قول وغيره . سعد بن عبادة
؟ . أمرنا الله أن نصلي عليك ، فكيف نصلي عليك
8860 - وهذا - والله أعلم - لما يحتمله لفظ الصلاة من المعاني . وقد بيناها فيما تقدم من هذا الكتاب .
8861 - وقد اختلف الناس في أقل ما يقع عليه الاسم ؟ . فيما لم يرد به التوقيف ، هل العموم أولى بذلك أم الخصوص
8862 - وذلك سبق في كتاب " الأصول " والحمد لله .
8863 - وهذا الحديث يخرج في التفسير المسند ، ويبين قول الله تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبي " [ الأحزاب : 56 ] الآية ، فبين لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف الصلاة عليه ، وبين لهم في التشهد كيف السلام عليه ، وهو قوله عليه السلام : " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " . وهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - " " . والسلام كما قد علمتم
[ ص: 254 ] 8864 - ويشهد لما قلنا : قول ابن عباس : وابن مسعود كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن .
8865 - وقال : ابن عمر . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد
8866 - وفي بعض الروايات عنه : على المنبر ، كما يعلم المكتب الولدان .
8867 - وذكر أبو بكر ، قال : حدثنا ، عن ابن علية خالد بن الغلام المتوكل ، قال : سمعت يقول : أبا سعيد الخدري . كنا لا نكتب شيئا إلا القرآن والتشهد
8868 - وقد قيل : إنه التسليم من الصلاة الذي هو تحليلها .
[ ص: 255 ] 8869 - وقال بعض أهل العلم : إن قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ومن روى مثل روايته : " ابن مسعود محمد وعلى آل محمد " كلام مجمل محتمل للتأويل يفسره قوله في حديث اللهم صل على ومن تابعه : أبي حميد الساعدي محمد وعلى أزواجه وذريته ; لأن لفظ الآل محتمل لوجوه من الأهل ، ومنها الأتباع كما قال تعالى : " اللهم صل على أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " [ غافر : 46 ] أي أتباعه ، فبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الآل هنا الأهل ، وأن ما أجمله مرة فسره أخرى ، وأوقف على أن الأهل أزواجه وذريته ، ويدخل في قوله آل إبراهيم إبراهيم ، وفي آل محمد محمدا - صلى الله عليهما - ، كأنه قال : إبراهيم وآله . ألا ترى إلى قوله تعالى : " أدخلوا آل فرعون " يدخل فيه فرعون .
8870 - هذا ما يوحيه تهذيب الأحاديث وترتيبها ، والله ولي التوفيق لا شريك له .
8871 - وأجمع العلماء على أن ; لقوله - عز وجل - " الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض على كل مؤمن ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " [ الأحزاب : 56 ] [ ص: 256 ] 8872 - ثم اختلفوا في كيفية ذلك وموضعه :
8873 - فذهب مالك وأصحابه ، وأبو حنيفة ، إلى أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض في الجملة بعقد الإيمان ، ولا يتعين في الصلاة ولا في وقت من الأوقات .
8874 - ومن قول بعضهم : أن من صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة واحدة في عمره فقد سقط فرض ذلك عنه ، وبقي مندوبا إليه من عمره بمقدار ما يمكنه .
8875 - وروي عن مالك ، وأبي حنيفة ، ، والثوري ، أنهم قالوا : الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مستحب في التشهد الآخر ، مندوب إليها ، وتاركها مسيء ومع ذلك فصلاة من لم يفعل ذلك تامة . والأوزاعي
8876 - حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن عبد السلام ، قال : حدثنا ابن أبي عمر سفيان ، عن زائدة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : كانوا يرون حين فرض الله الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " فكانوا يرون أن التشهد كاف من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
8877 - وقال : إذا لم يصل المصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الآخر بعد التشهد وقبل التسليم أعاد الصلاة . الشافعي
8878 - قال : وإن صلى عليه قبل ذلك لم يجزئه .
8879 - وهذا قول حكاه عنه حرملة ، لا يكاد يؤخذ عنه إلا من رواية حرملة ، وغير حرملة ، إنما يروى عنه أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض في كل صلاة وموضعها التشهد الآخر قبل التسليم ، ولم يذكروا إعادة فيمن وضعها قبل التشهد في الجلسة [ ص: 257 ] الآخرة إلا أن أصحابه قد تقلدوا رواية حرملة ، ومالوا إليها ، وناظروا عليها .
8880 - ومن حجة من قال : إن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ليست من فرائض الصلاة ، حديث ابن مسعود " . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيده فعلمه التشهد إلى : وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وقال له : " فإذا قلت ذلك فقد قضيت الصلاة ، فإن شئت أن تقوم وإن شئت أن تقعد
8881 - وقد ذكرناه بإسناده وتمام ألفاظه في التمهيد .
8882 - وليس في هذا الحديث ذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد ، وكذلك سائر الآثار عن وغيره في التشهد ، ليس في شيء منها ذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - . 8883 - وفي حديث ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضالة بن عبيد . سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا صلى أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي ثم يدعو بما شاء
8884 - ولم يأمر بإعادة ، ولو كان ذلك فرضا لأمره بالإعادة كما فعل بالذي لم يكمل ركوعه ولا سجوده .
8885 - وحجة ومن قال بقوله في هذه المسألة أن الله - عز وجل - أمرنا بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن نسلم عليه تسليما ، ثم جاء الأمر منه عليه السلام [ ص: 258 ] بالتشهد فعلمهم فيه كيف يسلمون عليه تسليما بقوله : الشافعي . السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
8886 - ، وقال لهم : إنه يقال في الصلاة لا في غيرها . وكان يعلم أصحابه التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن
8887 - وقالوا له : قد علمنا السلام عليك - في التشهد يعنون - فكيف الصلاة عليك ؟ .
8888 - فعلمهم الصلاة عليه ، وقال لهم : السلام كما قد علمتم ، فدلهم على أن ذلك قرين التشهد في الصلاة .
8889 - قالوا : وقد وجدنا الأمة بأجمعها تفعل الأمرين جميعا في صلاتها ، فلا يجوز أن يفرق بينها ولا تتم الصلاة إلا بهما ، وأراه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وسائر المسلمين ، قولا وعملا .
8890 - قالوا : وليس في حديث حجة ; لأنه حديث خرج على معنى في التشهد كانوا يقولون ، فقال لهم : لا تقولوا ، وقولوا كذا . ابن مسعود
8891 - ومعنى قوله فيه : فإذا قلت كذلك فقد تمت صلاتك ، يعني إذا ضم إلى ذلك القول غيره من التسليم الذي به يسد الخلل منها ، وكذلك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
8892 - وهذا مثل قوله - عليه السلام - : " " يعني : إذا ضم إليهم من سمي معهم في القرآن . أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها على فقرائكم
[ ص: 259 ] 8893 - وكذلك حديث ، أبي هريرة ورفاعة بن رافع ، في يعني : إذا ضم إليه فيها ما لا بد منه فيها من القراءة والتسليم ، وما أشبه ذلك . الذي لم يكمل [ ص: 260 ] صلاته فعلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال له : " إذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك "
8894 - وإذا جاز لمستدل أن يستدل على ظواهر أحاديث التشهد وما أشبهها بحديث : " " ، جاز لغيره أن يستدل على إيجاب تحليلها التسليم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة بما وصفنا وببعضه ، وبالله التوفيق .
8895 - قالوا : وأبو مسعود هو الذي يروي الحديث في هذا الباب ، وهو القائل : ما أرى أن صلاة لي تمت إذا لم أصل فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 261 ] 8896 - وقد ذكرنا إسناده في التمهيد ، وذكرنا حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " سهل بن سعد " . لا صلاة لمن لم يصل فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم -
8897 - روى حديث أبي مسعود جابر الجعفي .
8898 - وجابر الجعفي وإن كان قد طعن عليه قوم منهم ، فقد أثنى عليه ابن عيينة سفيان وشعبة وغيرهما ، ووصفوا بالحفظ والإتقان لما روى .
8899 - ومن حجة أيضا ما رواه الشافعي ، عن ابن عيينة منصور ، قال : لما أنزل الله تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " [ الأحزاب : 56 ] فافترض الله على عباده الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والتسليم ، علمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التشهد : . السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
8900 - هذا كله ما احتج به وأصحابه لمذهبهم في إيجاب الصلاة على النبي - عليه السلام - في الصلاة . الشافعي
8901 - قال أبو عمر : الأصل أن الفرائض لا تثبت إلا بدليل لا معارض له ، أو بإجماع لا مخالف فيه ، وذلك معدوم من هذه المسألة ، إلا أني رأيت الفقهاء وأصحابهم إذا قام لأحدهم دليل من كتاب أو سنة ، أوجبوا به واستقصوا في موضع الخلاف .
8902 - وحجة أصحاب فيها ضعيفة ، ولست أوجب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرضا في كل صلاة ، ولكن لا أحب لأحد تركها ، وبالله التوفيق . الشافعي
[ ص: 262 ] 8903 - قال أبو عمر : رويت الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق متواترة بألفاظ متقاربة ليس في شيء منها : وارحم محمدا وآل محمد ، وإنما فيها كلها لفظ الصلاة والبركة لا غير ، قوله : محمد ، وليس في شيء منها وارحم اللهم صل على محمدا ، فلا أحب أحدا أن يقوله ; لأن الصلاة وإن كانت من الله الرحمة ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - خص بهذا اللفظ ، وذلك والله أعلم من معنى قول الله - عز وجل - " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " [ النور : 63 ] .
8904 - ولهذا أنكر العلماء على يحيى بن يحيى ومن تابعه في الرواية عن مالك في " الموطأ " .