الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الثامنة والثلاثون قوله تعالى : { فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما } . سوى الله سبحانه في ظاهر هذه الآية بين من قتل شهيدا أو انقلب غانما ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله ، وتصديق كلمته ، أن يدخله الجنة ، أو يرده إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة } . فغاير بينهما ، وجعل الأجر في محل والغنيمة في محل آخر .

                                                                                                                                                                                                              وثبت عنه أيضا أنه قال : { أيما سرية أخفقت كمل لها الأجر ، وأيما سرية غنمت ذهب ثلثا أجرها } . [ ص: 582 ] فأما هذا الحديث فقد تكلمنا عليه في شروحات الحديث بما فيه كفاية ، وليس يعارض الآية كل المعارضة ; لأن فيه ثلث الأجر ، وهذا عظيم ; وإذا لم يعارضها فليؤخذ تمامه من غير هذا الكتاب .

                                                                                                                                                                                                              وأما الحديث الأول فقد قيل فيه : إن " أو " بمعنى الواو ; لأن الله سبحانه يجمع له الأجر والغنيمة ، فما أعطى الله الغنائم لهذه الأمة محاسبا لها بها من ثوابها ، وإنما خصها بها تشريفا وتكريما لها ; لحرمة نبيها . قال النبي صلى الله عليه وسلم : { جعل رزقي تحت ظل رمحي } . فاختار الله لنبيه ولأمته فيما يرتزقون أفضل وجوه الكسب وأكرمها ، وهو أخذ القهر والغلبة . وقيل : إن معناه الذي يغنم قد أصاب [ الحظين ، والذي يخفق له ] الحظ الواحد وهو الأجر ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول : مع ما نال من أجر وحده أو غنيمة مع الأجر ، والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية