الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وقد تقدم ذكر وفد بني تميم ووفد طيئ .

ذكر وفد بني عامر ، ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على عامر بن الطفيل ، وكفاية الله شره وشر أربد بن قيس بعد أن عصم منهما نبيه .

روينا في كتاب " الدلائل " للبيهقي ، عن يزيد بن عبد الله أبي العلاء قال : وفد أبي في وفد بني عامر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : أنت سيدنا ، وذو الطول علينا ، فقال : ( مه مه ، قولوا بقولكم ، ولا يستجرينكم الشيطان ، السيد الله )

[ ص: 528 ] روينا عن ابن إسحاق ، قال لما قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد بني عامر فيهم عامر بن الطفيل ، وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر ، وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر ، وكان هؤلاء النفر رؤساء القوم وشياطينهم : ( فقدم عدو الله عامر بن الطفيل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد الغدر به ، فقال له قومه : يا عامر ! إن الناس قد أسلموا ، فقال : والله لقد كنت آليت ألا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي ، وأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش ! ثم قال لأربد : إذا قدمنا على الرجل ، فإني شاغل عنك وجهه ، فإذا فعلت ذلك ، فاعله بالسيف .

فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عامر : يا محمد ! خالني . قال : " لا والله حتى تؤمن بالله وحده " . قال : يا محمد ! خالني . قال : " حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له " ، فلما أبى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا . فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اكفني عامر بن الطفيل " ، فلما خرجوا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عامر لأربد : ويحك يا أربد ، أين ما كنت أمرتك به ؟ والله ما كان على وجه الأرض أخوف عندي على نفسي منك ، وايم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا . قال : لا أبا لك ، لا تعجل علي ، فوالله ما هممت بالذي أمرتني به ، إلا دخلت بيني وبين الرجل ، أفأضربك بالسيف ؟
) .

ثم خرجوا راجعين إلى بلادهم ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه ، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول ، ثم [ ص: 529 ] خرج أصحابه حين رأوه حتى قدموا أرض بني عامر ، أتاهم قومهم فقالوا : ما وراءك يا أربد ؟ فقال : لقد دعاني إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي فأرميه بنبلي هذه حتى أقتله ، فخرج بعد مقالته بيوم أو بيومين معه جمل يتبعه ، فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما ، وكان أربد أخا لبيد بن ربيعة لأمه ، فبكى ورثاه .

وفي " صحيح البخاري " أن ( عامر بن الطفيل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أخيرك بين ثلاث خصال : يكون لك أهل السهل ، ولي أهل المدر ، أو أكون خليفتك من بعدك ، أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء ، فطعن في بيت امرأة ، فقال : أغدة كغدة البكر في بيت امرأة من بني فلان ائتوني بفرسي ، فركب فمات على ظهر فرسه )

التالي السابق


الخدمات العلمية