الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والثاني ) وهو الأجير ( الخاص ) ويسمى أجير وحد ( وهو من يعمل لواحد عملا مؤقتا بالتخصيص ويستحق الأجر بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل كمن استؤجر شهرا للخدمة أو ) شهرا ( لرعي الغنم ) المسمى بأجر مسمى بخلاف ما لو آجر المدة بأن استأجره للرعي شهرا حيث يكون مشتركا إلا إذا شرط أن لا يخدم غيره ولا يرعى لغيره فيكون خاصا [ ص: 70 ] وتحقيقه في الدرر وليس للخاص أن يعمل لغيره ، ولو عمل نقص من أجرته بقدر ما عمل فتاوى النوازل

التالي السابق


( قوله ويسمى أجير وحد ) بالإضافة خلاف المشترك من الوحد بمعنى الوحيد ، ومعناه أجير المستأجر الواحد . وفي معناه الأجير الخاص ; ولو حرك الحاء يصح ; لأنه يقال رجل وحد بفتحتين : أي منفرد مغرب ، وظاهره أنه لا فرق بينهما ، وسنذكر ما يفيد أن بينهما عموما مطلقا ( قوله وهو من يعمل ) صوابه إسقاط العاطف ; لأنه خبر المبتدإ ح .



مبحث الأجير الخاص

( قوله لواحد ) أي لمعين واحدا أو أكثر . قال القهستاني : لو استأجر رجلان أو ثلاثة رجلا لرعي غنم لهما أو لهم خاصة كان أجيرا خاصا كما في المحيط وغيره ا هـ فخرج من له أن يعمل لغير من استأجره أولا . ( قوله عملا مؤقتا ) خرج من يعمل لواحد من غير توقيت كالخياط إذا عمل لواحد ولم يذكر مدة ح . ( قوله بالتخصيص ) خرج نحو الراعي إذا عمل لواحد عملا مؤقتا من غير أن يشرط عليه عدم العمل لغيره .

قال ط : وفيه أنه إذا استؤجر شهرا لرعي الغنم كان خاصا وإن لم يذكر التخصيص ، فلعل المراد بالتخصيص أن لا يذكر عموما سواء ذكر التخصيص أو أهمله ، فإن الخاص يصير مشتركا بذكر التعميم كما يأتي في عبارة الدرر ( قوله وإن لم يعمل ) أي إذا تمكن من العمل ، فلو سلم نفسه ولم يتمكن منه لعذر كمطر ونحوه لا أجر له كما في المعراج عن الذخيرة . ( قوله للخدمة ) أي لخدمة المستأجر وزوجته وأولاده ووظيفته الخدمة المعتادة من السحر إلى أن تنام الناس بعد العشاء الأخيرة وأكله على المؤجر ، فلو شرط على المستأجر كعلف الدابة فسد العقد كذا في كثير من الكتب ، لكن قال الفقيه : في زماننا العبد يأكل من مال المستأجر حموي عن الظهيرية والخانية ، وتقدم ما فيه ط : أي أول الباب السابق . ( قوله أو لرعي الغنم المسمى ) كذا قيده في الدرر والتبيين . وقد ذكر المصنف في الباب السابق : لو استأجر [ ص: 70 ] خبازا ليخبز له كذا بدرهم فسد عند الإمام لجمعه بين العمل والوقت فيخالف ما هنا ، ولذا قال الشرنبلالي إذا وقع العقد على هذا الترتيب كان فاسدا كما قدمناه ، وصحته أن يلي ذكر المدة الأجر ا هـ .

قلت : وقدمنا هناك ما يقتضي وجوب حذف قوله المسمى فراجعه . ( قوله وتحقيقه في الدرر ) ونصه : اعلم أن الأجير للخدمة أو لرعي الغنم إنما يكون أجيرا خاصا إذا شرط عليه أن لا يخدم غيره أو لا يرعى لغيره أو ذكر المدة أولا ، نحو أن يستأجر راعيا شهرا ليرعى له غنما مسماة بأجر معلوم فإنه أجير خاص بأول الكلام .

أقول : سره أنه أوقع الكلام على المدة في أوله فتكون منافعه للمستأجر في تلك المدة فيمتنع أن تكون لغيره فيها أيضا ، وقوله بعد ذلك لترعى الغنم يحتمل أن يكون لإيقاع العقد على العمل فيصير أجيرا مشتركا ; لأنه من يقع عقده على العمل ، وأن يكون لبيان نوع العمل الواجب على الأجير الخاص في المدة ، فإن الإجارة على المدة لا تصح في الأجير الخاص ما لم يبين نوع العمل ; بأن يقول : استأجرتك شهرا للخدمة أو للحصاد فلا يتغير حكم الأول بالاحتمال فيبقى أجير وحد ما لم ينص على خلافه بأن يقول : على أن ترعى غنم غيري مع غنمي وهذا ظاهر أو أخر المدة بأن استأجره ليرعى غنما مسماة له بأجر معلوم شهرا فحينئذ يكون أجيرا مشتركا بأول الكلام لإيقاع العقد على العمل في أوله ، وقوله شهرا في آخر الكلام يحتمل أن يكون لإيقاع العقد على المدة فيصير أجير وحد ، ويحتمل أن يكون لتقدير العمل الذي وقع العقد عليه فلا يتغير أول كلامه بالاحتمال ما لم يكن بخلافه ا هـ .



مطلب ليس للأجير الخاص أن يصلي النافلة

( قوله وليس للخاص أن يعمل لغيره ) بل ولا أن يصلي النافلة . قال في التتارخانية : وفي فتاوى الفضلي وإذا استأجر رجلا يوما يعمل كذا فعليه أن يعمل ذلك العمل إلى تمام المدة ولا يشتغل بشيء آخر سوى المكتوبة وفي فتاوى سمرقند : وقد قال بعض مشايخنا له أن يؤدي السنة أيضا . واتفقوا أنه لا يؤدي نفلا وعليه الفتوى . وفي غريب الرواية قال أبو علي الدقاق : لا يمنع في المصر من إتيان الجمعة ، ويسقط من الأجير بقدر اشتغاله إن كان بعيدا ، وإن قريبا لم يحط شيء فإن كان بعيدا واشتغل قدر ربع النهار يحط عنه ربع الأجرة . ( قوله ولو عمل نقص من أجرته إلخ ) قال في التتارخانية : نجار استؤجر إلى الليل فعمل لآخر دواة بدرهم وهو يعلم فهو آثم ، وإن لم يعلم فلا شيء عليه وينقص من أجر النجار بقدر ما عمل في الدواة




الخدمات العلمية