الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 823 ) فصل : وإذا وجد العريان جلدا طاهرا ، أو ورقا يمكنه خصفه عليه ، أو حشيشا يمكنه أن يربطه عليه فيستر به ، لزمه ذلك ; لأنه قادر على ستر عورته بطاهر لا يضره فلزمه كما لو قدر على سترها بثوب ، وقد { ستر النبي صلى الله عليه وسلم رجلي مصعب بن عمير بالإذخر } لما لم يجد سترة . فإن وجد طينا يطلي به جسده فظاهر كلام أحمد ، أنه لا يلزمه ذلك ، وذلك لأنه يجف ويتناثر عند الركوع والسجود . ولأن فيه مشقة شديدة ولم تجر به العادة ، واختار ابن عقيل أنه يلزمه لأنه يستر جسده وما تناثر سقط حكمه ، ويستتر بما بقي منه ، وهو قول بعض الشافعية .

                                                                                                                                            والأولى أنه لا يلزمه ذلك ; لأن عليه فيه مشقة ، ويلحقه به ضرر ، ولا يحصل له كمال الستر ، فإن وجد ماء لم يلزمه النزول فيه ، وإن كان كدرا ، لأن للماء سكانا ، ولا يتمكن فيه من السجود ، وكذلك لو وجد حفرة لم يلزمه النزول فيها ; لأنها لا تلصق بجلده ، فهي كالجدار . وإن وجد سترة تضر بجسمه كبارية القصب ونحوها ، مما يدخل في جسمه ، لم يلزمه الاستتار بها ، لما فيه من الضرر والمنع من إكمال الركوع والسجود .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية