الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : من ورائه جهنم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      " وراء " هنا بمعنى " أمام " كما هو ظاهر ، ويدل له إطلاق " وراء " بمعنى " أمام " في القرآن وفي كلام العرب ، فمنه في القرآن قوله تعالى : وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا [ 18 \ 79 ] ، أي : أمامهم ملك ، وكان ابن عباس يقرؤها : وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ، ومن إطلاق " وراء " بمعنى " أمام " في كلام العرب قول لبيد :


                                                                                                                                                                                                                                      أليس ورائي إن تراخت منيتي لزوم العصا تحني عليها الأصابع

                                                                                                                                                                                                                                      وقول الآخر :


                                                                                                                                                                                                                                      أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي     وقومي تميم والفلاة ورائيا

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله الآخر :


                                                                                                                                                                                                                                      ومن ورائك يوم أنت بالغه     لا حاضر معجز عنه ولا باد

                                                                                                                                                                                                                                      فـ " وراء " بمعنى " أمام " في الأبيات ، وقال بعض العلماء معنى من ورائه جهنم ، أي : من بعد هلاكه جهنم ، وعليه فـ " وراء " في الآية بمعنى بعد ، ومن إطلاق " وراء " بمعنى " بعد " قول النابغة :


                                                                                                                                                                                                                                      حلفت فلم أترك لنفسك ريبة     وليس وراء الله للمرء مذهب

                                                                                                                                                                                                                                      أي : ليس بعد الله مذهب ، قاله القرطبي ، والأول هو الظاهر وهو الحق .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية