الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر إرسال رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة بشيرين لأهل المدينة بوقعة بدر : الأول لأهل السافلة والثاني لأهل العالية

                                                                                                                                                                                                                              روى الحاكم عن أسامة بن زيد ، والبيهقي عن محمد بن عمر الأسلمي ، والبيهقي أيضا ، عن ابن إسحاق : قال أسامة بن زيد رضي الله عنه : خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان وأسامة بن زيد على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام بدر ، وقالوا : وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة من الأثيل ، فجاءا يوم الأحد حين اشتد الضحى ، وفارق عبد الله بن رواحة زيد بن حارثة بالعقيق ، فجعل عبد الله ينادي على راحلته : يا معشر الأنصار أبشروا بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل المشركين وأسرهم ، قتل ابنا ربيعة ، وابنا الحجاج ، وأبو جهل ، وزمعة بن الأسود ، وأمية بن خلف . وأسر سهيل بن عمرو . قال عاصم بن عدي : فقمت إليه فنحوته ، فقلت : أحقا ما تقول يا ابن رواحة ؟ فقال : إي والله ، وغدا يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسرى مقرنين ، ثم اتبع دور الأنصار بالعالية يبشرهم دارا دارا والصبيان يشتدون معه ويقولون : قتل أبو جهل الفاسق . حتى انتهى إلى بني أمية بن زيد .

                                                                                                                                                                                                                              وقدم زيد بن حارثة على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء -قال الواقدي : وقال أسامة : العضباء- يبشر أهل السافلة ، فلما أن جاء المصلى صاح على راحلته : قتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وابنا الحجاج ، وقتل أبو جهل ، وأبو البختري ، وزمعة بن الأسود ، وأمية بن خلف ، وأسر سهيل بن عمرو ذو الأنياب في أسرى كثير ، فجعل [بعض] الناس لا يصدقون زيد بن حارثة ويقولون : ما جاء زيد إلا فلا ، حتى غاظ ذلك المسلمين وخافوا .

                                                                                                                                                                                                                              قال أسامة : فسمعت الهيعة ، فخرجت فإذا زيد على العضباء جاء بالبشارة ، فوالله ما صدقته حتى رأيت الأسارى ، وقدم زيد حين سووا على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب بالبقيع ، فقال رجل من المنافقين لأبي لبابة بن عبد المنذر : قد تفرق أصحابكم تفرقا لا يجتمعون بعده أبدا ، وقد قتل علية أصحابه ، وقتل محمد ، وهذه ناقته نعرفها ، وهذا زيد لا يدري ما يقول من الرعب ، وجاء فلا . قال أبو لبابة : يكذب الله تعالى قولك . وقالت اليهود : ما جاء إلا فلا . قال أسامة بن زيد : فجئت حتى خلوت بأبي ، فقلت : يا أبه ، أحق ما تقول ؟ قال : إي والله حقا ما أقول يا بني ، فقويت في نفسي ورجعت إلى ذلك المنافق ، فقلت : أنت المرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمسلمين ، لنقدمنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم فليضربن [ ص: 58 ] عنقك ، فقال : يا أبا محمد إنما هو شيء سمعته من الناس يقولونه .

                                                                                                                                                                                                                              قال : فجيء بالأسرى وعليهم شقران مولى النبي صلى الله عليه وسلم .


                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية