الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        399 372 - عن عبد الله بن دينار ، قال : رأيت عبد الله بن عمر يقف على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى أبي بكر ، وعمر .

                                                                                                                        [ ص: 263 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 263 ] 8905 - قالوا : إنما الرواية لمالك وغيره عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أنه كان يقف على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو لأبي بكر وعمر .

                                                                                                                        8906 - ففرقوا بما وصفت لك بين : يدعو لأبي بكر وعمر ، وبين : يصلي على أبي بكر وعمر ، وإن كانت الصلاة قد تكون دعاء لما خص به - صلى الله عليه وسلم - من لفظ الصلاة عليه .

                                                                                                                        8907 - وكذلك روي عن عبد الله ابن عباس ، قال : لا يصلى على أحد إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وسائر الناس يدعى لهم ، ويترحم عليهم .

                                                                                                                        8908 - ومعلوم أن ابن عباس قد يعلم أن الصلاة تكون الدعاء والرحمة أيضا .

                                                                                                                        8909 - وقد رد ابن وضاح رواية يحيى إلى رواية ابن القاسم ، فإنه روى رواية ابن القاسم عن سحنون ، وحدث بها عنه .

                                                                                                                        8910 - وكما رواه ابن القاسم كذلك رواه القعنبي ، وابن بكير ، ومن تابعهم في " الموطأ " وجعلها يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو لأبي بكر وعمر .

                                                                                                                        8911 - وهذا كله مذهب من لا يرى ألا يصلى على غير النبي - عليه الصلاة والسلام - .

                                                                                                                        [ ص: 264 ] 8912 - حدثنا أحمد بن عبد الله ، عن أبيه ، عن عبد الله بن يونس ، عن بقي بن مخلد ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عثمان بن حكيم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ما أعلم الصلاة تنبغي من أحد على أحد إلا عن النبي - عليه السلام - .

                                                                                                                        8913 - وذكر عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن عثمان بن حكيم بن سهل ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لا تنبغي الصلاة على أحد إلا على النبيين .

                                                                                                                        8914 - قال عبد الرزاق : وأخبرني الثوري ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن ثابت ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " صلوا على أنبياء الله ورسوله ، فإن الله بعثهم كما بعثني " .

                                                                                                                        8915 - وقد أجاز قوم الصلاة على غير النبي - صلى الله عليه وسلم - واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 265 ] " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد " ، قالوا : ومعلوم أن آل محمد غير محمد .

                                                                                                                        8916 - واحتجوا أيضا بحديث عبد الله بن أبي أوفى ، قال : كان الناس يأتون بصدقاتهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيدعو لهم ، فجئت مع أبي بصدقته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : اللهم صلى على آل أبي أوفى .

                                                                                                                        8917 - ففي هذا الحديث لفظ الصلاة على غير النبي - عليه السلام - .

                                                                                                                        8918 - قال أبو عمر : تهذيب هذه الآثار وحملها على غير التضاد والتدافع هو أن يقال : أما النبي - عليه السلام - فجائز أن يصلي على من شاء ; لأنه قد أمر أن يصلي على كل من يأخذ صدقته ، وأما غيره فلا ينبغي له إلا أن يخص النبي - عليه السلام - بالصلاة عليه كما قال ابن عباس ، فجائز أن يحتج في ذلك بعموم قوله تعالى : " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " [ النور : 63 ] .

                                                                                                                        8919 - والذي اختاروه في هذا الباب أن يقال : اللهم ارحم فلانا واغفر له ، ورحم الله فلانا وغفر له ورضي عنه ، ونحو هذا من الدعاء له والترحم عليه ، ولا يقال إذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا صلى الله عليه ، إلا أنه جائز أن يدخل معه في ذلك آله ، على ما جاء في الأحاديث عنه - صلى الله عليه وسلم - : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، واللهم صل على محمد وأزواجه وذريته ، ولا يصلى على غيره بلفظ الصلاة ; امتثالا لعموم قول الله - عز وجل - " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم " [ النور : 63 ] في حياته وموته - صلى الله عليه وسلم - .




                                                                                                                        الخدمات العلمية