الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      وقد نـزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا [140]

                                                                                                                                                                                                                                      وقد نـزل عليكم في الكتاب قال المفسرون: إن المشركين بمكة كانوا في مجالسهم يخوضون في ذكر القرآن ويستهزئون به، فنهى الله تعالى المسلمين عن القعود معهم بقوله: وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره [الأنعام: 68] وهذه الآية من سورة الأنعام وهي مكية، فامتنع المسلمون عن القعود معهم، ولما قدموا المدينة كانوا يجلسون مع اليهود والمنافقين، وكان اليهود يستهزئون بالقرآن، فنزلت هذه الآية: وقد نـزل عليكم في الكتاب يعني في سورة الأنعام.

                                                                                                                                                                                                                                      أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها يعني يجحد بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره وفيها دلالة على أن المنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم وإن خوطب به خاصة - منزل على الأمة، وأن مدار الإعراض عنهم هو العلم بخوضهم في الآيات، ولذلك عبر عن ذلك تارة بالرؤية وأخرى بالسماع، وأن المراد بالإعراض إظهار المخالفة بالقيام عن مجالسهم، لا الإعراض بالقلب أو بالوجه فقط.

                                                                                                                                                                                                                                      إنكم إذا مثلهم أي: إذا قعدتم معهم، دل على رضاكم بالكفر [ ص: 1613 ] بالآيات والاستهزاء بها، فتكونون مثلهم في الكفر واستتباع العذاب، فاجتماعكم بهم ههنا سبب اجتماعكم في جهنم، كما قال: إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا لأنهم لما شاركوهم في الكفر، واجتمعوا على الاستهزاء بالآيات في الدنيا - جمعهم الله في عذاب جهنم يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية