الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 81 ) فصل : وإذا ذبح ما لا يؤكل لحمه كان جلده نجسا . وهذا قول الشافعي . وقال أبو حنيفة ، ومالك : يطهر ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { دباغ الأديم ذكاته . } أي : كذكاته ، فشبه الدبغ بالذكاة ، والمشبه به أقوى من المشبه ، فإذا طهر الدبغ مع ضعفه فالذكاة أولى ; ولأن الدبغ يرفع العلة بعد وجودها ، والذكاة تمنعها ، والمنع أقوى من الرفع . ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن افتراش جلود السباع ، وركوب النمور ، } وهو عام في المذكى وغيره ; ولأنه [ ص: 56 ] ذبح لا يطهر اللحم ، فلم يطهر الجلد ، كذبح المجوسي . أو ذبح غير مشروع ، فأشبه الأصل ، والخبر قد أجبنا عنه فيما مضى ، ثم نقول : إن الدبغ إنما يؤثر في مأكول اللحم ، فكذلك ما شبه به ، ولو سلمنا أنه يؤثر في تطهير غيره ، فلا يلزم حصول التطهير بالذكاة ، لكون الدبغ مزيلا للخبث والرطوبات كلها ، مطيبا للجلد على وجه يتهيأ به للبقاء على وجه لا يتغير ، والذكاة لا يحصل بها ذلك ، فلا يستغنى بها عن الدبغ .

                                                                                                                                            وقولهم : المشبه أضعف من المشبه به . غير لازم ; فإن الله تعالى قال في صفة الحور { : كأنهن بيض مكنون } ، وهن أحسن من البيض ، والمرأة الحسناء تشبه بالظبية وبقرة الوحش ، وهي أحسن منهما . وقولهم : إن الدبغ يرفع العلة ممنوع فإننا قد بينا أن الجلد لم ينجس ; لما ذكرناه ، وإن سلمنا فإن الذبح لا يمنع منها ثم يبطل ما ذكروه بذبح المجوسي والوثني والمحرم ، وبترك التسمية ، وما شق بنصفين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية