الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قرهم ]

                                                          قرهم : القرهم من الثيران : كالقرهب وهو المسن الضخم [ ص: 92 ] قال كراع : القرهم المسن قال ابن سيده : فلا أدري أعم به أم أراد الخصوص ، وقال مرة : القرهم أيضا من المعز ذات الشعر ، وزعم أن الميم في كل ذلك بدل من الباء . والقرهم من الإبل : الضخم الشديد . والقرهم : السيد كالقرهب ، عن اللحياني ، وزعم أن الميم بدل من باء قرهب وليس بشيء . الأزهري في أثناء كلامه على القهرمان : أبو زيد يقال قهرمان وقرهمان مقلوب .

                                                          قرا : القرو : من الأرض الذي لا يكاد يقطعه شيء ، والجمع قرو .

                                                          والقرو : شبه حوض . التهذيب : والقرو شبه حوض ممدود مستطيل إلى جنب حوض ضخم يفرغ فيه من الحوض الضخم ترده الإبل والغنم ، وكذلك إن كان من خشب ; قال الطرماح :


                                                          منتأى كالقرو رهن انثلام



                                                          شبه النؤي حول الخيمة بالقرو ، وهو حوض مستطيل إلى جنب حوض ضخم . الجوهري : والقرو حوض طويل مثل النهر ترده الإبل .

                                                          والقرو : قدح من خشب . وفي حديث أم معبد : أنها أرسلت إليه بشاة وشفرة ، فقال اردد الشفرة وهات لي قروا ; يعني قدحا من خشب . والقرو : أسفل النخلة ينقر وينبذ فيه ، وقيل : القرو إناء صغير يردد في الحوائج . ابن سيده : القرو أسفل النخلة ، وقيل : أصلها ينقر وينبذ فيه ، وقيل : هو نقير يجعل فيه العصير من أي خشب كان . والقرو : القدح ، وقيل : هو الإناء الصغير . والقرو : مسيل المعصرة ومثعبها ، والجمع القري والأقراء ، ولا فعل له ; قال الأعشى :


                                                          أرمي بها البيداء ، إذ أعرضت     وأنت بين القرو والعاصر



                                                          وقال ابن أحمر :


                                                          لها حبب يرى الراووق فيها     كما أدميت في القرو الغزالا



                                                          يصف حمرة الخمر كأنه دم غزال في قرو النخل .

                                                          قال الدينوري : ولا يصح أن يكون القدح لأن القدح لا يكون راووقا إنما هو مشربة ; الجوهري : وقول الكميت :


                                                          فاشتك خصييه إيغالا بنافذة     كأنما فجرت من قرو عصار



                                                          يعني المعصرة ; وقال الأصمعي في قول الأعشى :


                                                          وأنت بين القرو والعاصر



                                                          إنه أسفل النخلة ينقر فينبذ فيه . والقرو : ميلغة الكلب ، والجمع في ذلك كله أقراء وأقر وقري . وحكى أبو زيد : أقروة ، مصحح الواو ، وهو نادر من جهة الجمع والتصحيح .

                                                          والقروة غير مهموز : كالقرو الذي هو ميلغة الكلب . ويقال : ما في الدار لاعي قرو . ابن الأعرابي : القروة والقروة والقروة ميلغة الكلب . والقرو والقري : كل شيء على طريق واحد . يقال : ما زال على قرو واحد وقري واحد . ورأيت القوم على قرو واحد ، أي : على طريقة واحدة . وفي إسلام أبي ذر : وضعت قوله على أقراء الشعر فليس هو بشعر ; أقراء الشعر : طرائقه وأنواعه ، واحدها قرو وقري وقري . وفي حديث عتبة بن ربيعة حين مدح القرآن لما تلاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت له قريش : هو شعر ، قال : لا لأني عرضته على أقراء الشعر فليس هو بشعر ، هو مثل الأول . وأصبحت الأرض قروا واحدا إذا تغطى وجهها بالماء . ويقال : تركت الأرض قروا واحدا إذا طبقها المطر . وقرا إليه قروا : قصد . الليث : القرو مصدر قولك قروت إليهم أقرو قروا ، وهو القصد نحو الشيء ; وأنشد :


                                                          أقرو إليهم أنابيب القنا قصدا



                                                          وقراه : طعنه فرمى به ; عن الهجري ; قال ابن سيده : وأراه من هذا كأنه قصده بين أصحابه ; قال :


                                                          والخيل تقروهم على اللحيات

                                                          ، وقرا الأمر واقتراه : تتبعه . الليث : يقال الإنسان يقتري فلانا بقوله ويقتري سبيلا ويقروه ، أي : يتبعه ; وأنشد :


                                                          يقتري مسدا بشيق



                                                          وقروت البلاد قروا وقريتها قريا واقتريتها واستقريتها إذا تتبعتها تخرج من أرض إلى أرض . ابن سيده : قرا الأرض قروا ، واقتراها وتقراها واستقراها تتبعها أرضا أرضا وسار فيها ينظر حالها وأمرها . وقال اللحياني : وقال اللحياني : قروت الأرض سرت فيها ، وهو أن تمر بالمكان ثم تجوزه إلى غيره ثم إلى موضع آخر . وقروت بني فلان واقتريتهم واستقريتهم : مررت بهم واحدا واحدا ، وهو من الإتباع ، واستعمله سيبويه في تعبيره فقال في قولهم أخذته بدرهم فصاعدا : لم ترد أن تخبر أن الدرهم مع صاعد ثمن لشيء ، كقولهم بدرهم وزيادة ، ولكنك أخبرت بأدنى الثمن فجعلته أولا ، ثم قروت شيئا بعد شيء لأثمان شتى . وقال بعضهم : ما زلت أستقري هذه الأرض قرية قرية . الأصمعي : قروت الأرض إذا تتبعت ناسا بعد ناس فأنا أقروها قروا . والقرى : مجرى الماء إلى الرياض ، وجمعه قريان وأقراء ، وأنشد :


                                                          كأن قريانها الرجال



                                                          وتقول : تقريت المياه ، أي : : تتبعتها . واستقريت فلانا : سألته أن يقريني . وفي الحديث : والناس قواري الله في أرضه ، أي : شهداء الله ، أخذ من أنهم يقرون الناس يتتبعونهم فينظرون إلى أعمالهم ، وهي أحد ما جاء من فاعل الذي للمذكر الآدمي مكسرا على فواعل نحو فارس وفوارس وناكس ونواكس ، وقيل : القارية الصالحون من الناس . وقال اللحياني : هؤلاء قواري الله في الأرض ، أي : شهود الله لأنه يتتبع بعضهم أحوال بعض ، فإذا شهدوا لإنسان بخير أو شر فقد وجب ، واحدهم قار ، وهو جمع شاذ حيث هو وصف لآدمي ذكر كفوارس ، ومنه حديث أنس : فتقرى حجر نسائه كلهن ، وحديث ابن سلام : فما زال عثمان يتقراهم ويقول لهم ذلك ومنه حديث عمر - رضي الله عنه : بلغني عن أمهات المؤمنين شيء فاستقريتهن أقول لتكففن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو ليبدلنه الله خيرا منكن ، ومنه الحديث : فجعل يستقري الرفاق ، قال : وقال بعضهم هم الناس الصالحون ، قال : والواحد قارية بالهاء . والقرا : الظهر قال الشاعر :


                                                          أزاحمهم بالباب إذ يدفعونني     وبالظهر مني من قرا الباب عاذر



                                                          وقيل : القرا وسط الظهر ، وتثنيته قريان وقروان ، عن اللحياني [ ص: 93 ] وجمعه أقراء وقروان ، قال مالك الهذلي يصف الضبع :


                                                          إذا نفشت قروانها وتلفتت     أشب بها الشعر الصدور القراهب



                                                          أراد بالقراهب أولادها التي قد تمت ، الواحد قرهب أراد أن أولادها تناهبها لحوم القتلى وهو القرورى . والقروان : الظهر ، ويجمع قروانات . وجمل أقرى : طويل القرا ، وهو الظهر ، والأنثى قرواء . الجوهري : ناقة قرواء طويلة السنام قال الراجز :


                                                          مضبورة قرواء هرجاب فنق



                                                          ويقال للشديدة الظهر : بينة القرا ، قال : ولا تقل جمل أقرى . وقد قال ابن سيده : يقال كما ترى وما كان أقرى ، ولقد قري قرى ، مقصور ، عن اللحياني . وقرا الأكمة : ظهرها . ابن الأعرابي : أقرى إذا لزم الشيء وألح عليه ، وأقرى إذا اشتكى قراه ، وأقرى لزم القرى ، وأقرى طلب القرى . الأصمعي : رجع فلان إلى قرواه ، أي : عاد إلى طريقته الأولى . الفراء : هو القرى والقراء والقلى والقلاء والبلى والبلاء والإيا والأياء ضوء الشمس . والقرواء ، جاء به الفراء ممدودا في حروف ممدودة مثل المصواء : وهي الدبر . ابن الأعرابي : القرا القرع الذي يؤكل . ابن شميل : قال لي أعرابي اقتر سلامي حتى ألقاك ، وقال : اقتر سلاما حتى ألقاك ، أي : كن في سلام وفي خير وسعة . وقرى على فعلى : اسم ماء بالبادية . والقيروان : الكثرة من الناس ومعظم الأمر ، وقيل : هو موضع الكتيبة ، وهو معرب أصله كاروان ، بالفارسية ، فأعرب وهو على وزن الحيقطان . قال ابن دريد : القيروان ، بفتح الراء الجيش ، وبضمها القافلة ، وأنشد ثعلب في القيروان بمعنى الجيش :


                                                          فإن تلقاك بقيروانه     أو خفت بعض الجور من سلطانه
                                                          فاسجد لقرد السوء في زمانه



                                                          وقال النابغة الجعدي :


                                                          وعادية سوم الجراد شهدتها     لها قيروان خلفها متنكب



                                                          قال ابن خالويه : والقيروان الغبار ، وهذا غريب ويشبه أن يكون شاهده بيت الجعدي المذكور ، وقال ابن مفرغ :


                                                          أغر يواري الشمس عند طلوعها     قنابله والقيروان المكتب



                                                          وفي الحديث عن مجاهد : إن الشيطان يغدو بقيروانه إلى الأسواق . قال الليث : القيروان دخيل ، وهو معظم العسكر ومعظم القافلة ، وجعله امرؤ القيس الجيش فقال :


                                                          وغارة ذات قيروان     كأن أسرابها الرعال



                                                          و قرورى : اسم موضع ، قال الراعي :


                                                          تروحن من حزم الجفول فأصبحت     هضاب قرورى دونها والمضيح



                                                          الجوهري : والقرورى موضع على طريق الكوفة ، وهو متعشى بين النقرة والحاجر ، وقال :


                                                          بين قرورى ومرورياتها

                                                          وهو فعوعل عن سيبويه . قال ابن بري : قرورى منونة ; لأن وزنها فعوعل . وقال أبو علي : وزنها فعلعل من قروت الشيء إذا تتبعته ، ويجوز أن يكون فعوعلا من القرية ، وامتناع الصرف فيه لأنه اسم بقعة بمنزلة شرورى ، وأنشد :


                                                          أقول إذا أتين على قرورى     وآل البيد يطرد اطرادا



                                                          والقروة : أن يعظم جلد البيضتين لريح فيه أو ماء أو لنزول الأمعاء ، والرجل قرواني . وفي الحديث : لا ترجع هذه الأمة على قرواها ، أي : على أول أمرها وما كانت عليه ، ويروى على قروائها ، بالمد . ابن سيده : القرية والقرية لغتان المصر الجامع ، التهذيب : المكسورة يمانية ، ومن ثم اجتمعوا في جمعها على القرى فحملوها على لغة من يقول كسوة وكسا ، وقيل : هي القرية ، بفتح القاف لا غير ، قال : وكسر القاف خطأ ، وجمعها قرى جاءت نادرة . ابن السكيت : ما كان من جمع فعلة بفتح الفاء معتلا من الياء والواو على فعال كان ممدودا مثل ركوة وركاء وشكوة وشكاء وقشوة وقشاء ، قال : ولم يسمع في شيء من جميع هذا القصر إلا كوة وكوى وقرية وقرى ، جاءتا على غير قياس . الجوهري : القرية معروفة ، والجمع القرى على غير قياس . وفي الحديث : أن نبيا من الأنبياء أمر بقرية النمل فأحرقت ، هي مسكنها وبيتها ، والجمع قرى والقرية من المساكن والأبنية والضياع وقد تطلق على المدن . وفي الحديث : أمرت بقرية تأكل القرى هي مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومعنى أكلها القرى ما يفتح على أيدي أهلها من المدن ويصيبون من غنائمها ، وقوله تعالى : واسأل القرية التي كنا فيها قال سيبويه : إنما جاء على اتساع الكلام والاختصار ، وإنما يريد أهل القرية فاختصر وعمل الفعل في القرية كما كان عاملا في الأهل لو كان هاهنا ، قال ابن جني : في هذا ثلاثة معان : الاتساع والتشبيه والتوكيد ، أما الاتساع فإنه استعمل لفظ السؤال مع ما لا يصح في الحقيقة سؤاله ، ألا تراك تقول : وكم من قرية مسئولة ، وتقول القرى ، وتسآلك كقولك أنت وشأنك ، فهذا ونحوه اتساع ، وأما التشبيه فلأنها شبهت بمن يصح سؤاله لما كان بها ومؤالفا لها ، وأما التوكيد فلأنه في ظاهر اللفظ إحالة بالسؤال على من ليس من عادته الإجابة ، فكأنهم تضمنوا لأبيهم - عليه السلام - أنه إن سأل الجمادات والجمال أنبأته بصحة قولهم ، وهذا تناه في تصحيح الخبر ، أي : لو سألتها لأنطقها الله بصدقنا فكيف لو سألت ممن عادته الجواب ؟ والجمع قرى . وقوله تعالى : وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة قال الزجاج : القرى المبارك فيها بيت المقدس ، وقيل : الشام ، وكان بين سبإ و الشام قرى متصلة فكانوا لا يحتاجون من وادي سبإ إلى الشام إلى زاد ، وهذا عطف على قوله تعالى : لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان وجعلنا بينهم والنسب إلى قرية قرئي ، في قول أبي عمرو ، وقروي في قول يونس . وقول بعضهم : ما رأيت قرويا أفصح من الحجاج إنما نسبه إلى القرية التي هي المصر ، وقول الشاعر أنشده ثعلب :

                                                          [ ص: 94 ]

                                                          رمتني بسهم ريشه قروية     وفوقاه سمن والنضي سويق



                                                          فسره فقال : القروية التمرة . قال ابن سيده : وعندي أنها منسوبة إلى القرية التي هي المصر ، أو إلى وادي القرى ، ومعنى البيت أن هذه المرأة أطعمته هذا السمن بالسويق والتمر . و أم القرى : مكة - شرفها الله تعالى - لأن أهل القرى يؤمونها ، أي : يقصدونها . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : أنه أتي بضب فلم يأكله وقال إنه قروي ، أي : من أهل القرى ، يعني إنما يأكله أهل القرى والبوادي والضياع دون أهل المدن . قال : والقروي منسوب إلى القرية على غير قياس ، وهو مذهب يونس والقياس قرئي . والقريتين في قوله تعالى : رجل من القريتين عظيم مكة و الطائف . وقرية النمل : ما تجمعه من التراب ، والجمع قرى ، وقول أبي النجم :


                                                          وأتت النمل القرى بعيرها     من حسك التلع ومن خافورها



                                                          والقارية والقاراة : الحاضرة الجامعة . ويقال : أهل القارية للحاضرة وأهل البادية لأهل البدو . وجاءني كل قار وباد ، أي : الذي ينزل القرية والبادية . وأقريت الجل على ظهر الفرس ، أي : ألزمته إياه . والبعير يقري العلف في شدقه ، أي : يجمعه . والقري : جبي الماء في الحوض . وقريت الماء في الحوض قريا وقرى : جمعته : وقال في التهذيب : ويجوز في الشعر قرى فجعله في الشعر خاصة ، واسم ذلك الماء القرى ، بالكسر والقصر ، وكذلك ما قرى الضيف قرى . والمقراة : الحوض العظيم يجتمع فيه الماء ، وقيل : المقراة والمقرى ما اجتمع فيه الماء من حوض وغيره . والمقراة والمقرى : إناء يجمع فيه الماء . وفي التهذيب : المقرى الإناء العظيم يشرب به الماء . والمقراة : الموضع الذي يقرى فيه الماء . والمقراة : شبه حوض ضخم يقرى فيه من البئر ثم يفرغ في المقراة ، وجمعها المقاري . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : ما ولي أحد إلا حامى على قرابته وقرى في عيبته ، أي : جمع ، يقال : قرى الشيء يقريه قريا إذا جمعه يريد أنه خان في عمله . وفي حديث هاجر - عليها السلام - حين فجر الله لها زمزم : فقرت في سقاء أو شنة كانت معها . وفي حديث مرة بن شراحيل : أنه عوتب في ترك الجمعة ، فقال : إن بي جرحا يقري ، وربما ارفض في إزاري ، أي : يجمع المدة وينفجر . الجوهري : والمقراة المسيل وهو الموضع الذي يجتمع فيه ماء المطر من كل جانب . ابن الأعرابي : تنح عن سنن الطريق وقريه وقرقه بمعنى واحد . وقرت النمل جرتها : جمعتها في شدقها . قال اللحياني : وكذلك البعير والشاة والضائنة والوبر وكل ما اجتر . يقال للناقة : هي تقري إذا جمعت جرتها في شدقها ، وكذلك جمع الماء في الحوض . وقريت في شدقي جوزة : خبأتها . وقرت الظبية تقري إذا جمعت في شدقها شيئا . ويقال للإنسان إذا اشتكى شدقه : قرى يقري . والمدة تقري في الجرح : تجتمع . وأقرت الناقة تقري وهي مقر : اجتمع الماء في رحمها واستقر . والقري على فعيل : مجرى الماء في الروض ، وقيل : مجرى الماء في الحوض ، والجمع أقرية وقريان ، وشاهد الأقرية قول الجعدي :


                                                          ومن أيامنا يوم عجيب     شهدناه بأقرية الرداع



                                                          وشاهد القريان قول ذي الرمة :


                                                          تستن أعداء قريان ، تسنمها     غر الغمام ومرتجاته السود



                                                          وفي حديث قس : وروضة ذات قريان ، ويقال في جمع قري أقراء . قال معاوية بن شكل يذم حجل بن نضلة بين يدي النعمان : إنه مقبل النعلين ، منتفخ الساقين ، قعو الأليتين ، مشاء بأقراء ، قتال ظباء ، بياع إماء ، فقال له النعمان : أردت أن تذيمه فمدحته ، القعو : الخطاف من الخشب مما يكون فوق البئر ، أراد أنه إذا قعد التزقت أليتاه بالأرض فهما مثل القعو ، وصفه بأنه صاحب صيد وليس بصاحب إبل . والقري : مسيل الماء من التلاع ، وقالاللحياني : القري مدفع الماء من الربو إلى الروضة ، هكذا قال الربو ، بغير هاء ، والجمع أقرية وأقراء وقريان ، وهو الأكثر . وفي حديث ابن عمر : قام إلى مقرى بستان فقعد يتوضأ ، المقرى والمقراة : الحوض الذي يجتمع فيه الماء . وفي حديث ظبيان : رعوا قريانه ، أي : مجاري الماء ، واحدها قري بوزن طري . وقرى الضيف قرى وقراء : أضافه . واستقراني واقتراني وأقراني : طلب مني القرى . وإنه لقري للضيف ، والأنثى قرية ، عن اللحياني . وكذلك إنه لمقرى للضيف ومقراء ، والأنثى مقراة ومقراء ، الأخيرة عن اللحياني . وقال : إنه لمقراء للضيف وإنه لمقراء للأضياف ، وإنه لقري للضيف وإنها لقرية للأضياف . الجوهري : قريت الضيف قرى ، مثال قليته قلى ، وقراء : أحسنت إليه ، إذا كسرت القاف قصرت ، وإذا فتحت مددت . والمقراة : القصعة التي يقرى الضيف فيها . وفي الصحاح : والمقرى إناء يقرى فيه الضيف . والجنفة مقراة ، وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          حتى تبول عبور الشعريين دما     صردا ، ويبيض في مقراته القار



                                                          والمقاري : القدور ، عن ابن الأعرابي وأنشد :


                                                          ترى فصلانهم في الورد هزلى     وتسمن في المقاري والحبال



                                                          يعني أنهم يسقون ألبان أمهاتها عن الماء ، فإذا لم يفعلوا ذلك كان عليهم عارا ، وقوله : وتسمن في المقاري والحبال ، أي : أنهم إذا نحروا لم ينحروا إلا سمينا ، وإذا وهبوا لم يهبوا إلا كذلك ، كل ذلك عن ابن الأعرابي . وقال اللحياني : المقرى ، مقصور بغير هاء ، كل ما يؤتى به من قرى الضيف من قصعة أو جفنة أو عس ، ومنه قول الشاعر :


                                                          : ولا يضنون بالمقرى وإن ثمدوا

                                                          قال : وتقول العرب لقد قرونا في مقرى صالح . والمقاري : الجفان التي يقرى فيها الأضياف ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          وأقضي قروض الصالحين وأقتري

                                                          ، فسره فقال : أنى أزيد عليهم سوى قرضهم . ابن سيده : والقرية ، بالكسر ، أن يؤتى بعودين طولهما ذراع ثم يعرض على أطرافهما عويد يؤسر إليهما من كل جانب بقد ، فيكون ما بين العصيتين قدر أربع أصابع ، ثم يؤتى بعويد فيه فرض فيعرض في وسط القرية ويشد طرفاه إليها بقد فيكون فيه رأس العمود ، هكذا حكاه يعقوب ، وعبر عن القرية بالمصدر الذي هو قوله أن يؤتى ، قال : وكان حكمه أن يقول القرية عودان طولهما ذراع يصنع بهما [ ص: 95 ] كذا . وفي الصحاح : والقرية على فعيلة خشبات فيها فرض يجعل فيها رأس عمود البيت ، عن ابن السكيت . وقريت الكتاب : لغة في قرأت عن أبي زيد قال : ولا يقولون في المستقبل إلا يقرأ . وحكى ثعلب : صحيفة مقرية ، قال ابن سيده : فدل هذا على أن قريت لغة كما حكى أبو زيد ، وعلى أنه بناها على قريت المغيرة بالإبدال عن قرئت ، وذلك أن قريت لما شاكلت لفظ قضيت قيل مقرية كما قيل مقضية . والقارية : حد الرمح والسيف وما أشبه ذلك ، وقيل : قارية السنان أعلاه وحده . التهذيب : والقارية هذا الطائر القصير الرجل الطويل المنقار الأخضر الظهر تحبه الأعراب ، زاد الجوهري : وتتيمن به ويشبهون الرجل السخي به ، وهي مخففة ، قال الشاعر :


                                                          أمن ترجيع قارية تركتم     سباياكم وأبتم بالعناق ؟



                                                          والجمع القواري . قال يعقوب : والعامة تقول قارية ، بالتشديد . ابن سيده : والقارية طائر أخضر اللون أصفر المنقار طويل الرجل ، قال ابن مقبل :


                                                          لبرق شآم كلما قلت قد ونى     سنا ، والقواري الخضر في الدجن جنح



                                                          وقيل : القارية طير خضر تحبها الأعراب ، قال : وإنما قضيت على هاتين الياءين أنهما وضع ولم أقض عليهما أنهما منقلبتان عن واو ; لأنهما لام ، والياء لاما أكثر منها واوا . وقري : اسم رجل . قال ابن جني : تحتمل لامه أن تكون من الياء ، ومن الواو ومن الهمزة ، على التخفيف . ويقال : ألقه في قريتك . والقرية : الحوصلة ، و ابن القرية مشتق منه ، قال : وهذان قد يكونان ثنائيين ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية