الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر وصول الأسارى إلى المدينة

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر ، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال : قدم بالأسارى حين قدم بهم ، وسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ابني عفراء ، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب ، قال : تقول سودة : والله إني لعندهم إذ أتينا ، فقيل : هؤلاء الأسارى قد أتي بهم ، قالت : فرجعت إلى بيتي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ، قالت : فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت : أي أبا يزيد ، أعطيتم بأيديكم ، ألا متم كراما . فوالله ما نبهني إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت : يا سودة أعلى الله ورسوله تحرضين ؟ وقلت : يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ، فاستغفر لي يا رسول الله ، فقال : «يغفر الله لك» .

                                                                                                                                                                                                                              وقال أسامة بن زيد رضي الله عنهما فيما ذكره البلاذري : لما رأى سهيلا فقال : يا رسول الله ، هذا الذي كان يطعم الناس السريد ؟ يعني الثريد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا أبو [ ص: 66 ] يزيد الذي كان يطعم الطعام ، ولكنه سعى في إطفاء نور الله فأمكن الله منه» .

                                                                                                                                                                                                                              ولما دخل بالأسارى إلى المدينة فرقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ، وقال : استوصوا بالأسارى خيرا . وكان أبو عزيز بن عمير بن هشام أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى ، قال أبو عزيز : مر بي أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني فقال : شد يديك به فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك ، فقلت : يا أخي هذه وصاتك بي ؟ فقال له مصعب : إنه أخي دونك ، فسألت أمه عن أعلى ما فدي به أسير ، فقيل لها : أربعة آلاف درهم ، فبعثت بأربعة آلاف درهم ففدته بها . قال : وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر ، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر ، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا ، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها ، قال : فأستحيي فأردها على أحدهم فيردها علي ما يمسها .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية