الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: ولقد آتينا موسى الكتاب يعني التوراة. وقفينا من بعده بالرسل والتقفية: الإتباع، ومعناه: وأتبعنا، يقال: استقفيته إذا جئت من خلفه، وسميت قافية الشعر قافية لأنها خلفه. وآتينا عيسى ابن مريم البينات وفيها ثلاثة أقاويل: [ ص: 156 ]

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أن البينات الحجج. والثاني: أنها الإنجيل. والثالث: وهو قول ابن عباس ، أن البينات التي أوتيها عيسى إحياء الموتى، وخلقه من الطين كهيئة الطير، فيكون طيرا بإذن الله، وإبراء الأسقام. وأيدناه بروح القدس فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن روح القدس الاسم الذي يحيي به عيسى الموتى، وهذا قول ابن عباس . والثاني: أنه الإنجيل، سماه روحا، كما سمى الله القرآن روحا في قوله تعالى: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا والثالث: وهو الأظهر، أنه جبريل عليه السلام، وهذا قول الحسن وقتادة ، والربيع، والسدي ، والضحاك. واختلفوا في تسمية جبريل بروح القدس، على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه سمي روحا، لأنه بمنزلة الأرواح للأبدان، يحيي بما يأتي به من البينات من الله عز وجل. والثاني: أنه سمي روحا، لأن الغالب على جسمه الروحانية، لرقته، وكذلك سائر الملائكة، وإنما يختص به جبريل تشريفا. والثالث: أنه سمي روحا، لأنه كان بتكوين الله تعالى له روحا من عنده من غير ولادة. والقدس فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: هو الله تعالى، ولذلك سمي عيسى عليه السلام روح القدس، لأن الله تعالى كونه من غير أب، وهذا قول الحسن والربيع وابن زيد . قال ابن زيد: القدس والقدوس واحد. والثاني: هو الطهر، كأنه دل به على التطهر من الذنوب. والثالث: أن القدس البركة، وهو قول السدي. [ ص: 157 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية