الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              55 (14) باب

                                                                                              الاستقامة في الإسلام ، وأي خصاله خير

                                                                                              [ 32 ] عن سفيان بن عبد الله الثقفي ، قال : قلت : يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك - وفي رواية : غيرك - قال : قل : آمنت بالله ، ثم استقم .

                                                                                              رواه أحمد ( 3 \ 413 ) و ( 4 \ 385 ) ، ومسلم ( 38 ) .

                                                                                              [ ص: 221 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 221 ] (14) ومن باب الاستقامة في الإسلام ، وأي خصاله خير

                                                                                              (قوله : " قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك ") أي : علمني قولا جامعا لمعاني الإسلام ، واضحا في نفسه ، بحيث لا يحتاج إلى تفسير غيرك ، أعمل عليه ، وأكتفي به ; وهذا نحو مما قاله له الآخر : علمني شيئا أعيش به في الناس ، ولا تكثر علي فأنسى ، فقال : لا تغضب . وهذا الجواب ، وجوابه بقوله : قل : آمنت بالله ، ثم استقم ; دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتي جوامع الكلم ، واختصر له القول اختصارا ; كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مخبرا بذلك عن نفسه ; فإنه - عليه الصلاة والسلام - جمع لهذا السائل في هاتين الكلمتين معاني الإسلام والإيمان كلها ; فإنه أمره أن يجدد إيمانه متذكرا بقلبه ، وذاكرا بلسانه .

                                                                                              ويقتضي هذا استحضار تفصيل معاني الإيمان الشرعي بقلبه ، التي تقدم ذكرها في حديث جبريل ، وأمره بالاستقامة على [ ص: 222 ] أعمال الطاعات ، والانتهاء عن جميع المخالفات ; إذ لا تتأتى الاستقامة مع شيء من الاعوجاج ، فإنها ضده .

                                                                                              وكأن هذا القول منتزع من قوله تعالى : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا [ فصلت : 30 ] أي : آمنوا بالله ووحدوه ، ثم استقاموا على ذلك وعلى طاعته إلى أن توفوا عليها ; كما قال عمر بن الخطاب : استقاموا والله على طاعته ، ولم يروغوا روغان الثعالب ، وملخصه : اعتدلوا على طاعة الله تعالى ، عقدا وقولا وفعلا ، وداموا على ذلك .




                                                                                              الخدمات العلمية