الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 573 ] ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة العلم أنه مضاد لخبر زر الذي ذكرناه

                                                                                                                          6607 - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب حدثني الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة ، أنها أخبرته : أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة ، وفدك ، وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنا لا نورث ، ما تركنا صدقة ، إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المال ، وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، وهجرته ، فلم تكلمه حتى توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليلا ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلى عليها .

                                                                                                                          وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة ، فلما توفيت فاطمة استنكر وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ، ومبايعته ، ولم يكن بايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر ، أن ائتنا ولا يأتنا معك [ ص: 574 ] أحد ، كراهية أن يحضر عمر بن الخطاب ، فقال عمر بن الخطاب لأبي بكر : والله ، لا تدخل عليهم وحدك ، فقال أبو بكر : ما عسى أن يفعلوا بي والله لآتينهم ، فدخل أبو بكر عليهم ، فتشهد علي بن أبي طالب ، وقال : إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك ، وما أعطاك الله ، ولم أنفس خيرا ساقه الله إليك ، ولكنك استبددت علينا بالأمر ، وكنا نرى أن لنا حقا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر .

                                                                                                                          فلما تكلم أبو بكر ، قال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن أصل أهلي وقرابتي ، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال ، فلم آل فيها عن الخير ، ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته ، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي بكر : موعدك العشية للبيعة .

                                                                                                                          فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر رقي على المنبر ، فتشهد ، ثم ذكر شأن علي بن أبي طالب ، وتخلفه عن البيعة ، وعذره بالذي اعتذر إليه ، ثم استغفر ، وتشهد علي بن أبي طالب ، فعظم حق أبي بكر ، وحرمته ، وأنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ، ولا إنكارا للذي فضله الله به ، ولكنا كنا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا فاستبد علينا به ، فوجدنا في أنفسنا ، فسر بذلك المسلمون ، وقالوا : أصبت ، وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع [ ص: 575 ] الأمر بالمعروف
                                                                                                                          .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية