الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فإذا سلم خطب خطبتين يجلس بينهما ، يستفتح الأولى بتسع تكبيرات ، والثانية بسبع . يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة ، ويبين لهم ما يخرجون ، ويرغبهم في الأضحية في الأضحى ، ويبين لهم حكم الأضحية ، والتكبيرات الزوائد ، والذكر بينهما ، والخطبتان سنة .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( فإذا سلم ) يحتمل أنه أراد السلام من الصلاة ; وهو أظهر ، ويحتمل أن يراد به السلام المعروف ، وجزم به في النصيحة فقال : إذا استقبلهم سلم ، وأومأ بيده [ ص: 187 ] ( خطب خطبتين ) بعد الصلاة كخطبتي الجمعة ، فلو خطب قبل الصلاة لم يعتد بها في قول جمهور العلماء ، وهما كالجمعة في أحكامها على الأصح ، حتى في الكلام ، نص عليه ، إلا التكبير مع الخاطب ، واستثنى جماعة الطهارة ، واتحاد الإمام ، والقيام ، والجلسة ، والعدد لكونهما سنة لا شرطا للصلاة في الأصح ، فأشبها الذكر بعد الصلاة والأذان ( يجلس بينهما ) لما روى جابر قال : خرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ، ثم قعد قعدة ثم قام رواه ابن ماجه من رواية إسماعيل بن مسلم البصري ; وهو متروك ، وعن عبيد الله بن عتبة قال : السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين ، يفصل بينهما بجلوس . رواه الشافعي من رواية إبراهيم بن يحيى ، وفيه كلام ، وهل يجلس عقيب صعوده إلى المنبر ليستريح ، كما هو الأظهر ، والمنصوص عن أحمد والشافعي في " الأم " أو لا ; لأن الجلوس في الجمعة لموضع الأذان ، فيه وجهان ، ويسن أن ( يستفتح الأولى بتسع تكبيرات ، والثانية بسبع ) لما روى سعيد عن عبيد الله بن عتبة قال : يكبر الإمام يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات ، وفي الثانية سبع تكبيرات ، والتكبير في الأولى نسقا وفاقا ، وظاهر كلامه جالسا ، وقيل : قائما كسائر أذكار الخطبة ، وظاهره : أنه يبدأ بالتكبير في الثانية كالأولى ، وعنه : بعد فراغها ، اختاره القاضي ، قال أحمد : قال عبيد الله بن عتبة : إنه من السنة ، وقيل : التكبيرات شرط ، واختار الشيخ تقي الدين أنه يفتتحها بالحمد ; لأنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 188 ] أنه افتتح خطبة بغيره ( يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة ) لقوله ـ عليه السلام ـ اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم ( ويبين لهم ما يخرجون ) أي من جنسها ، وقدرها ، ووجوبها ، ووقتها ( ويرغبهم في الأضحية ) لقوله ـ عليه السلام ـ لفاطمة : قومي إلى أضحيتك فاشهديها ، فإن لك بأول قطرة من دمها أن يغفر لك ما قد سلف من ذنوبك وعن زيد بن أرقم قال أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : يا رسول الله ، ما هذه الأضاحي ؛ قال : سنة أبيكم إبراهيم قالوا : فما لنا ؛ قال : بكل شعرة حسنة قالوا : والصوف قال : بكل شعرة حسنة قال الحاكم : صحيح الإسناد ( ويبين لهم حكم الأضحية ) لأنه ثبت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر في خطبة الأضحى كثيرا من أحكامها من رواية أبي سعيد ، والبراء ، وجابر ، وغيرهم ( والتكبيرات الزوائد والذكر بينهما ) سنة في الأشهر ; لأنه ذكر مشروع بين التحريمة والقراءة ، أشبه الاستفتاح ، فعلى هذا إن نسيه فلا سجود للسهو في الأصح ، وعنه : شرط للصلاة ، وفي " الروضة " إن نسي التكبيرات الزوائد أتم ، ولم تبطل ، وساهيا لا يلزمه سجود ، لأنها هيئة ، وفيه نظر .

                                                                                                                          ( والخطبتان سنة ) لما روى عطاء عن عبد الله بن السائب قال : شهدت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ العيد ، فلما قضى الصلاة قال : إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحب أن يذهب فليذهب رواه ابن ماجه ، وإسناده ثقات ، وأبو داود والنسائي ، وقالا : مرسل ، ولو وجبت لوجب حضورها واستماعها كخطبة الجمعة ، وذكر القاضي ، وابن عقيل : أنهما شرط .

                                                                                                                          [ ص: 189 ] فائدة : السنة لمن حضر العيد من النساء حضور الخطبة ، وأن ينفردن بموعظة إذا لم يسمعن خطبة الرجال ، وفي " نهاية " أبي المعالي : إذا فرغ فرأى قوما لم يسمعوها استحب إعادة مقاصدها لهم لفعله ـ عليه السلام ـ فدل على استحبابه في حق النساء ، والمراد مع عدم خوف فتنة .




                                                                                                                          الخدمات العلمية