الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
753 [ ص: 72 ] مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي حديث واحد .

وهو محمد بن أبي بكر بن عوف بن الرباح الثقفي مدني تابعي ثقة .

روى عنه مالك بن أنس ، وغيره .

مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك ، وهما غاديان من منى إلى عرفة : كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه .

[ ص: 73 ]

التالي السابق


[ ص: 73 ] قال أبو عمر : هذا حديث صحيح ، وفيه أن الحاج جائز له قطع التلبية قبل الوقوف بعرفة ، وقبل رمي جمرة العقبة ، وهو موضع اختلف فيه السلف ، والخلف فروى أنس بن مالك ما ذكرنا ، وعن ابن عمر مثله مرفوعا ، وهو فعل ابن عمر ، وقوله في ذلك : أخبرنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا عبد الله بن نمير قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال : غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى إلى عرفات فمنا الملبي ، ومنا المكبر .

أخبرنا خلف بن سعيد قراءة مني عليه أن عبد الله بن محمد حدثهم قال : حدثنا أحمد بن خالد قال : حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا القعنبي قال : حدثنا يحيى بن [ ص: 74 ] عمير أن عمر بن عبد العزيز قال لعبيد الله بن عبد الله بن عمر : سألت أباك عن اختلاف الناس في التلبية ؟ فقال : أخبرني أبي أنه غدا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى غداة عرفة حين صلى الصبح ، قال : فلم تكن لي همة إلا أن أرمق الذي أراه يصنع ، فسمعته يهلل ويكبر ، والناس كهيئته يهللون ، ويكبرون ويلبون ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع ذلك كله فلم أره ينهى عن شيء من ذلك كله ، ولزم التهليل والتكبير .

وحدثنا خلف بن سعيد قال : حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا أحمد بن خالد قال : حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا أحمد بن يونس قال : حدثنا أبو الأحوص عن أشعث عن أبيه ، وعلاج جميعا عن ابن عمر أنه لم يفتر من التهليل ، والتكبير حين دفع من عرفة حتى أتى المزدلفة فأذن ، وأقام ، وذكر الحديث .

[ ص: 75 ] وذكر إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا سليمان بن حرب قال : حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة عن ابن عمر قال : غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى إلى عرفة فمنا الملبي ، ومنا المكبر قال إسماعيل : وحدثنا به علي قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن يحيى بن سعيد فذكره ، قال إسماعيل : وحدثنا مسدد قال : حدثنا يوسف الماجشون عن أبيه أن عبد الله بن عمر قال : غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عرفة فمنا الملبي ، ومنا المكبر فلا يعاب على الملبي تلبيته ، ولا على المكبر تكبيره قال : وكان عبد الله بن عمر يكبر .

قال أبو عمر : فقال قوم من العلماء بهذه الأحاديث ، قالوا : جائز قطع التلبية للحاج إذا راح من منى إلى عرفة فيهلل ويكبر ، ولا يلبي ، واستحبوا ذلك ، قالوا : وإن أخر قطع التلبية إلى زوال الشمس بعرفة فحسن ، ليس به بأس ، وأما عبد الله بن عمر فكان يقطع التلبية في رواحه من منى إلى عرفة ، وروى مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا غدا من منى إلى عرفة قطع التلبية ، وروى حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يلبي حين يغدو من منى إلى عرفة ، وروى ابن علية عن أيوب عن بكر بن عبد الله المزني عن ابن عمر قال : إذا أصبحت غاديا من منى إلى عرفة فأمسك عن التلبية ، فإنما هو التكبير ، وذكر إسماعيل القاضي قال : حدثنا سليمان بن حرب قال : حدثنا جرير بن [ ص: 76 ] حازم ، قال : غدونا من منى إلى عرفة مع نافع ، فكان يكبر أحيانا ، ويلبي أحيانا .

قال أبو عمر : كان ابن عمر إذا قدم حاجا أو معتمرا فرأى الحرم ترك التلبية حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ، ثم يعود في التلبية إلى صبيحة يوم عرفة ، فإذا غدا من منى إلى عرفة قطع التلبية ، وأخذ في التهليل والتكبير .

( ذكر مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ثم يلبي حين يغدو من منى إلى عرفة ، فإذا غدا ترك التلبية ، وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم ) .

وبما روي عن ابن عمر في هذا الباب كان الحسن البصري وغيره يقولون .

ذكر إسماعيل ( القاضي ) قال : حدثنا علي ابن المديني قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا هشام عن الحسن في الذي يهل بالحج من مكة قال : يلبي حتى يغدو الناس من منى إلى عرفات .

[ ص: 77 ] وحدثنا نصر قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا هشام عن عطاء قال : أحسبه مثل ذلك ( وحدثنا نصر ) قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال : قال محمد بن هلال : رأيت عمر بن عبد العزيز يصيح بالناس بعد ما صلى الصبح يوم عرفة بمنى : أيها الناس إنه التهليل والتكبير ، وقد انقطعت التلبية قال : وحدثنا علي قال : حدثنا الفضل بن دكين قال : حدثنا معمر بن يحيى بن سام سمعت أبا جعفر يقول : إذا رجعت إلى عرفة فاقطع التلبية ، وهلل وكبر .

فهذا كله وجه واحد ، وقول واحد .

وكانت جماعة آخرون لا يقطعون التلبية إلا عند زوال الشمس بعرفة روي ذلك عن جماعة من السلف ، وهو قول مالك بن أنس وأصحابه ، وأكثر أهل المدينة .

ذكر إسماعيل قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال : كانت الأئمة يقطعون التلبية إذا زالت الشمس يوم عرفة ، وسمى ابن شهاب أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعائشة ، وسعيد بن المسيب .

قال أبو عمر : أما عثمان وعائشة فقد روي عنهما غير ذلك ، وكذلك سعيد بن المسيب ، وسنذكره في هذا الباب ، وهو قريب مما حكى عنهم ابن شهاب .

[ ص: 78 ] وأما علي بن أبي طالب فلم يختلف عنه في ذلك فيما علمت ، روى مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه ، أن علي بن أبي طالب كان يلبي في الحج ، حتى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية . قال مالك : وذلك الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا ، وكذلك أم سلمة كانت تقطع التلبية إذا زاغت الشمس من عرفة .

روى ذلك ابن أبي فديك عن موسى بن يعقوب الزمعي عن عمته عنها . وقد روي عن ابن عمر مثل ذلك ، والرواية الأولى عنه أثبت . روى علي ابن المديني عن الفضل بن العلاء عن ابن خثيم ، عن يوسف بن ماهك قال : حججت مع عبد الله بن عمر ثلاث حجج فخرجنا معه من مكة حتى صلى بنا الصلوات كلها بمنى ، ثم غدا إلى عرفة وغدونا معه حتى أتى نمرة ، فلما زاغت الشمس أمسك عن التلبية ، وهو قول السائب بن يزيد ، وسليمان بن يسار ، وابن شهاب ذكر إسماعيل عن إبراهيم بن حمزة : حدثنا الدراوردي عن ابن أخي ابن شهاب عن عمه : أنه كان يقطع التلبية يوم عرفة إذا زاغت الشمس .

وفي هذه المسألة قول ثالث ، وهو أن التلبية لا يقطعها الحاج حتى يروح من عرفة إلى الموقف ، وذلك بعد جمعة بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر ، وهذا القول قريب من [ ص: 79 ] القول الذي قبله . روي أيضا عن جماعة من السلف منهم عثمان ، وعائشة ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن المسيب ، وغيرهم ، وروى الدراوردي ، وابن أبي حازم عن ابن حرملة أنه سأل سعيد بن المسيب حتى متى ألبي في الحج ؟ قال : حتى تروح من عرفة إلى الموقف ، والدراوردي أيضا عن علقمة عن ابن أبي علقمة عن أمه عن عائشة أنها كانت تنزل عرفة في الحج ، وكانت تهل في المنزل ، ويهل من كان معها ، وتصلي الصلاتين كلتيهما : الظهر والعصر في منزلها ثم تروح إلى الموقف ، فإذا استوت على دابتها قطعت التلبية ، ذكره إسماعيل بن إسحاق .

حدثنا إبراهيم بن حمزة وحدثنا الدراوردي ، وروى مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها كانت تترك التلبية إذا راحت إلى الموقف ، ومالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة مثله بمعناه . وحماد بن زيد ، وغيره عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مثله ، وروى ابن وهب ، وعبد الله بن نافع ، والمغيرة بن عبد الرحمن كلهم عن عبد الله بن عمر ، عن نافع : أن عثمان كان يقطع التلبية إذا راح إلى الموقف .

[ ص: 80 ] وروى علي ابن المديني عن يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو قال : صليت مع عمر بن عبد العزيز الصبح بمنى ثم غدا وغدونا معه ، فرأى الناس مكبرين لا يلبي أحد فأمر صاحب شرطته عبد الله بن سعد فركب بغله ، فأمره أن يطوف في الناس فينادي ، أخبر الناس أن الأمير يأمركم أن تلبوا فإنما هي التلبية ، حتى تروحوا إلى الموقف .

قال أبو عمر : هذه الرواية عن عمر بن عبد العزيز أصح من التي تقدمت عنه في هذا الباب من حديث ابن أبي أويس .

وروي عن سالم ، ومحمد بن المنكدر ما يدخل في معنى هذا القول ، وروى حماد بن زيد عن أيوب قال : كنا بعرفة فجعل سالم بن عبد الله يكبر ، وصلى ابن المنكدر الظهر بعرفة فلما سلم لبى ابنه فحصبه .

وفيها قول رابع : أن المحرم بالحج يلبي أبدا حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر ، ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قول عمر وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وميمونة ، وبه قال عطاء بن أبي رباح وطاوس وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي ، وهو قول جمهور فقهاء الأمصار ، وأهل الحديث ، وممن قال بذلك منهم : سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى والحسن بن حي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وداود بن [ ص: 81 ] علي ، والطبري وأبو عبيد ، إلا أن هؤلاء اختلفوا في شيء من ذلك ، فقال الثوري والشافعي وأبو حنيفة ، وأصحابهم ، وأبو ثور يقطعها : في أول حصاة يرمي بها من جمرة العقبة ، وقال أحمد وإسحاق ، وطائفة من أهل النظر والأثر : لا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة بأسرها ، قالوا : وهو ظاهر الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة ، ولم يقل أحد من رواة ( هذا ) الحديث حتى رمى بعضها حتى إنه قال بعضهم في حديث عائشة : ثم قطع التلبية في آخر حصاة .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان : حدثنا قاسم بن أصبغ : حدثنا بكر بن حماد : حدثنا مسدد : حدثنا عبد الله بن داود عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن الفضل بن عباس أنه كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبى حتى ( رمى ) جمرة العقبة ، وحدثنا عبد الوارث : حدثنا قاسم : حدثنا بكر : حدثنا مسدد : حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أردف الفضل من جمع ، وأن الفضل حدثه فذكر الحديث مثله .

وحدثنا سعيد بن نصر : حدثنا قاسم بن أصبغ : حدثنا الترمذي : حدثنا الحميدي : حدثنا سفيان : حدثنا محمد بن أبي [ ص: 82 ] حرملة : أخبرنا كريب ( عن ) ابن عباس عن الفضل بن عباس ، وكان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - في المزدلفة حتى رمى الجمرة قال : لم أزل أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى الجمرة " جمرة العقبة " وروى سفيان بن عيينة عن يزيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس : سمعت عمر يهل بالمزدلفة فقلت : يا أمير المؤمنين فيم الإهلال ؟ قال : هل قضينا نسكنا بعد . ذكره ابن المقري عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري عن جده عن سفيان .

قال أبو عمر : من اعتبر الآثار المرفوعة في هذا الباب ، مثل حديث محمد بن أبي بكر الثقفي عن أنس ، وحديث عمر وحديث ابن عباس ، وغيرها استدل على الإباحة في ذلك ، ولهذا ما اختلف السلف فيه هذا الاختلاف ، ولم ينكر بعضهم على بعض ، ولما كان ذلك مباحا استحب كل واحد منهم ما ذكرنا عنه ، ومال إليه استحبابا لا إيجابا ، والله أعلم .

أخبرنا إبراهيم بن شاكر قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، وسعيد بن حمير قالا : حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح قال : حدثنا إسماعيل بن [ ص: 83 ] خليل قال : حدثنا علي بن مسهر قال : أخبرنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب قال : أفاض عبد الله من عرفات ، وهو يلبي فسمعه رجل فقال : من هذا الملبي ، وليس بحين التلبية ؟ فقيل له : إنه ابن أم عبد ، فاندس بين الناس ، وذهب فذكر لعبد الله فجعل يلبي لبيك عدد التراب .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا علي ابن المديني قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن خالد قال : حدثني وبرة قال : سألت ابن عمر عن التلبية يوم عرفة فقال : التكبير أحب إلي ، وذكر ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن أبي الزبير عن جابر قال : يهل ما دون عرفة ، ويكبر يوم عرفة ، وذكر حماد بن زيد عن سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين قال : حججت زمن ابن الزبير فسمعته يوم عرفة يقول : ألا وإن أفضل الدعاء اليوم التكبير ، وهذا على الأفضل عنده ، والله أعلم .

ومن حجة من اختار التلبية حتى يرمي في جمرة العقبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك فعل ، وقال : خذوا عني مناسككم وهو المبين عن الله مراده ، وهي زيادة في الرواية يجب قبولها .

[ ص: 84 ] ومن جهة النظر أن المحرم لا يحل من شيء من إحرامه ، ولا يلقي عنه شيئا من شعثه حتى يرمي جمرة العقبة ، فإذا رماها فقد حلت له أشياء كانت محظورة عليه ، وذلك أول إحلاله ، فينبغي أن تكون تلبيته بالحج على حسب ما كانت عليه من حين أحرم إلى ذلك الوقت ، والله أعلم .

ومعنى التلبية إجابة إبراهيم فيما ذكروا قال مجاهد وغيره : لما أمر إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أن يؤذن في الناس بالحج قام على المقام ، فقال : يا عباد الله أجيبوا الله ، فقالوا : ربنا لبيك ربنا لبيك ، فمن حج البيت فهو ممن أجاب دعوته .

أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا وكيع ، عن ابن جريج عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن الفضل بن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبى حتى رمى جمرة العقبة ، واختلف الفقهاء في قطع التلبية في العمرة ، فقال الشافعي : يقطع التلبية في العمرة إذا افتتح الطواف ، وقال مالك : لا يقطع المحرم التلبية في العمرة إذا أحرم من التنعيم حتى يرى البيت ، وأما من أحرم من المواقيت بعمرة فإنه يقطع التلبية إذا دخل الحرم وانتهى إليه ، قال : وبلغني ذلك عن ابن عمر ، وعروة بن الزبير ، واختلف العلماء في الطواف ( في التلبية ) للحاج ، [ ص: 85 ] فكان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يلبي إذا طاف بالبيت ، ولا يرى به بأسا ، وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل أنه لا بأس بذلك ، وأنكر ذلك سالم ، قال ابن عيينة : ما رأيت أحدا يقتدى به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب ، وقال إسماعيل : لا يزال الرجل ملبيا حتى يبلغ الغاية التي إليها يكون استجابته ، وهو الموقف بعرفة ، وقد تقدم قول علي ، وابن عمر ، واختار مالك لذلك ، والحمد لله ) .




الخدمات العلمية