مسانيد المكثرين
التالي
السابق
هو أكثر المكثرين المذكورين هاهنا حديثا، بل أكثر الصحابة على الإطلاق. ففي "الإصابة ": أجمع أهل الحديث على أنه وذكر أكثر الصحابة حديثا. أبو محمد بن حزم: أن مسند بقي بن مخلد احتوى من حديث على خمسة آلاف وثلاث مئة حديث وكسر. وقد اختلف في اسمه واسم أبيه بعد الاتفاق على أنه دوسي، إما لكونه منهم، أو لأنه كان وسيطا فيهم اختلافا كثيرا جدا، وأحسن ما قيل في اسمه: إنه أبي هريرة عبد الله، أو عبد الرحمن. قال : قال لي بعض أصحابنا عن ابن إسحاق : كان اسمي في الجاهلية أبي هريرة عبد شمس بن صخر، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، أبا هريرة ; لأني وجدت هريرة، فحملتها في كمي، فقيل لي: وكنيت . وهكذا أخرجه أبو هريرة في "الكنى" من طريق أبو أحمد الحاكم عن يونس بن بكير . وأخرجه ابن إسحاق من هذا الوجه مطولا. وأخرج ابن منده بسند حسن عن الترمذي عبيد الله بن أبي رافع، قال: قلت لأبي [ ص: 36 ] هريرة: لم اكتنيت قال: كنت أرعى غنم أهلي، وكانت لي هرة صغيرة، فكنت أضعها بالليل في شجرة، فإذا كان النهار، ذهبت بها معي، فلعبت بها، فكنوني بأبي هريرة؟ انتهى. وقال أبا هريرة، أبو معشر المدائني: عن محمد بن قيس، قال: كان يقول:لا تكنوني أبو هريرة ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم كناني أبا هر، والذكر خير من الأنثى. أبا هريرة وقال أبو نعيم: كان أحفظ الصحابة لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعا له بأن يحببه إلى المؤمنين، وكان إسلامه بين الحديبية وخيبر، قدم المدينة مهاجرا، وسكن الصفة. وقال الشافعي: أبو هريرة وجاء أن أحفظ من روى الحديث في دهره. أرسل إلى مروان فجعل يحدثه، وأجلس رجلا خلف السرير، فكتب ما حدث به، ثم أرسل إليه في رأس الحول، فسأله، وأمر الرجل أن ينظر، فما غير حرفا عن حرف. وأخرج أبي هريرة، ابن سعد بسند جيد عن سعيد بن عمرو، قال: قالت عائشة : إنك لتحدث بشيء ما سمعته، فقال: يا أمه! شغلك عنه المكحلة والمرودة، وما كان يشغلني عنها شيء. والأخبار في سعة حفظه وكثرة أحاديثه كثيرة شهيرة في الكتب. وعن لأبي هريرة كعب أنه قال: ما رأيت رجلا لم يقرأ التوراة أعلم بما في التوراة من . [ ص: 37 ] وعن أبي هريرة قال: أبي هريرة بلغ عمر حديثي، فقال لي: كنت معنا يوم كنا في بيت فلان؟ قلت: نعم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: "من كذب علي" الحديث، قال: فاذهب الآن فحدث، أخرجه مسدد في "مسنده". وأخرج في "الزهد" بسند صحيح عن أحمد قال: تضيفت أبي عثمان النهدي، سبعا، فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثا، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا. وجاء بسند صحيح: أنه كان يسبح كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة. واستعمله أبا هريرة عمير على البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فقال له: من أين لك؟ قال: خيل نتجت، وأعطية تتابعت، وخراج رقيق لي، فنظر فوجدها كما قال، ثم دعاه ليستعمله، فأبى، فقال: طلب العمل من كان خيرا منك، قال: إنه يوسف نبي الله ابن نبي الله، وأنا أبو هريرة بن أمية أخشى ثلاثا: أن أقول بغير علم، أو أقضي بغير حكم، وأن يضرب ظهري، ويشتم عرضي، وينزع مالي. وأخرج في "كتاب المزاح ": أن رجلا قال ابن أبي الدنيا : إني أصبحت صائما، فجئت أبي، فوجدت عنده خبزا ولحما، فأكلت حتى شبعت، ونسيت أني صائم، فقال لأبي هريرة : الله أطعمك، قال: فخرجت حتى أتيت فلانا، فوجدت عنده لقحة تحلب، فشربت من لبنها حتى رويت؟ قال: الله سقاك، قال: ثم رجعت إلى أهلي فقلت، فلما استيقظت، دعوت بماء فشربته، فقال: يا بن أخي! أنت لم تعود الصيام. [ ص: 38 ] وجاء أنه دخل أبو هريرة على مروان في مرضه الذي مات فيه، فقال أبي هريرة : اللهم إني أحب لقاءك، فأحب لقائي، فما بلغ أبو هريرة وسط السوق حتى مات. وكتب مروان الوليد إلى يخبره بموته، فكتب إليه: انظر من ترك، فادفع إلى ورثته عشرة آلاف درهم، وأحسن جوارهم; فإنه كان ممن نصر معاوية عثمان يوم الدار. قال أبو سليمان بن زبر في "تاريخه ": عاش ثمانيا وسبعين سنة، والله تعالى أعلم . أبو هريرة
* * *
* * *