الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7630 ) مسألة ، قال : ( ومن لقي علجا ، فقال له : قف ، أو : ألق سلاحك فقد أمنه ) . قد تقدم الكلام في من يصح أمانه ، ونذكر هاهنا صفة الأمان ، فالذي ورد به الشرع لفظتان ; أجرتك وأمنتك لقول الله تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت } .

                                                                                                                                            وقال : { من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن } . وفي معنى ذلك إذا قال : لا تخف ، لا تذهل ، لا تخش ، لا خوف عليك ، لا بأس عليك وقد روي عن عمر أنه قال : إذا قلتم : لا بأس ، أو لا تذهل ، أو مترس فقد أمنتموهم . فإن الله تعالى يعلم [ ص: 258 ] الألسنة وفي رواية أخرى : إذا قال الرجل للرجل : لا تخف فقد أمنه ، وإذا قال : لا تذهل . فقد أمنه . فإن الله يعلم الألسنة .

                                                                                                                                            وروي أن عمر قال للهرمزان : تكلم ، ولا بأس عليك . فلما تكلم ، أمر عمر بقتله ، فقال أنس بن مالك ليس لك إلى ذلك سبيل ، قد أمنته فقال عمر كلا ، فقال الزبير قد قلت له : تكلم ، ولا بأس عليك فدرأ عنه عمر القتل رواه سعيد وغيره .

                                                                                                                                            وهذا كله لا نعلم فيه خلافا فأما إن قال له : قم ، أو قف ، أو ألق سلاحك . فقال أصحابنا : هو أمان أيضا ، لأن الكافر يعتقد هذا أمانا ، فأشبه قوله : أمنتك وقال الأوزاعي إن ادعى الكافر أنه آمن ، أو قال : إنما وقفت لندائك فهو آمن ، إن لم يدع ذلك فلا يقبل . .

                                                                                                                                            ويحتمل أن هذا ليس بأمان ، لأن لفظه لا يشعر به ، وهو يستعمل للإرهاب والتخويف ، فلم يكن أمانا ، لقوله : لأقتلنك لكن يرجع إلى القائل ، فإن قال : نويت به الأمان . فهو أمان ، وإن قال : لم أرد أمانه . نظرنا في الكافر ، فإن قال : اعتقدته أمانا رد إلى مأمنه ، ولم يجز قتله ، وإن لم يعتقده أمانا فليس بأمان ، كما لو أشار إليهم بما اعتقدوه أمانا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية