الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 60 ] ذكر إخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم عن موت أبي ذر

                                                                                                                          6671 - أخبرنا أبو خليفة حدثنا علي ابن المديني حدثنا يحيى بن سليم حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه عن أم ذر ، قالت : لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت ، فقال : ما يبكيك ؟ فقلت : وما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض ، وليس عندي ثوب يسعك كفنا ، ولا يدان لي في تغييبك ، قال : أبشري ولا تبكي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاث ، فيصبران ويحتسبان فيريان النار أبدا ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين ، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية وجماعة ، فأنا ذلك الرجل ، والله ما كذبت ولا كذبت ، فأبصري الطريق ، فقلت : أنى وقد ذهبت الحاج وتقطعت الطرق ، فقال : اذهبي فتبصري ، قالت : فكنت [ ص: 61 ] أشتد إلى الكثيب أتبصر ، ثم أرجع فأمرضه ، فبينما هو وأنا كذلك إذا أنا برجال على رحلهم ، كأنهم الرخم تخب بهم رواحلهم ، قالت : فأسرعوا إلي حين وقفوا علي ، فقالوا : يا أمة الله ، ما لك ؟ قلت : امرؤ من المسلمين يموت فتكفنونه ؟ قالوا : ومن هو ؟ قالت : أبو ذر ، قالوا : صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : نعم ، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه ، فقال لهم : أبشروا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض ، يشهده عصابة من المؤمنين ، وليس من أولئك النفر رجل إلا وقد هلك في جماعة ، فوالله ما كذبت ولا كذبت ؛ إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي ، لم أكفن إلا في ثوب هو لي أو لها ، إني أنشدكم الله أن يكفنني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا ، فليس من أولئك النفر أحد إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار ، قال : أنا أكفنك يا عم ، أكفنك في ردائي هذا ، وفي ثوبين في عيبتي من غزل أمي ، قال : أنت فكفني ، فكفنه الأنصاري في النفر الذين حضروا ، وقاموا عليه ودفنوه في نفر كلهم يمان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية