الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7611 ) فصل : ولا تقتل امرأة ، ولا شيخ فان . وبذلك قال ومالك ، وأصحاب الرأي . وروي ذلك عن [ ص: 250 ] أبي بكر الصديق ، ومجاهد .

                                                                                                                                            وروي عن ابن عباس في قوله تعالى : { ولا تعتدوا } . يقول : لا تقتلوا النساء والصبيان والشيخ الكبير . وقال الشافعي ، في أحد قوليه ، وابن المنذر : يجوز قتل الشيوخ ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { اقتلوا شيوخ المشركين ، واستحيوا شرخهم } . رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح . ولأن الله تعالى قال : { فاقتلوا المشركين } . وهذا عام يتناول بعمومه الشيوخ .

                                                                                                                                            قال ابن المنذر : لا أعرف حجة في ترك قتل الشيوخ يستثنى بها من عموم قوله : { فاقتلوا المشركين } . ولأنه كافر لا نفع في حياته ، فيقتل كالشاب . ولنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تقتلوا شيخا فانيا ، ولا طفلا ، ولا امرأة } . رواه أبو داود ، في سننه . وروي عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه أنه وصى يزيد حين وجهه إلى الشام ، فقال : لا تقتل صبيا ، ولا امرأة ، ولا هرما .

                                                                                                                                            وعن عمر ، أنه وصى سلمة بن قيس ، فقال : لا تقتلوا امرأة ، ولا صبيا ، ولا شيخا هرما . رواهما سعيد . ولأنه ليس من أهل القتال ، فلا يقتل ، كالمرأة . وقد أومأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه العلة في المرأة ، فقال : { ما بال هذه قتلت ، وهي لا تقاتل } . والآية مخصوصة بما روينا ، ولأنه قد خرج من عمومها المرأة ، والشيخ الهرم في معناها ، فنقيسه عليها .

                                                                                                                                            وأما حديثهم ، فأراد به الشيوخ الذين فيهم قوة على القتال ، أو معونة عليه ، برأي أو تدبير ، جمعا بين الأحاديث ، ولأن أحاديثنا خاصة في الهرم ، وحديثهم عام في الشيوخ كلهم ، والخاص يقدم على العام ، وقياسهم ينتقض بالعجوز التي لا نفع فيها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية