الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 816 ) فصل : ويباح العلم الحرير في الثوب إذا كان أربع أصابع فما دون ; لما روي عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه أنه قال : { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع . } رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وفي التنبيه . يباح وإن كان مذهبا ، وكذلك القول في الرقاع ، ولبنة الجيب ، وسجف الفراء وغيرها ; لأنه داخل فيما تناوله الحديث .

                                                                                                                                            فصل : فإن لبس الحرير للقمل أو الحكة أو المرض ينفعه لبس الحرير جاز ، في إحدى الروايتين ; لأن أنسا روى { أن عبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام ، شكوا القمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرخص لهما في قمص الحرير في غزاة [ ص: 343 ] لهما ، } وفي رواية : شكيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل فرخص لهما في قمص الحرير ، ورأيته عليهما . متفق عليه . وما ثبت في حق صحابي ثبت في حق غيره ، ما لم يقم دليل التخصيص ، وغير القمل الذي ينفع فيه لبس الحرير في معناه . فيقاس عليه .

                                                                                                                                            والرواية الأخرى ، لا يباح لبسه للمرض ; لاحتمال أن تكون الرخصة خاصة لهما ، وهو قول مالك والأول أصح ; إن شاء الله تعالى ; لأن تخصيص الرخصة بها على خلاف الأصل .

                                                                                                                                            فأما لبسه للحرب ، فإن كان به حاجة إليه ، كأن كان بطانة لبيضة أو درع ونحوه ، أبيح . قال بعض أصحابنا : يجوز مثل ذلك من الذهب ; كدرع مموه بالذهب ، وهو لا يستغني عن لبسه ، وهو محتاج إليه . وإن لم يكن به حاجة إليه ، فعلى وجهين : أحدهما يباح لأن المنع من لبسه للخيلاء ، وكسر قلوب الفقراء ، والخيلاء في وقت الحرب غير مذموم قال النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى بعض أصحابه يمشي بين الصفين يختال في مشيته : " إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن " .

                                                                                                                                            والثاني ، يحرم ; لعموم الخبر . وظاهر كلام أحمد ، رحمه الله ، إباحته مطلقا ، وهو قول عطاء ، قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن لبس الحرير في الحرب ؟ فقال : أرجو أن لا يكون به بأس . وروى الأثرم بإسناده عن عروة ، أنه كان له يلمق من ديباج ، بطانته سندس ، محشو قزا ، كان يلبسه في الحرب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية