الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      وهذا يلتفت إلى خلاف آخر وهو أنه هل يقتضي التكرار أم لا ؟ وفيه مذاهب :

                                                      أحدها : يعم ، وبه جزم القاضي أبو بكر ، فقال : قول الراوي : كان يفعل كذا ، يفيد في عرف اللغة تكثير الفعل وتكريره ، لأنهم لا يقولون : كان فلان يطعم الطعام ، ويحمي الذمار إذا فعله مرة أو مرتين ، بل يخصون به المداوم على ذلك ، وقد قال تعالى : { وكان يأمر أهله بالصلاة } يريد المداومة على ذلك ، وكذا قال القاضي أبو الطيب : هي تقتضي تكرير الفعل من طريق اللغة ، لأنه لا يقال في اللغة : كان يفعل كذا إلا إذا تكرر منه ، وتبعه ابن الحاجب في مختصريه .

                                                      والثاني : أنها لا تقتضي التكرار لا عرفا ولا لغة ، واختاره في " المحصول " . وقال النووي في " شرح مسلم " : إنه المختار الذي عليه أكثر المحققين من الأصوليين ، وإنما هي فعل ماض دل على وقوعه مرة ، وإن دل الدليل على التكرار عمل به ، وإلا فلا يقتضيها بوضعها . وقال بعض النحاة : " كان " عبارة عن وجود الشيء في زمن ماض على سبيل الإبهام ، وليس فيه دليل على عدم سابق ، ولا انقطاع طارئ . [ ص: 236 ]

                                                      والثالث : أنها لا تفيده لغة وتقيده عرفا ، إذ لا يقال : كان يتهجد إذا فعله مرة . ونقله أبو الحسين في " المعتمد " عن عبد الجبار بعد أن عدها من صيغ العموم . وقال الصفي الهندي : إنه الأظهر ، والتحقيق ما قاله ابن دقيق العيد : إنه يقال كان يفعل كذا ، بمعنى أنه تكرر منه فعله ، وكان عادته كما يقال : كان فلان يقري الضيف { وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير } ، وقد تستعمل لإفادة مجرد الفعل ووقوعه دون الدلالة على التكرار ، والأول أكثر في الاستعمال ، وعليه ينبغي حمل الحديث .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية