الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قرن ]

                                                          قرن : القرن للثور وغيره : الروق ، والجمع قرون ، لا يكسر على غير ذلك وموضعه من رأس الإنسان قرن أيضا ، وجمعه قرون . وكبش أقرن : كبير القرنين ، وكذلك التيس ، والأنثى قرناء ، والقرن مصدر كبش أقرن بين القرن . ورمح مقرون : سنانه من قرن ، وذلك أنهم ربما جعلوا أسنة رماحهم من قرون الظباء والبقر الوحشي ، قال الكميت :


                                                          وكنا إذا جبار قوم أرادنا بكيد حملناه على قرن أعفرا



                                                          وقوله :


                                                          ورامح قد رفعت هاديه     من فوق رمح ، فظل مقرونا



                                                          فسره بما قدمناه . والقرن : الذؤابة وخص بعضهم به ذؤابة المرأة وضفيرتها ، والجمع قرون . وقرنا الجرادة : شعرتان في رأسها . وقرن الرجل : حد رأسه وجانبه . وقرن الأكمة : رأسها . وقرن الجبل : أعلاه ، وجمعهما قران أنشد سيبويه :


                                                          ومعزى هدبا تعلو     قران الأرض سودانا



                                                          وفي حديث قيلة : فأصابت ظبته طائفة من قرون رأسيه ، أي : بعض نواحي رأسي . وحية قرناء : لها لحمتان في رأسها كأنهما قرنان ، وأكثر ذلك في الأفاعي . الأصمعي : القرناء الحية ; لأن لها قرنا ؛ قال ذو الرمة يصف الصائد وقترته :


                                                          يبايته فيها أحم كأنه     إباض قلوص أسلمتها حبالها



                                                          وقرناء يدعو باسمها وهو مظلم له صوتها إرنانها وزمالها يقول : يبين لهذا الصائد صوتها أنها أفعى ، ويبين له مشيها وهو زمالها أنها أفعى ، وهو مظلم يعني الصائد أنه في ظلمة القترة ، وذكر في ترجمة عرزل للأعشى :


                                                          تحكي له القرناء ، في عرزالها     أم الرحى تجري على ثفالها



                                                          قال : أراد بالقرناء الحية . والقرنان : منارتان تبنيان على رأس البئر توضع عليهما الخشبة التي يدور عليها المحور ، وتعلق منها البكرة ، وقيل : هما ميلان على فم البئر تعلق بهما البكرة ، وإنما يسميان بذلك إذا كانا من حجارة ، فإذا كانا من خشب فهما دعامتان . وقرنا البئر : هما ما بني فعرض فيجعل عليه الخشب تعلق البكرة منه ، قال الراجز :


                                                          تبين القرنين ، فانظر ما هما     أمدرا أم حجرا تراهما ؟



                                                          وفي حديث أبي أيوب : فوجده الرسول يغتسل بين القرنين ، هما قرنا البئر المبنيان على جانبيها ، فإن كانا من خشب فهما زرنوقان . والقرن أيضا : البكرة ، والجمع أقرن وقرون . وقرن الفلاة : أولها . وقرن الشمس : أولها عند طلوع الشمس وأعلاها ، وقيل : أول شعاعها ، وقيل : ناحيتها . وفي حديث الشمس : تطلع بين قرني شيطان فإذا طلعت قارنها ، فإذا ارتفعت فارقها ، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في هذا الوقت ، وقيل : قرنا الشيطان ناحيتا رأسه ، وقيل : قرناه جمعاه اللذان يغريهما بإضلال البشر . ويقال : إن الأشعة التي تتقضب عند طلوع الشمس ويتراءى للعيون إنها تشرق عليهم ومنه قوله :


                                                          فصبحت والشمس لم تقضب     عينا بغضيان ثجوج العنبب



                                                          قيل : إن الشيطان وقرنيه يدحرون عن مقامهم مراعين طلوع الشمس ليلة القدر ، فلذلك تطلع الشمس لا شعاع لها ، وذلك بين في حديث أبي بن كعب وذكره آية ليلة القدر ، وقيل : القرن القوة ، أي : حين تطلع يتحرك الشيطان ويتسلط فيكون كالمعين لها ، وقيل : بين قرنيه ، أي : أمتيه الأولين والآخرين ، وكل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها ، فكأن الشيطان سول له ذلك ، فإذا سجد لها كان كأن الشيطان مقترن بها . وذو القرنين الموصوف في التنزيل : لقب لإسكندر الرومي ، سمي بذلك ; لأنه قبض على قرون الشمس ، وقيل : سمي به ; لأنه دعا قومه إلى العبادة فقرنوه ، أي : ضربوه على قرني رأسه ، وقيل : لأنه كانت له ضفيرتان ، وقيل : لأنه بلغ قطري الأرض مشرقها ومغربها وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعلي - عليه السلام - : إن لك بيتا في الجنة وإنك لذو قرنيها ، قيل في تفسيره : ذو قرني الجنة ، أي : طرفيها قال أبو عبيد : ولا أحسبه أراد هذا ، ولكنه أراد بقوله ذو قرنيها ، أي : ذو قرني الأمة ، فأضمر الأمة وإن لم يتقدم ذكرها ، كما قال تعالى : حتى توارت بالحجاب أراد الشمس ولا ذكر لها . وقوله تعالى : ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة وكقول حاتم :


                                                          أماوي ما يغني الثراء عن الفتى     إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر



                                                          يعني النفس ولم يذكرها . قال أبو عبيد : وأنا أختار هذا التفسير الأخير على الأول لحديث يروى عن علي - رضي الله عنه - وذلك أنه ذكر ذا القرنين ، فقال : دعا قومه إلى عبادة الله فضربوه على قرنيه ضربتين وفيكم مثله ، فنرى أنه أراد نفسه ، يعني أدعو إلى الحق حتى يضرب رأسي ضربتين يكون فيهما قتلي ; لأنه ضرب على رأسه ضربتين : إحداهما يوم الخندق والأخرى ضربة ابن ملجم . و ذو القرنين : هو الإسكندر سمي بذلك ; لأنه ملك الشرق والغرب ، وقيل : لأنه كان في رأسه شبه قرنين ، وقيل : رأى في النوم أنه أخذ بقرني الشمس . وروي عن أحمد بن يحيى أنه قال في قوله - عليه السلام - : إنك لذو قرنيها يعني جبليها وهما الحسن و الحسين وأنشد :


                                                          أثور ما أصيدكم أم ثورين     أم هذه الجماء ذات القرنين



                                                          قال : قرناها هاهنا قرناها ، وكان قد شدنا ؛ فإذا آذاها شيء دفعا عنها . وقال المبرد في قوله الجماء ذات القرنين ، قال : كان قرناها صغيرين فشبهها بالجماء ، وقيل في قوله : إنك ذو قرنيها ، أي : إنك ذو قرني أمتي ، كما أن ذا القرنين الذي ذكره الله في القرآن كان ذا قرني أمته التي كان فيهم . وقال - صلى الله عليه وسلم - : ما أدري ذو القرنين أنبيا كان أم لا . و ذو القرنين : المنذر الأكبر بن ماء السماء جد النعمان بن المنذر قيل له ذلك ; لأنه كانت له ذؤابتان يضفرهما في قرني رأسه فيرسلهما ، وليس هو الموصوف في التنزيل ، وبه فسر ابن دريد قول امرئ القيس :


                                                          أشذ نشاص ذي القرنين ، حتى     تولى عارض الملك الهمام



                                                          وقرن القوم : سيدهم . ويقال : للرجل قرنان ، أي : ضفيرتان وقال الأسدي :

                                                          [ ص: 87 ]

                                                          كذبتم ، وبيت الله ، لا تنكحونها     بني شاب قرناها تصر وتحلب



                                                          أراد يا بني التي شاب قرناها فأضمره . وقرن الكلإ : أنفه الذي لم يوطأ ، وقيل : خيره ، وقيل : آخره . وأصاب قرن الكلإ إذا أصاب مالا وافرا . والقرن : حلبة من عرق . يقال : حلبنا الفرس قرنا أو قرنين ، أي : عرقناه . والقرن : الدفعة من العرق . يقال : عصرنا الفرس قرنا أو قرنين ، والجمع قرون قال زهير :


                                                          تضمر بالأصائل كل يوم     تسن على سنابكها القرون



                                                          وكذلك عدا الفرس قرنا أو قرنين . أبو عمرو : القرون العرق . قال الأزهري : كأنه جمع قرن . والقرون : الذي يعرق سريعا ، وقيل : الذي يعرق سريعا إذا جرى ، وقيل : الفرس الذي يعرق سريعا فخص . والقرن : الطلق من الجري . وقرون المطر : دفعه المتفرقة . والقرن : الأمة تأتي بعد الأمة ، قيل : مدته عشر سنين ، وقيل : عشرون سنة ، وقيل : ثلاثون ، وقيل : ستون ، وقيل : سبعون ، وقيل : ثمانون وهو مقدار التوسط في أعمار أهل الزمان ، وفي النهاية : أهل كل زمان ، مأخوذ من الاقتران فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم . وفي الحديث : أن رجلا أتاه ، فقال علمني دعاء ثم أتاه عند قرن الحول ، أي : عند آخر الحول الأول وأول الثاني . والقرن في قوم نوح : على مقدار أعمارهم ، وقيل : القرن أربعون سنة بدليل قول الجعدي :


                                                          ثلاثة أهلين أفنيتهم     وكان الإله هو المستآسا



                                                          وقال هذا وهو ابن مائة وعشرين سنة ، وقيل : القرن مائة سنة ، وجمعه قرون . وفي الحديث : أنه مسح رأس غلام ، وقال عش قرنا . فعاش مائة سنة . والقرن من الناس : أهل زمان واحد ، وقال :


                                                          إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم     وخلفت في قرن فأنت غريب



                                                          ابن الأعرابي : القرن الوقت من الزمان ، يقال : هو أربعون سنة ، وقالوا : هو ثمانون سنة ، وقالوا : مائة سنة ، قال أبو العباس . وهو الاختيار لما تقدم من الحديث . وفي التنزيل العزيز : ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن قال أبو إسحق : القرن ثمانون سنة ، وقيل : سبعون سنة ، وقيل : هو مطلق من الزمان ، وهو مصدر قرن يقرن ؛ قال الأزهري : والذي يقع عندي ، والله أعلم ، أن القرن أهل كل مدة كان فيها نبي أو كان فيها طبقة من أهل العلم قلت السنون أو كثرت ، والدليل على هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : خيركم قرني ، يعني أصحابي ، ثم الذين يلونهم ، يعني التابعين ، ثم الذي يلونهم ، يعني الذين أخذوا عن التابعين ، قال : وجائز أن يكون القرن لجملة الأمة وهؤلاء قرون فيها ، وإنما اشتقاق القرن من الاقتران ، فتأويله أن القرن الذين كانوا مقترنين في ذلك الوقت والذين يأتون من بعدهم ذوو اقتران آخر . وفي حديث خباب : هذا قرن قد طلع ; أراد قوما أحداثا نبغوا بعد أن لم يكونوا ، يعني القصاص ، وقيل : أراد بدعة حدثت لم تكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال أبو سفيان بن حرب للعباس بن عبد المطلب حين رأى المسلمين وطاعتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتباعهم إياه حين صلى بهم : ما رأيت كاليوم طاعة قوم ، ولا فارس الأكارم ، ولا الروم ذات القرون ، قيل لهم : ذات القرون لتوارثهم الملك قرنا بعد قرن ، وقيل : سموا بذلك لقرون شعورهم وتوفيرهم إياها وأنهم لا يجزونها . وكل ضفيرة من ضفائر الشعر قرن ، قال المرقش :


                                                          لات هنا ، وليتني طرف الزج     ج وأهلي بالشأم ذات القرون



                                                          أراد الروم ، وكانوا ينزلون الشام والقرن : الجبيل المنفرد ، وقيل : هو قطعة تنفرد من الجبل ، وقيل : هو الجبل الصغير ، وقيل : الجبيل الصغير المنفرد ، والجمع قرون وقران ، قال أبو ذؤيب :


                                                          توقى بأطراف القران وطرفها     كطرف الحبارى أخطأتها الأجادل



                                                          والقرن : شيء من لحاء شجر يفتل منه حبل . والقرن : الحبل من اللحاء ، حكاه أبو حنيفة . والقرن أيضا : الخصلة المفتولة من العهن . والقرن : الخصلة من الشعر والصوف ، جمع كل ذلك قرون ، ومنه قول أبي سفيان في الروم : ذات القرون ، قال الأصمعي : أراد قرون شعورهم وكانوا يطولون ذلك يعرفون به ، ومنه حديث غسل الميت : ومشطناها ثلاث قرون . وفي حديث الحجاج : قال لأسماء : لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك . وفي الحديث : فارس نطحة أو نطحتين ثم لا فارس بعدها أبدا . والروم ذات القرون كلما هلك قرن خلفه قرن ، فالقرون جمع قرن . وقول الأخطل يصف النساء :


                                                          وإذا نصبن قرونهن لغدرة     فكأنما حلت لهن نذور



                                                          قال أبو الهيثم : القرون هاهنا حبائل الصياد يجعل فيها قرون يصطاد بها ، وهي هذه الفخوخ التي يصطاد بها الصعاء والحمام ، يقول : فهؤلاء النساء إذا صرنا في قرونهن فاصطدننا فكأنهن كانت عليهن نذور أن يقتلننا فحلت ، وقول ذي الرمة في لغزيته :


                                                          وشعب أبى أن يسلك الغفر بينه     سلكت قرانى من قياسرة سمرا



                                                          قيل : أراد بالشعب شعب الجبل ، وقيل : أراد بالشعب فوق السهم ، وبالقرانى وترا فتل من جلد إبل قياسرة . وإبل قرانى ، أي : ذات قرائن ، وقول أبي النجم يذكر شعره حين صلع :


                                                          أفناه قول الله للشمس اطلعي     قرنا أشيبيه وقرنا فانزعي



                                                          أي : أفنى شعري غروب الشمس وطلوعها ، وهو مر الدهر . والقرين : العين الكحيل . والقرن : شبيه بالعفلة ، وقيل : هو كالنتوء في الرحم ، يكون في الناس والشاء والبقر . والقرناء : العفلاء . وقرنة الرحم : ما نتأ منه ، وقيل : القرنتان رأس الرحم ، وقيل : زاويتاه ، وقيل : شعبتاه ، كل واحدة منهما قرنة ، وكذلك هما من رحم الضبة ، والقرن : العفلة الصغيرة ، عن الأصمعي . واختصم إلى شريح في جارية بها قرن ، فقال : أقعدوها فإن أصاب الأرض فهو عيب ، وإن لم يصب الأرض فليس بعيب . الأصمعي : القرن في المرأة كالأدرة في الرجل . التهذيب : القرناء من النساء التي في فرجها مانع [ ص: 88 ] يمنع من سلوك الذكر فيه : إما غدة غليظة ، أو لحمة مرتتقة ، أو عظم ، يقال لذلك كله : القرن ، وكان عمر يجعل للرجل إذا وجد امرأته قرناء الخيار في مفارقتها من غير أن يوجب عليه المهر . وحكى ابن بري عن القزاز قال : واختصم إلى شريح في قرن فجعل القرن هو العيب ، وهو من قولك امرأة قرناء بينة القرن ، فأما القرن ، بالسكون ، فاسم العفلة ، والقرن ، بالفتح ، فاسم العيب . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : إذا تزوج المرأة وبها قرن فإن شاء أمسك وإن شاء طلق . القرن بسكون الراء : شيء يكون في فرج المرأة كالسن يمنع من الوطء ، ويقال له : العفلة . وقرنة السيف والسنان وقرنهما : حدهما . وقرنة النصل : طرفه ، وقيل : قرنتاه ناحيتاه من عن يمينه وشماله . والقرنة بالضم : الطرف الشاخص من كل شيء يقال : قرنة الجبل وقرنة النصل وقرنة الرحم لإحدى شعبتيه . التهذيب : والقرنة حد السيف والرمح والسهم ، وجمع القرنة قرن . الليث : القرن حد رابية مشرفة على وهدة صغيرة ، والمقرنة الجبال الصغار يدنو بعضها من بعض ، سميت بذلك لتقاربها قال الهذلي :


                                                          دلجي ، إذا ما الليل جن     ن على المقرنة الحباحب



                                                          أراد بالمقرنة إكاما صغارا مقترنة . وأقرن الرمح إليه : رفعه . الأصمعي : الإقران رفع الرجل رأس رمحه لئلا يصيب من قدامه . يقال : أقرن رمحك . وأقرن الرجل إذا رفع رأس رمحه لئلا يصيب من قدامه . وقرن الشيء بالشيء وقرنه إليه يقرنه قرنا : شده إليه . وقرنت الأسارى بالحبال شدد للكثرة . والقرين : الأسير . وفي الحديث : أنه عليه السلام مر برجلين مقترنين ، فقال : ما بال القران قالا : نذرنا ، أي : مشدودين أحدهما إلى الآخر بحبل . والقرن بالتحريك : الحبل الذي يشدان به ، والجمع نفسه قرن أيضا . والقران : المصدر والحبل . ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما : الحياء والإيمان في قرن ، أي : مجموعان في حبل أو قران . وقوله تعالى : وآخرين مقرنين في الأصفاد إما أن يكون أراد به ما أراد بقوله مقرونين ، وإما أن يكون شدد للتكثير ، قال ابن سيده : وهذا هو السابق إلينا من أول وهلة . والقران : الجمع بين الحج والعمرة ، وقرن بين الحج والعمرة قرانا بالكسر . وفي الحديث : أنه قرن بين الحج والعمرة ، أي : جمع بينهما بنية واحدة وتلبية واحدة وإحرام واحد وطواف واحد وسعي واحد ، فيقول : لبيك بحجة وعمرة ، وهو عند أبي حنيفة أفضل من الإفراد والتمتع . وقرن الحج بالعمرة قرانا : وصلها . وجاء فلان قارنا وهو القران . والقرن : مثلك في السن ، تقول : هو على قرني ، أي : على سني . الأصمعي : هو قرنه في السن ، بالفتح ، وهو قرنه ، بالكسر ، إذا كان مثله في الشجاعة والشدة . وفي حديث كردم : وبقرن أي النساء هي ، أي : بسن أيهن . وفي حديث الضالة : إذا كتمها آخذها ففيها قرينتها مثلها ، أي : إذا وجد الرجل ضالة من الحيوان وكتمها ولم ينشدها ثم توجد عنده ، فإن صاحبها يأخذها ومثلها معها من كاتمها ، قال ابن الأثير : ولعل هذا في صدر الإسلام ثم نسخ ، أو هو على جهة التأديب حيث لم يعرفها ، وقيل : هو في الحيوان خاصة كالعقوبة له ، وهو كحديث مانع الزكاة : إنا آخذوها وشطر ماله . والقرينة : فعيلة بمعنى مفعولة من الاقتران ، وقد اقترن الشيئان وتقارنا . وجاءوا قرانى ، أي : مقترنين : التهذيب : والقرانى تثنية فرادى ، يقال : جاءوا قرانى وجاءوا فرادى . وفي الحديث في أكل التمر : لا قران ولا تفتيش ، أي : لا تقرن بين تمرتين تأكلهما معا . وقارن الشيء الشيء مقارنة وقرانا : اقترن به وصاحبه . واقترن الشيء بغيره وقارنته قرانا : صاحبته ومنه قران الكوكب وقرنت الشيء بالشيء : وصلته . والقرين : المصاحب . والقرينان : أبو بكر و طلحة رضي الله عنهما ; لأن عثمان بن عبيد الله ، أخا طلحة ، أخذهما فقرنهما بحبل فلذلك سميا القرينين . وورد في الحديث : إن أبا بكر و عمر يقال لهم القرينان . وفي الحديث : ما من أحد إلا وكل به قرينه ، أي : مصاحبه من الملائكة والشياطين وكل إنسان ، فإن معه قرينا منهما ، فقرينه من الملائكة يأمره بالخير ويحثه عليه . ومنه الحديث الآخر : فقاتله فإن معه القرين ، والقرين يكون في الخير والشر . وفي الحديث : أنه قرن بنبوته ، عليه السلام ، إسرافيل ثلاث سنين ، ثم قرن به جبريل عليه السلام ، أي : كان يأتيه بالوحي وغيره . والقرن : الحبل يقرن به البعيران ، والجمع أقران ، وهو القران وجمعه قرن ، وقال :


                                                          أبلغ أبا مسمع ، إن كنت لاقيه     إني لدى الباب كالمشدود في قرن



                                                          وأورد الجوهري عجزه . وقال ابن بري : صواب إنشاده أني بفتح الهمزة . وقرنت البعيرين أقرنهما قرنا : جمعتهما في حبل واحد . والأقران : الحبال . الأصمعي : القرن جمعك بين دابتين في حبل ، والحبل الذي يلزان به يدعى قرنا . ابن شميل : قرنت بين البعيرين وقرنتهما إذا جمعت بينهما في حبل قرنا . قال الأزهري : الحبل الذي يقرن به بعيران يقال له القرن ، وأما القران فهو حبل يقلد البعير ويقاد به . وروي أن ابن قتادة صاحب الحمالة تحمل بحمالة ، فطاف في العرب يسأل فيها فانتهى إلى أعرابي قد أورد إبله فسأله ، فقال : أمعك قرن ؟ قال : نعم ، قال : ناولني قرانا فقرن له بعيرا ثم قال : ناولني قرانا فقرن له بعيرا آخر حتى قرن له سبعين بعيرا ، ثم قال : هات قرانا ، فقال : ليس معي ، فقال : أولى لك لو كانت معك قرن لقرنت لك منها حتى لا يبقى منها بعير ، وهو إياس بن قتادة ، وفي حديث أبي موسى : فلما أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خذ هذين القرينين ، أي : الجملين المشدودين أحدهما إلى الآخر . والقرن والقرين : البعير المقرون بآخر . والقرينة : الناقة تشد إلى أخرى ، وقال الأعور النبهاني يهجو جريرا ويمدح غسان السليطي :


                                                          أقول لها أمي سليطا بأرضها     فبئس مناخ النازلين جرير !
                                                          ولو عند غسان السليطي عرست     رغا قرن منها وكاس عقير



                                                          قال ابن بري : وقد اختلف في اسم الأعور النبهاني ، فقال ابن الكلبي : اسمه سحمة بن نعيم بن الأخنس بن هوذة ، وقال أبو عبيدة في النقائض : يقال له العناب ، واسمه سحيم بن شريك ، قال : ويقوي قول أبي عبيدة في العناب قول جرير في هجائه :

                                                          [ ص: 89 ]

                                                          ما أنت يا عناب من رهط حاتم     ولا من روابي عروة بن شبيب
                                                          رأينا قروما من جديلة أنجبوا     وفحل بني نبهان غير نجيب



                                                          قال ابن بري : وأنكر علي بن حمزة أن يكون القرن البعير المقرون بآخر ، وقال : إنما القرن الحبل الذي يقرن به البعيران ، وأما قول الأعور :


                                                          رغا قرن منها وكاس عقير



                                                          فإنه على حذف مضاف مثل واسأل القرية . والقرين : صاحبك الذي يقارنك ، وقرينك : الذي يقارنك والجمع قرناء وقرانى الشيء : كقرينه ، قال رؤبة :


                                                          يمطو قراناه بهاد مراد



                                                          وقرنك : المقاوم لك في ، أي : شيء كان ، وقيل : هو المقاوم لك في شدة البأس فقط . والقرن بالكسر : كفؤك في الشجاعة . وفي حديث عمر و الأسقف قال : أجدك قرنا قال : قرن مه ؟ قال : قرن من حديد ، القرن بفتح القاف : الحصن وجمعه قرون ، وكذلك قيل لها الصياصي وفي قصيد كعب بن زهير :


                                                          إذا يساور قرنا لا يحل له     أن يترك القرن إلا وهو مجدول



                                                          القرن : بالكسر : الكفء والنظير في الشجاعة والحرب ، ويجمع على أقران . وفي حديث ثابت بن قيس : بئسما عودتم أقرانكم ، أي : نظراءكم وأكفاءكم في القتال ، والجمع أقران ، وامرأة قرن وقرن كذلك . أبو سعيد : استقرن فلان لفلان إذا عازه وصار عند نفسه من أقرانه . والقرن : مصدر قولك رجل أقرن بين القرن ، وهو المقرون الحاجبين . والقرن : التقاء طرفي الحاجبين ، وقد قرن وهو أقرن ، ومقرون الحاجبين ، وحاجب مقرون : كأنه قرن بصاحبه ، وقيل : لا يقال أقرن ولا قرناء حتى يضاف إلى الحاجبين . .

                                                          وفي صفة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : سوابغ في غير قرن ، القرن بالتحريك : التقاء الحاجبين . قال ابن الأثير : وهذا خلاف ما روته أم عبد فإنها قالت في صفته صلى الله عليه وسلم : أزج أقرن ، أي : مقرون الحاجبين قال : والأول الصحيح في صفته صلى الله عليه وسلم ، وسوابغ حال من المجرور ، وهو الحواجب ، أي : أنها دقت في حال سبوغها ، ووضع الحواجب موضع الحاجبين ; لأن التثنية جمع . والقرن : اقتران الركبتين ، ورجل أقرن . والقرن : تباعد ما بين رأسي الثنيتين وإن تدانت أصولهما . والقران : أن يقرن بين تمرتين يأكلهما . والقرون : الذي يجمع بين تمرتين في الأكل يقال : أبرما قرونا . وفي الحديث : أنه نهى عن القران إلا أن يستأذن أحدكم صاحبه ويروى الإقران والأول أصح ، وهو أن يقرن بين التمرتين في الأكل ، وإنما نهى عنه ; لأن فيه شرها ، وذلك يزري بفاعله ، أو لأن فيه غبنا برفيقه ، وقيل : إنما نهى عنه لما كانوا فيه من شدة العيش وقلة الطعام ، وكانوا مع هذا يواسون من القليل . فإذا اجتمعوا على الأكل آثر بعضهم بعضا على نفسه ، وقد يكون في القوم من قد اشتد جوعه ، فربما قرن بين التمرتين ، أو عظم اللقمة فأرشدهم إلى الإذن فيه لتطيب به أنفس الباقين . ومنه حديث جبلة قال : كنا في المدينة في بعث العراق ، فكان ابن الزبير يرزقنا التمر ، وكان ابن عمر يمر فيقول : لا تقارنوا إلا أن يستأذن الرجل أخاه ، هذا لأجل ما فيه من الغبن ولأن ملكهم فيه سواء ، وروي نحوه عن أبي هريرة في أصحاب الصفة ، ومن هذا قوله في الحديث : قارنوا بين أبنائكم ، أي : سووا بينهم ولا تفضلوا بعضهم على بعض ، ويروى بالباء الموحدة من المقاربة وهو قريب منه ، وقد تقدم في موضعه . والقرون من الرجال : الذي يأكل لقمتين لقمتين ، أو تمرتين تمرتين ، وهو القران . وقالت امرأة لبعلها ورأته يأكل كذلك : أبرما قرونا ؟ والقرون من الإبل : التي تجمع بين محلبين في حلبة ، وقيل : هي المقترنة القادمين والآخرين ، وقيل : هي التي إذا بعرت قارنت بين بعرها ، وقيل : هي التي تضع خف رجلها موضع خف يدها ، وكذلك هو من الخيل . وقرن الفرس يقرن ، بالضم ، إذا وقعت حوافر رجليه مواقع حوافر يديه . والقرون : الناقة التي تقرن ركبتيها إذا بركت عن الأصمعي . والقرون : التي يجتمع خلفاها القادمان والآخران فيتدانيان . والقرون : الذي يضع حوافر رجليه مواقع حوافر يديه . والمقرون من أسباب الشعر : ما اقترنت فيه ثلاث حركات بعدها ساكن كمتفا من متفاعلن وعلتن من مفاعلتن ، فمتفا قد قرنت السببين بالحركة ، وقد يجوز إسقاطها في الشعر حتى يصير السببان مفروقين نحو عيلن من مفاعيلن ، وقد ذكر المفروقان في موضعه . والمقرن : الخشبة التي تشد على رأسي الثورين . والقران والقرن : خيط من سلب ، وهو قشر يفتل يوثق على عنق كل واحد من الثورين ثم يوثق في وسطهما اللومة . والقرنان : الذي يشارك في امرأته ؛ كأنه يقرن به غيره ، عربي صحيح حكاه كراع . التهذيب : القرنان نعت سوء في الرجل الذي لا غيرة له ، قال الأزهري : هذا من كلام الحاضرة ولم أر البوادي لفظوا به ولا عرفوه .

                                                          والقرون والقرونة والقرينة والقرين : النفس . ويقال : أسمحت قرونه وقرينه وقرونته وقرينته ، أي : ذلت نفسه وتابعته على الأمر ، قال أوس بن حجر :


                                                          فلاقى امرأ من ميدعان ، وأسمحت     قرونته باليأس منها فعجلا



                                                          أي : طابت نفسه بتركها ، وقيل : سامحت ؛ قرونه وقرونته وقرينته كله واحد ، قال ابن بري : شاهد قرونه قول الشاعر :


                                                          فإني مثل ما بك كان ما بي     ولكن أسمحت عنهم قروني



                                                          وقول ابن كلثوم :


                                                          متى نعقد قرينتنا بحبل     نجذ الحبل أو نقص القرينا



                                                          قرينته : نفسه هاهنا . يقول : إذا أقرنا لقرن غلبناه . وقرينة الرجل : امرأته لمقارنته إياها . وروى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى يوم الجمعة قال : يا عائشة اليوم يوم تبعل وقران ، قيل : عنى بالمقارنة التزويج . وفلان إذا جاذبته قرينته وقرينه قهرها ، أي : إذا قرنت به الشديدة أطاقها وغلبها ، وفي المحكم : إذا ضم إليه أمر أطاقه . وأخذت قروني من الأمر ، أي : حاجتي . والقرن : السيف والنبل ، وجمعه قران قال العجاج :


                                                          عليه ورقان القران النصل

                                                          [ ص: 90 ] والقرن بالتحريك : الجعبة من جلود تكون مشقوقة ثم تخرز ، وإنما تشق لتصل الريح إلى الريش فلا يفسد ، وقال :


                                                          يا ابن هشام أهلك الناس اللبن     فكلهم يغدو بقوس وقرن

                                                          وقيل : هي الجعبة ما كانت . وفي حديث ابن الأكوع : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في القوس والقرن ، فقال : صل في القوس واطرح القرن ، القرن : الجعبة ، وإنما أمره بنزعه ; لأنه قد كان من جلد غير ذكي ولا مدبوغ . وفي الحديث : الناس يوم القيامة كالنبل في القرن ، أي : مجتمعون مثلها . وفي حديث عمير بن الحمام : فأخرج تمرا من قرنه ، أي : جعبته ، ويجمع على أقرن وأقران ، كجبل وأجبل وأجبال . وفي الحديث : تعاهدوا أقرانكم ، أي : انظروا هل هي من ذكية أو ميتة لأجل حملها في الصلاة . ابن شميل : القرن من خشب وعليه أديم قد غري به ، وفي أعلاه وعرض مقدمه فرج فيه وشج قد وشج بينه قلات ، وهي خشبات معروضات على فم الجفير جعلن قواما له أن يرتطم يشرج ويفتح . ورجل قارن : ذو سيف ونبل أو ذو سيف ورمح وجعبة قد قرنها . والقران : النبل المستوية من عمل رجل واحد . قال : ويقال للقوم إذا تناضلوا : اذكروا القران ، أي : والوا بين سهمين سهمين . وبسر قارن : قرن الإبسار بالإرطاب أزدية . والقرائن : جبال معروفة مقترنة قال تأبط شرا :


                                                          وحثحثت مشعوف النجاء ، وراعني     أناس بفيفان ، فمزت القرائنا



                                                          ودور قرائن إذا كانت يستقبل بعضها بعضا . أبو زيد : أقرنت السماء أياما تمطر ولا تقلع ، وأغضنت وأغينت المعنى واحد وكذلك بجدت وريمت . وقرنت السماء وأقرنت : دام مطرها ، والقرآن ، من لم يهمزه جعله من هذا لاقتران آيه ؛ قال ابن سيده : وعندي أنه على تخفيف الهمز . وأقرن له وعليه : أطاق وقوي عليه واعتلى . وفي التنزيل العزيز : وما كنا له مقرنين ، أي : مطيقين ؛ قال : واشتقاقه من قولك أنا لفلان مقرن ، أي : مطيق . وأقرنت فلانا ، أي : قد صرت له قرنا . وفي حديث سليمان بن يسار : أما أنا فإني لهذه مقرن ، أي : مطيق قادر عليها يعني ناقته . يقال : أقرنت للشيء فأنا مقرن إذا أطاقه وقوي عليه . قال ابن هانئ : المقرن المطيق والمقرن الضعيف ؛ وأنشد :


                                                          وداهية داهى بها القوم مفلق     بصير بعورات الخصوم لزومها
                                                          أصخت لها حتى إذا وعيتها     رميت بأخرى يستديم خصيمها
                                                          ترى القوم منها مقرنين ، كأنما     تساقوا عقارا لا يبل سليمها
                                                          فلم تلفني فها ، ولم تلف حجتي     ملجلجة أبغي لها من يقيمها


                                                          قال : وقال أبو الأحوص الرياحي :


                                                          ولو أدركته الخيل والخيل تدعى     بذي نجب ، ما أقرنت وأجلت



                                                          أي : ما ضعفت . والإقران : قوة الرجل على الرجل ؛ يقال : أقرن له إذا قوي عليه . وأقرن عن الشيء : ضعف حكاهثعلب ؛ وأنشد :


                                                          ترى القوم منها مقرنين كأنما     تساقوا عقارا لا يبل سليمها



                                                          وأقرن عن الطريق : عدل عنها ، قال ابن سيده : أراه لضعفه عن سلوكها . وأقرن الرجل : غلبته ضيعته ، وهو مقرن ، وهو الذي يكون له إبل وغنم ولا معين له عليها ، أو يكون يسقي إبله ولا ذائد له يذودها يوم ورودها . وأقرن الرجل إذا أطاق أمر ضيعته ، من الأضداد . وفي حديث عمر رضي الله عنه : قيل لرجل ما مالك ؟ قال : أقرن لي وآدمة في المنيئة ، فقال : قومها وزكها . وأقرن إذا ضيق على غريمه . وأقرن الدمل : حان أن يتفقأ . وأقرن الدم في العرق واستقرن : كثر . وقرن الرمل : أسفله كقنعه . و أبو حنيفة قال : قرونة ، بضم القاف ، نبتة تشبه نبات اللوبياء فيها حب أكبر من الحمص مدحرج أبرش في سواد ، فإذا جشت خرجت صفراء كالورس ، قال : وهي فريك أهل البادية لكثرتها . والقريناء : اللوبياء ، وقال أبو حنيفة : القريناء عشبة نحو الذراع لها أفنان وسنفة كسنفة الجلبان ، وهي جلبانة برية يجمع حبها فتعلفه الدواب ولا يأكله الناس لمرارة فيه . والقرنوة : نبات عريض الورق ينبت في ألوية الرمل ودكادكه ، ورقها أغبر يشبه ورق الحندقوق ، ولم يجئ على هذا الوزن إلا ترقوة وعرقوة وعنصوة وثندوة . قال أبو حنيفة : قال أبو زياد : من العشب القرنوة وهي خضراء غبراء على ساق يضرب ورقها إلى الحمرة ولها ثمرة كالسنبلة ، وهي مرة يدبغ بها الأساقي ، والواو فيها زائدة للتكثير والصيغة لا للمعنى ولا للإلحاق ، ألا ترى أنه ليس في الكلام مثل فرزدقة ؟ وجلد مقرنى : مدبوغ بالقرنوة ، وقد قرنيته ، أثبتوا الواو كما أثبتوا بقية حروف الأصل من القاف والراء والنون ثم قلبوها ياء للمجاورة ، وحكى يعقوب : أديم مقرون بهذا على طرح الزائد . وسقاء قرنوي ومقرنى : دبغ بالقرنوة . وقال أبو حنيفة : القرنوة قرون تنبت أكبر من قرون الدجر ، فيها حب أكبر من الحمص فإذا جش خرج أصفر فيطبخ كما تطبخ الهريسة فيؤكل ويدخر للشتاء ، وأراد أبو حنيفة بقوله قرون تنبت مثل قرون . قال الأزهري في القرنوة : رأيت العرب يدبغون بورقه الأهب ؛ يقال : إهاب مقرنى بغير همز وقد همزه ابن الأعرابي . ويقال : ما جعلت في عيني قرنا من كحل ، أي : ميلا واحدا ، من قولهم أتيته قرنا أو قرنين ، أي : مرة أو مرتين وقرن الثمام شبيه بالباقلى . والقارون : الوج . ابن شميل : أهل الحجاز يسمون القارورة القران ، الراء شديدة ، و أهل اليمامة يسمونها الحنجورة . ويوم أقرن : يوم لغطفان على بني عامر . والقرن : موضع ، وهو ميقات أهل نجد ، ومنه أويس القرني . قال ابن بري : قال ابن القطاع قال ابن دريد في كتابه في الجمهرة ، والقزاز في كتابه الجامع : و قرن اسم موضع . و بنو قرن : قبيلة من الأزد . وقرن : حي من مراد من اليمن منهم أويس القرني منسوب إليهم . وفي حديث المواقيت : أنه وقت لأهل نجد قرنا ، وفي رواية : قرن المنازل ، هو اسم موضع يحرم منه أهل نجد وكثير ممن لا يعرف يفتح راءه ، وإنما هو بالسكون ، ويسمى أيضا قرن الثعالب ، ومنه الحديث : أنه احتجم على رأسه بقرن حين طب ، هو اسم موضع ، فإما هو الميقات أو غيره ، وقيل : هو قرن ثور جعل كالمحجمة . وفي الحديث : أنه وقف على طرف القرن الأسود ، قال ابن الأثير : هو بالسكون جبيل [ ص: 91 ] صغير . و القرينة : واد معروف ، قال ذو الرمة :


                                                          تحل اللوى أو جدة الرمل كلما     جرى الرمث في ماء القرينة والسدر



                                                          وقال آخر :

                                                          ألا ليتني بين القرينة والحبل     على ظهر حرجوج يبلغني أهلي



                                                          وقيل : القرينة اسم روضة بالصمان . و مقرن : اسم . وقرن : جبل معروف . و القرينة : موضع . ومن أمثال العرب : ترك فلان فلانا على مثل مقص قرن ، ومقط قرن ، قال الأصمعي : القرن جبل مطل على عرفات ، وأنشد :


                                                          فأصبح عهدهم كمقص قرن     فلا عين تحس ولا إثار



                                                          ويقال : القرن هاهنا الحجر الأملس النقي الذي لا أثر فيه ، يضرب هذا المثل لمن يستأصل ويصطلم ، والقرن إذا قص أو قط بقي ذلك الموضع أملس . و قارون : اسم رجل ، وهو أعجمي ، يضرب به المثل في الغنى ولا ينصرف للعجمة والتعريف . و قارون : اسم رجل كان من قوم موسى وكان كافرا فخسف الله به وبداره الأرض . والقيروان : معرب ، وهو بالفارسية كاروان وقد تكلمت به العرب ، قال امرؤ القيس :

                                                          :

                                                          وغارة ذات قيروان     كأن أسرابها الرعال



                                                          والقرن : قرن الهودج ؛ قال حاجب المازني :


                                                          صحا قلبي وأقصر غير أني     أهش إذا مررت على الحمول
                                                          كسون الفارسية كل قرن     وزين الأشلة بالسدول



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية