الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          يصلي ركعتين ، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة طويلة ، ويجهر بالقراءة ، ثم يركع ركوعا طويلا ، ثم يرفع رأسه فيسمع ويحمد ، ثم يقرأ الفاتحة وسورة ، ويطيل وهو دون القيام الأول ، ثم يركع فيطيل ، وهو دون الركوع الأول ، ثم يرفع ثم يسجد سجدتين طويلتين . ثم يقوم إلى الثانية ، فيفعل مثل ذلك ، ثم يتشهد ويسلم ، فإن تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة . وإن تجلى قبلها ، أو غابت كاسفة ، أو طلعت والقمر خاسف ، لم يصل ، وإن أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع فلا بأس .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( فيصلي ركعتين يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة طويلة ) من غير تعيين ، وذكر جماعة أنه يقرأ قدر سورة البقرة أو هي ( ويجهر بالقراءة ) على الأصح ، وظاهره : ولو في كسوف الشمس ( ثم يركع ركوعا طويلا ) من غير تقدير ، وقال القاضي وجزم به في " التلخيص " وغيره : إنه بقدر مائة آية ، وقال ابن أبي موسى : بقدر معظم القراءة ، وقيل : نصفها . ( ثم يرفع رأسه فيسمع ويحمد ) كغيرها ( ثم يقرأ الفاتحة وسورة ، ويطيل ; وهو دون القيام الأول ) وقيل : كمعظمها ( فيطيل ; وهو دون الركوع الأول ) نسبته إلى القراءة كنسبة الأول منها ( ثم يرفع ) وظاهره من غير إطالة ( ثم يسجد سجدتين طويلتين ) في الأصح ، وقيل : يطيله كالركوع ، وقيل : [ ص: 197 ] وكذا الجلوس بينهما ، وظاهره أنه لا يطيله ، وصرح به ابن عقيل ، والأكثر كما لا يطيل القيام عن ركوع يسجد بعده ، وحكاه القاضي عياض إجماعا لعدم ذكره في الروايات ، وانفرد أبو الزبير عن جابر مرفوعا بإطالته ، فيكون فعله مرة ليتبين الجواز ، أو أطاله قليلا ليأتي بالذكر الوارد فيه ، والأصل ما روت عائشة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قام في خسوف الشمس فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ، ثم كبر فركع ركوعا هو أدنى من الركوع الأول ، ثم سمع وحمد ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك حتى استكمل أربع ركعات وأربع سجدات ، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف متفق عليه ، وقال ابن عباس : خسفت الشمس فقام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ، وفي حديث أسماء ثم سجد فأطال السجود ، وفي حديث عائشة أنه جهر بقراءته قال ابن عبد البر : هذا أصح ما في الباب ، وباقي الروايات معللة ضعيفة ، وقال أحمد : أصح حديث في الباب حديث ابن عباس ، وعائشة ( ثم يقوم إلى الثانية فيفعل مثل ذلك ) لكن يكون دون الأولى في كل ما يفعل فيها ، قال القاضي وابن عقيل : القراءة في كل قيام أقصر مما قبله ، وكذا التسبيح ، وذكر أبو الخطاب وغيره : قراءة القيام الثالث أطول من الثاني ( ثم يتشهد ، ويسلم ) لما روى النسائي عن عائشة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تشهد ثم سلم ، وظاهره أنه لا يشرع لها خطبة على المذهب ; لأنه ـ عليه السلام ـ أمر بها دون الخطبة ، وعنه : لها خطبتان ، تجلى الكسوف أو لا ، اختاره ابن حامد والسامري ، ولم يذكر القاضي نصا بعدهما ، إنما أخذوه من نصه : لا خطبة للاستسقاء ( فإن تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة ) لقوله ـ عليه السلام ـ في حديث أبي مسعود فصلوا ، وادعوا حتى ينكشف ما بكم متفق عليه ، ولأن [ ص: 198 ] المقصود التجلي ، وقد حصل ، وظاهره أنه لا يقطعها لكونه منهيا عنه ، وشرع تخفيفها لزوال السبب ، وقال القاضي : إن كان بعد الركوع الأول أتمها صلاة كسوف ، وإن كان فيه أو قبله أتمها بركوع واحد ( وإن تجلى قبلها ) لم يصل ; لقوله ـ عليه السلام ـ إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة حتى تنجلي فجعله غاية للصلاة ، والمقصود منها زوال العارض ، وإعادة النعمة بنورهما ، وقد حصل ، فإن خف قبلها شرع فيها وأوجز ( أو غابت ) الشمس ( كاسفة أو طلعت والقمر خاسف ، لم يصل ) لأنه ذهب وقت الانتفاع بهما ، وقيل : إن طلعت والقمر خاسف صلى ، ويعلم بالأصل في بقائه ، فلو شك في التجلي لغيم أتمها من غير تخفيف ، ولو انكشف الغيم عن بعض القمر ، ولا كسوف عليه أتمها ; لأن الباقي لا يعلم حاله ، والأصل بقاؤه ، والأشهر يصلي إذا غاب القمر خاسفا ليلا ; لأنه لم يذهب وقت الانتفاع بنوره ، والثاني : لا ، لغيبوبته كالشمس ، وفي منع الصلاة له بطلوع الفجر كطلوع الشمس وجهان إن فعلت وقت نهي .

                                                                                                                          فرع : إذا فرغ منها ، ولم يذهب الكسوف لم يعدها ، بل يذكر ويدعو ، ويعمل بالأصل في بقائه وذهابه ، وقال ابن حامد : يصلي ركعتين ركعتين حتى ينجلي لفعله ـ عليه السلام ـ رواه أبو داود عن النعمان بن بشير .

                                                                                                                          ( وإن أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع فلا بأس ) وفي " المحرر " ، و " الفروع " جاز كصلاة الخوف ، روى مسلم من حديث جابر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى ست ركعات بأربع سجدات ، وعن أبي بن كعب أنه - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 199 ] صلى ركعتين ، في كل ركعة خمس ركوعات ، وسجد سجدتين رواه أبو داود ، وعبد الله بن أحمد ، قال المؤلف : لا يزيد على أربع ; لأنه لم يرد ، وفيه نظر ، وفي السنن كصلاة النافلة ، وعنه : أربع ركوعات في كل ركعة أفضل ، قال النووي : وبكل نوع قال به بعض الصحابة ، وحمل بعضهم ذلك على اختلاف حال الكسوف ، ففي بعض الأوقات تأخر الانجلاء فزاد في عدد الركوع ، وفي بعضها أسرع فاقتصر ، وفي بعضها توسط فتوسط ، واعترض عليه : بأن تأخر الانجلاء لا يعلم في الركعة الأولى ، وقد اتفقت الروايات على أن عدد الركوع في الركعتين سواء ، وقال بعض السلف : هو محمول على بيان الجواز ، قال النووي : وهذا أقوى ، وظاهره أنه لا يجوز الزيادة في السجود ، وصرح به في " الفروع " ; لأنه لم يرد .

                                                                                                                          فرع : الركوع الثاني سنة ، وتدرك به الركعة في وجه ، واختاره أبو الوفاء ، إن صلاها الإمام بثلاث ركوعات لإدراكه معظم الركعة .




                                                                                                                          الخدمات العلمية