الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قسس ]

                                                          قسس : ابن الأعرابي : القسس العقلاء ، والقسس الساقة الحذاق ، والقس النميمة ، والقساس النمام . وقس يقس قسا : من النميمة وذكر الناس بالغيبة . والقس : تتبع الشيء وطلبه . اللحياني : يقال للنمام قساس وقتات وهماز وغماز ودراج . والقس في اللغة : النميمة ونشر الحديث يقال : قس الحديث يقسه قسا . ابن سيده : قس الشيء يقسه قسا وقسسا تتبعه وتطلبه ، قال رؤبة بن العجاج يصف نساء عفيفات لا يتتبعن النمائم :


                                                          يمسين من قس الأذى غوافلا لا جعبريات ولا طهاملا



                                                          الجعبريات : القصار واحدتها جعبرة ، والطهامل الضخام القباح الخلقة ، واحدتها طهملة . وقس الشيء قسا : تتلاه وتبغاه . واقتس الأسد : طلب ما يأكل . ويقال : تقسست أصوات الناس بالليل تقسسا ، أي : تسمعتها . والقسقسة : السؤال عن أمر الناس . ورجل قسقاس : يسأل عن أمور الناس قال رؤبة :


                                                          يحفزها ليل وحاد قسقاس     كأنهن من سراء أقواس



                                                          والقسقاس أيضا : الخفيف من كل شيء . وقسقس العظم : أكل ما عليه من اللحم وتمخخه ، يمانية . قال ابن دريد : قسست ما على العظم أقسه قسا إذا أكلت ما عليه من اللحم وامتخخته . وقسقس ما على المائدة : أكله . وقس الإبل يقسها قسا وقسقسها : ساقها ، وقيل : هما شدة السوق . والقسوس من الإبل : التي ترعى وحدها ، مثل العسوس ، وجمعها قسس ، قست تقس قسا ، أي : رعت وحدها واقتست وقسها : أفردها من القطيع ، وقد عست عند الغضب تعس وقست تقس . وقال ابن السكيت : ناقة عسوس وقسوس وضروس إذا ضجرت وساء خلقها عند الغضب . والقسوس : التي لا تدر حتى تنتبذ . وفلان قس إبل ، أي : عالم بها ، قال أبو حنيفة : هو الذي يلي الإبل لا يفارقها . أبو عبيد : القس صاحب الإبل الذي لا يفارقها وأنشد :


                                                          يتبعها ترعية قس ورع     ترى برجليه شقوقا في كلع
                                                          لم ترتم الوحش إلى أيدي الذرع



                                                          جمع الذريعة وهي الدريئة . وقال أبو عبيدة : يقال ظل يقس دابته قسا ، أي : يسوقها . والقس : رئيس من رؤساء النصارى في الدين والعلم ، وقيل : هو الكيس العالم ، قال :


                                                          لو عرضت لأيبلي قس     أشعث في هيكله مندس
                                                          حن إليها كحنين الطس



                                                          والقسيس : كالقس ، والجمع قساقسة على غير قياس وقسيسون . وفي التنزيل العزيز : ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ، والاسم القسوسة والقسيسية ، قال الفراء : نزلت هذه الآية فيمن أسلم من النصارى ؛ ويقال : هو النجاشي وأصحابه . وقال الفراء في كتاب الجمع والتفريق : يجمع القسيس قسيسين كما قال تعالى ، ولو جمعه قسوسا كان صوابا ; لأنهما في معنى واحد يعني القس والقسيس ، قال : ويجمع القسيس قساقسة ، جمعوه على مثال مهالبة فكثرت السينات فأبدلوا إحداهن واوا ، وربما شدد الجمع ولم يشدد واحده ، وقد جمعت العرب الأتون أتاتين ، وأنشد لأمية :


                                                          لو كان منفلت كانت قساقسة     يحييهم الله في أيديهم الزبر

                                                          [ ص: 100 ] والقسة : القربة الصغيرة . قال ابن الأعرابي : سئل المهاصر بن المحل عن ليلة الأقساس من قوله :


                                                          عددت ذنوبي كلها فوجدتها     سوى ليلة الأقساس ، حمل بعير

                                                          فقيل : ما ليلة الأقساس ؟ قال : ليلة زنيت فيها وشربت الخمر وسرقت . وقال لنا أبو المحيا الأعرابي يحكيه عن أعرابي حجازي فصيح أن القساس غثاء السيل ؛ وأنشدنا عنه :


                                                          وأنت نفي ، من صناديد عامر     كما قد نفى السيل القساس المطرحا



                                                          وقس والقس : موضع ، والثياب القسية منسوبة إليه ، وهي ثياب فيها حرير تجلب من نحو مصر . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس القسي ، هي ثياب من كتان مخلوط بحرير يؤتى بها من مصر ، نسبت إلى قرية على ساحل البحر قريبا من تنيس ، يقال لها : القس ، بفتح القاف ، وأصحاب الحديث يقولونه ، بكسر القاف ، و أهل مصر ، بالفتح ، ينسب إلى بلاد القس ، قال أبو عبيد : هو منسوب إلى بلاد يقال لها القس قال : وقد رأيتها ولم يعرفها الأصمعي ، وقيل : أصل القسي القزي ، بالزاي ، منسوب إلى القز وهو ضرب من الإبريسم ، أبدل من الزاي سين ، وأنشد لربيعة بن مقروم :


                                                          جعلن عتيق أنماط خدورا     وأظهرن الكرادي والعهونا
                                                          على الأحداج واستشعرن ريطا     عراقيا ، وقسيا مصونا



                                                          وقيل : هو منسوب إلى القس وهو الصقيع لبياضه . الأصمعي : من أسماء السيوف القساسي . ابن سيده : القساسي ضرب من السيوف ، قال الأصمعي : لا أدري إلى أي شيء نسب . وقساس بالضم : جبل فيه معدن حديد بأرمينية إليه تنسب هذه السيوف القساسية ، قال الشاعر :


                                                          إن القساسي الذي يعصى به     يختصم الدارع في أثوابه



                                                          وهو في الصحاح : القساس معرف . وقساس بالضم : جبل لبني أسد . وقساس : اسم . و قس بن ساعدة الإيادي : أحد حكماء العرب وهو أسقف نجران . وقس الناطف : موضع . والقسقس والقسقاس : الدليل الهادي المتفقد الذي لا يغفل إنما هو تلفتا وتنظرا . وخمس قسقاس ، أي : سريع لا فتور فيه . وقرب قسقاس : سريع شديد ليس فيه فتور ولا وتيرة ، وقيل : صعب بعيد . أبو عمرو : القرب القسي البعيد ، وهو الشديد أيضا ، قال الأزهري : أحسبه القسين ; لأنه قال في موضع آخر من كتابه القسين . والقسيب : الصلب الطويل الشديد الدلجة كأنه يعني القرب ، والله أعلم . الأصمعي : يقال خمس قسقاس وحصحاص وبصباص وصبصاب ، كل هذا : السير الذي ليست فيه وتيرة ، وهي الاضطراب والفتور . وقال أبو عمرو : قرب قسقيس . وقد قسقس ليله أجمع إذا لم ينم ، وأنشد :


                                                          إذا حداهن النجاء القسقيس

                                                          ورجل قسقاس : يسوق الإبل . وقد قس السير قسا : أسرع فيه . والقسقسة : دلج الليل الدائب . يقال : سير قسقيس ، أي : دائب . وليلة قسقاسة : شديدة الظلمة ، قال رؤبة :


                                                          كم جبن من بيد وليل قسقاس



                                                          قال الأزهري : ليلة قسقاسة إذا اشتد السير فيها إلى الماء وليست من معنى الظلم في شيء . وقسقست بالكلب : دعوت . وسيف قسقاس : كهام . والقسقاس : بقلة تشبه الكرفس ، قال رؤبة :


                                                          وكنت من دائك ذا أقلاس     فاستسقين بثمر القسقاس



                                                          يقال : استقاء واستقى إذا تقيأ . وقسقس العصا : حركها . والقسقاس : العصا . وقوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس حين خطبها أبو جهم و معاوية : أما أبو جهم فأخاف عليك قسقاسته ، القسقاسة : العصا . قيل في تفسيره قولان : أحدهما أنه أراد قسقسته ، أي : تحريكه إياها لضربك ، فأشبع الفتحة فجاءت ألفا ، والقول الآخر أنه أراد بقسقاسته عصاه ، فالعصا على القول الأول مفعول به وعلى القول الثاني بدل . أبو زيد : يقال للعصا هي القسقاسة قال ابن الأثير : ، أي : أنه يضربها بالعصا ، من القسقسة وهي الحركة والإسراع في المشي ، وقيل : أراد كثرة الأسفار . يقال : رفع عصاه على عاتقه إذا سافر وألقى عصاه إذا أقام ، أي : لا حظ لك في صحبته ; لأنه كثير السفر قليل المقام وفي رواية : إني أخاف عليك قسقاسته العصا فذكر العصا تفسيرا للقسقاسة ، وقيل : أراد بقسقسة العصا تحريكه إياها فزاد الألف ليفصل بين توالي الحركات . وعن الأعراب القدم : القسقاس نبت أخضر خبيث الريح ينبت في مسيل الماء له زهرة بيضاء . والقسقاس : شدة الجوع والبرد ، وينشد لأبي جهيمة الذهلي :


                                                          أتانا به القسقاس ليلا ودونه     جراثيم رمل بينهن قفاف



                                                          وأورده بعضهم : بينهن قفاف ، قال ابن بري : وصوابه قفاف وبعده :


                                                          فأطعمته حتى غدا وكأنه     أسير يداني منكبيه كتاف



                                                          وصف طارقا أتاه به البرد والجوع بعد أن قطع قبل وصوله إليه جراثيم رمل وهي القطع العظام ، الواحدة جرثومة ، فأطعمه وأشبعه حتى إنه إذا مشى تظن أن في منكبيه كتافا ، وهو حبل تشد به يد الرجل إلى خلفه . وقسقست بالكلب إذا صحت به وقلت له : قوس قوس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية