nindex.php?page=treesubj&link=20823أم
حرف عطف نائب عن تكرير الاسم والفعل ، نحو : أزيد عندك أم عمرو ؟ وقيل :
[ ص: 158 ] إنما تشرك بين المتعاطفين كما تشرك بينها " أو " . وقيل : فيها معنى العطف . وهي استفهام كالألف ، إلا أنها لا تكون في أول الكلام لأجل معنى العطف . وقيل : هي " أو " أبدلت من الواو ، ليحول إلى معنى . يريد إلى معنى " أو " .
وهي قسمان : متصلة ومنفصلة . فالمتصلة هي الواقعة في العطف ، والوارد بعدها وقبلها كلام واحد ، والمراد بها الاستفهام عن التعيين ، فلهذا يقدر بأي ، وشرطها أن تتقدمها همزة الاستفهام ، ويكون ما بعدها مفردا أو في تقديره .
والمنفصلة ما فقد فيها الشرطان ، أو أحدهما ، وتقدر بل والهمزة . ثم اختلف النحاة في كيفية تقدير المنفصلة في ثلاثة مذاهب حكاها
الصفار .
- ( أحدها ) : أنها تقدر بهما وهي بمعناهما ، فتفيد الإضراب عما قبلها على سبيل التحول والانتقال كـ ( بل ) ، والاستفهام عما بعدها ، ومن ثم لا يجوز أن تستفهم مبتدئا كلامك بـ " أم " . ولا تكون إلا بعد كلام لإفادتها الإضراب كما تقدم . قال
أبو الفتح : والفارق بينها وبين " بل " أن ما بعد " بل " منفي ، وما بعد " أم " مشكوك فيه .
( والثاني ) أنها بمنزلة " بل " خاصة ، والاستفهام محذوف بعدها ، وليست هي مفيدة الاستفهام ، وهو قول
الفراء في معاني القرآن .
( والثالث ) أنها بمعنى الهمزة والإضراب مفهوم من أخذك في كلام آخر وترك الأول .
قال
الصفار : فأما الأول فباطل ، لأن الحرف لا يعطي في حيز واحد أكثر من معنى واحد ، فيبقى الترجيح بين المذهبين ، وينبغي أن يرجح الأخير ، لأنه ثبت من كلامهم إنها
[ ص: 159 ] لإبل أم شاء . ويلزم على القول الثاني حذف همزة الاستفهام في الكلام ، وهو من مواضع الضرورة ، قال : والصحيح أنها لا تخلو عن الاستفهام ، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه انتهى .
واعلم أن المتصلة يصير معها الاسمان بمنزلة أي ، ويكون ما ذكر خبرا عن أي ، فإذا قلت : أزيد عندك أم عمرو ؟ فالمعنى : أيهما عندك ؟ والظرف خبر لهما . ثم المتصلة تكون في عطف المفرد على مثله ، نحو : أزيد عندك أم عمرو ؟ كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=39أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) ( يوسف : 39 ) أي : أي المعبودين خير ؟ وفي عطف الجملة على الجملة المتأولتين بالمفرد ، نحو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=72أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون ) ( الواقعة : 72 ) أي الحال هذه أم هذه ؟ والمنقطعة إنما تكون على عطف الجمل ، وهي في الخبر والاستفهام بمثابة " بل " والهمزة ، ومعناها في القرآن التوبيخ كما كان في الهمزة كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16أم اتخذ مما يخلق بنات ) ( الزخرف : 16 ) أي بل أتخذ ؟ لأن الذي قبلها خبر ، والمراد بها التوبيخ لمن قال ذلك وجرى على كلام العباد . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=1الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه ) ( السجدة : 1 - 2 ) ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=3أم يقولون افتراه ) ( السجدة : 3 ) تقديره : بل أيقولون ؟ كذا جعلها
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه منقطعة لأنها بعد الخبر .
ثم وجه اعتراضا كيف يستفهم الله سبحانه وتعالى عن قولهم هذا ؟ وأجيب بأنه جاء في كلام العرب ، يريد أن في كلامهم يكون المستفهم محققا للشيء ، لكن يورده بالنظر إلى المخاطب كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) ( طه : 44 ) وقد علم الله أنه لا يتذكر ولا يخشى ، لكنه أراد لعله يفعل ذلك في
[ ص: 160 ] رجائكما . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16أم اتخذ مما يخلق بنات ) ( الزخرف : 16 ) تقديره بل أتخذ ؟ بهمزة منقطعة للإنكار .
وقد تكون بمعنى " بل " من غير استفهام ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60أمن خلق السماوات والأرض ) ( النمل : 60 ) وما بعدها في سورة النمل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13312ابن طاهر : ولا يمتنع عندي إذا كانت بمعنى " بل " أن تكون عاطفة ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=30أم يقولون شاعر ) ( الطور : 30 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=20أم كان من الغائبين ) ( النمل : 20 ) .
وقال
البغوي في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ) ( الزخرف : 52 ) بمعنى " بل " وليس بحرف عطف ، على قول أكثر المفسرين . وقال
الفراء : وقوم من أهل المعاني : الوقف على قوله " أم " ، وحينئذ تم الكلام ، وفي الآية إضمار ، والأصل (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51أفلا تبصرون ) ( الزخرف : 51 ) أم تبصرون ؟ ثم ابتدأ فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أنا خير ) ( الزخرف : 52 ) .
قلت : فعلى الأول تكون منقطعة ، وعلى الثاني متصلة . وفيها قول ثالث ، قال
أبو زيد : إنها زائدة ، وإن التقدير : أفلا تبصرون أنا خير منه !
والمشهور أنها منقطعة ، لأنه لا يسألهم عن استواء علمه في الأول والثاني ، لأنه إنما أدركه الشك في تبصرهم بعد ما مضى كلامه على التقرير ، وهو مثبت ، وجواب السؤال " بلى " ، فلما أدركه الشك في تبصرهم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أم أنا خير ) .
[ ص: 161 ] وسأل
nindex.php?page=showalam&ids=13312ابن طاهر شيخه
nindex.php?page=showalam&ids=12732أبا القاسم بن الرماك : لم لم يجعل
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أم متصلة ؟ أي " أفلا تبصرون أم تبصرون " ؟ أي : أي هذين كان منكم ؟ فلم يحر جوابا ، وغضب وبقي جمعة لا يقرر حتى استعطفه .
والجواب من وجهين : أحدهما : أنه ظن أنهم لا يبصرون ، فاستفهم عن ذلك ، ثم ظن أنهم يبصرون ؛ لأنه معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أم أنا خير من ) فأضرب عن الأول واستفهم ، كذلك : أزيد عندك أم لا ؟ . ( والثاني ) : أنه لو كان الإبصار وعدمه متعادلين لم يكن للبدء بالنفي معنى ، فلا يصح إلا أن تكون منقطعة .
وقد تحتمل المتصلة والمنقطعة ، كما قال في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108أم تريدون ) ( البقرة : 108 ) . قال
الواحدي : إن شئت جعلت قبله استفهاما رد عليه ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106ألم تعلم ) ( البقرة : 106 ) وإن شئت منقطعة عما قبلها مستأنفا بها الاستفهام ، فيكون استفهاما متوسطا في اللفظ ، مبتدأ في المعنى ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51أليس لي ملك مصر ) ( الزخرف : 51 ) الآية ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أم أنا خير ) ( الزخرف : 52 ) انتهى .
والتحقيق ما قاله
أبو البقاء إنها ههنا منقطعة إذ ليس في الكلام همزة تقع
[ ص: 162 ] موقعها ، وموقع " أم " " أيهما " والهمزة في قوله : ( ألم تعلم ) ليست من " أم " في شيء ، والتقدير : بل أتريدون أن تسألوا ؟ فخرج بـ " أم " من كلام إلى آخر .
وقد تكون بمعنى " أو " كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم ) ( الملك : 16 - 17 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=68أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=69أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى ) ( الإسراء : 68 - 69 ) .
ومعنى ألف الاستفهام عند
أبي عبيد كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108أم تريدون أن تسألوا رسولكم ) ( البقرة : 108 ) أي تريدون ؟ وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ) ( البقرة : 211 ) . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) ( النساء : 54 ) أي : أيحسدون ؟ وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=62ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=63أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار ) ( ص : 62 - 63 ) أي أزاغت عنهم الأبصار ؟ وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=39أم له البنات ولكم البنون ) ( الطور : 39 ) أي أله ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=40أم تسألهم أجرا ) أي : أتسألهم أجرا ؟
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=9أم حسبت أن أصحاب الكهف ) ( الكهف : 9 ) قيل : أي أظننت هذا ؟ ومن عجائب ربك ما هو أعجب من قصة أصحاب الكهف . وقيل : بمعنى ألف الاستفهام ، كأنه قال : أحسبت ؟ وحسبت بمعنى الأمر ، كما تقول لمن تخاطبه : أعلمت أن زيدا خرج ، بمعنى الأمر ، أي اعلم أن زيدا خرج ، فعلى هذا التدريج يكون معنى الآية : اعلم يا
محمد أن أصحاب الكهف والرقيم .
[ ص: 163 ] وقال
أبو البقاء في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16أم اتخذ مما يخلق بنات ) ( الزخرف : 16 ) تقديره : بل " أتخذ ! " بهمزة مقطوعة على الإنكار ، ولو جعلناه همزة وصل لصار إثباتا ، تعالى الله عز وجل عن ذلك ، ولو كانت " أم " المنقطعة بمعنى " بل " وحدها دون الهمزة ، وما بعد " بل " متحقق فيصير ذلك في الآية متحققا تعالى الله عن ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=20823أَمْ
حَرْفُ عَطْفٍ نَائِبٌ عَنْ تَكْرِيرِ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ ، نَحْوُ : أَزَيْدٌ عِنْدَكَ أَمْ عَمْرٌو ؟ وَقِيلَ :
[ ص: 158 ] إِنَّمَا تُشْرِكُ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ كَمَا تُشْرِكُ بَيْنَهَا " أَوْ " . وَقِيلَ : فِيهَا مَعْنَى الْعَطْفِ . وَهِيَ اسْتِفْهَامٌ كَالْأَلِفِ ، إِلَّا أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ لِأَجْلِ مَعْنَى الْعَطْفِ . وَقِيلَ : هِيَ " أَوْ " أُبْدِلَتْ مِنَ الْوَاوِ ، لِيُحَوَّلَ إِلَى مَعْنًى . يُرِيدُ إِلَى مَعْنَى " أَوْ " .
وَهِيَ قِسْمَانِ : مُتَّصِلَةٌ وَمُنْفَصِلَةٌ . فَالْمُتَّصِلَةُ هِيَ الْوَاقِعَةُ فِي الْعَطْفِ ، وَالْوَارِدُ بَعْدَهَا وَقَبْلَهَا كَلَامٌ وَاحِدٌ ، وَالْمُرَادُ بِهَا الِاسْتِفْهَامُ عَنِ التَّعْيِينِ ، فَلِهَذَا يُقَدَّرُ بِأَيْ ، وَشَرْطُهَا أَنْ تَتَقَدَّمَهَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ ، وَيَكُونَ مَا بَعْدَهَا مُفْرَدًا أَوْ فِي تَقْدِيرِهِ .
وَالْمُنْفَصِلَةُ مَا فُقِدَ فِيهَا الشَّرْطَانِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا ، وَتُقَدَّرُ بَلْ وَالْهَمْزَةُ . ثُمَّ اخْتَلَفَ النُّحَاةُ فِي كَيْفِيَّةِ تَقْدِيرِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ حَكَاهَا
الصَّفَّارُ .
- ( أَحَدُهَا ) : أَنَّهَا تُقَدَّرُ بِهِمَا وَهِيَ بِمَعْنَاهُمَا ، فَتُفِيدُ الْإِضْرَابَ عَمَّا قَبْلَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّحَوُّلِ وَالِانْتِقَالِ كَـ ( بَلْ ) ، وَالِاسْتِفْهَامَ عَمَّا بَعْدَهَا ، وَمِنْ ثَمَّ لَا يَجُوزُ أَنْ تَسْتَفْهِمَ مُبْتَدِئًا كَلَامَكَ بِـ " أَمْ " . وَلَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ كَلَامٍ لِإِفَادَتِهَا الْإِضْرَابَ كَمَا تَقَدَّمَ . قَالَ
أَبُو الْفَتْحِ : وَالْفَارِقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ " بَلْ " أَنَّ مَا بَعْدَ " بَلْ " مَنْفِيٌّ ، وَمَا بَعْدَ " أَمْ " مَشْكُوكٌ فِيهِ .
( وَالثَّانِي ) أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ " بَلْ " خَاصَّةً ، وَالِاسْتِفْهَامُ مَحْذُوفٌ بَعْدَهَا ، وَلَيْسَتْ هِيَ مُفِيدَةُ الِاسْتِفْهَامِ ، وَهُوَ قَوْلُ
الْفَرَّاءِ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ .
( وَالثَّالِثُ ) أَنَّهَا بِمَعْنَى الْهَمْزَةِ وَالْإِضْرَابُ مَفْهُومٌ مِنْ أَخْذِكَ فِي كَلَامٍ آخَرَ وَتَرْكِ الْأَوَّلِ .
قَالَ
الصَّفَّارُ : فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَبَاطِلٌ ، لِأَنَّ الْحَرْفَ لَا يُعْطِي فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ ، فَيَبْقَى التَّرْجِيحُ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ الْأَخِيرُ ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ كَلَامِهِمْ إِنَّهَا
[ ص: 159 ] لَإِبِلٌ أَمْ شَاءٌ . وَيَلْزَمُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي حَذْفُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ فِي الْكَلَامِ ، وَهُوَ مِنْ مَوَاضِعِ الضَّرُورَةِ ، قَالَ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنِ الِاسْتِفْهَامِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ انْتَهَى .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَّصِلَةَ يَصِيرُ مَعَهَا الِاسْمَانِ بِمَنْزِلَةِ أَيْ ، وَيَكُونُ مَا ذُكِرَ خَبَرًا عَنْ أَيْ ، فَإِذَا قُلْتَ : أَزَيْدٌ عِنْدَكَ أَمْ عَمْرٌو ؟ فَالْمَعْنَى : أَيُّهُمَا عِنْدَكَ ؟ وَالظَّرْفُ خَبَرٌ لَهُمَا . ثُمَّ الْمُتَّصِلَةُ تَكُونُ فِي عَطْفِ الْمُفْرَدِ عَلَى مِثْلِهِ ، نَحْوُ : أَزَيْدٌ عِنْدَكَ أَمْ عَمْرٌو ؟ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=39أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( يُوسُفَ : 39 ) أَيْ : أَيُّ الْمَعْبُودِينَ خَيْرٌ ؟ وَفِي عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُتَأَوَّلَتَيْنِ بِالْمُفْرَدِ ، نَحْوُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=72أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ) ( الْوَاقِعَةِ : 72 ) أَيِ الْحَالُ هَذِهِ أَمْ هَذِهِ ؟ وَالْمُنْقَطِعَةُ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى عَطْفِ الْجُمَلِ ، وَهِيَ فِي الْخَبَرِ وَالِاسْتِفْهَامِ بِمَثَابَةِ " بَلْ " وَالْهَمْزَةِ ، وَمَعْنَاهَا فِي الْقُرْآنِ التَّوْبِيخُ كَمَا كَانَ فِي الْهَمْزَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ ) ( الزُّخْرُفِ : 16 ) أَيْ بَلْ أَتَّخَذَ ؟ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهَا خَبَرٌ ، وَالْمُرَادُ بِهَا التَّوْبِيخُ لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ وَجَرَى عَلَى كَلَامِ الْعِبَادِ . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=1الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ ) ( السَّجْدَةِ : 1 - 2 ) ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=3أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ) ( السَّجْدَةِ : 3 ) تَقْدِيرُهُ : بَلْ أَيَقُولُونَ ؟ كَذَا جَعَلَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ مُنْقَطِعَةً لِأَنَّهَا بَعْدَ الْخَبَرِ .
ثُمَّ وَجَّهَ اعْتِرَاضًا كَيْفَ يَسْتَفْهِمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ قَوْلِهِمْ هَذَا ؟ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، يُرِيدُ أَنَّ فِي كَلَامِهِمْ يَكُونُ الْمُسْتَفْهِمُ مُحَقِّقًا لِلشَّيْءِ ، لَكِنْ يُورِدُهُ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمُخَاطَبِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) ( طه : 44 ) وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَتَذَكَّرُ وَلَا يَخْشَى ، لَكِنَّهُ أَرَادَ لَعَلَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي
[ ص: 160 ] رَجَائِكُمَا . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ ) ( الزُّخْرُفِ : 16 ) تَقْدِيرُهُ بَلْ أَتَّخَذَ ؟ بِهَمْزَةٍ مُنْقَطِعَةٍ لِلْإِنْكَارِ .
وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى " بَلْ " مِنْ غَيْرِ اسْتِفْهَامٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) ( النَّمْلِ : 60 ) وَمَا بَعْدَهَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13312ابْنُ طَاهِرٍ : وَلَا يَمْتَنِعُ عِنْدِي إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى " بَلْ " أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=30أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ ) ( الطُّورِ : 30 ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=20أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ) ( النَّمْلِ : 20 ) .
وَقَالَ
الْبَغَوِيُّ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ) ( الزُّخْرُفِ : 52 ) بِمَعْنَى " بَلْ " وَلَيْسَ بِحَرْفِ عَطْفٍ ، عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : وَقَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعَانِي : الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ " أَمْ " ، وَحِينَئِذٍ تَمَّ الْكَلَامُ ، وَفِي الْآيَةِ إِضْمَارٌ ، وَالْأَصْلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) ( الزُّخْرُفِ : 51 ) أَمْ تُبْصِرُونَ ؟ ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أَنَا خَيْرٌ ) ( الزُّخْرُفِ : 52 ) .
قُلْتُ : فَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ مُنْقَطِعَةً ، وَعَلَى الثَّانِي مُتَّصِلَةً . وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ ، قَالَ
أَبُو زَيْدٍ : إِنَّهَا زَائِدَةٌ ، وَإِنَّ التَّقْدِيرَ : أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ !
وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ ، لِأَنَّهُ لَا يَسْأَلُهُمْ عَنِ اسْتِوَاءِ عِلْمِهِ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَدْرَكَهُ الشَّكُّ فِي تَبَصُّرِهِمْ بَعْدَ مَا مَضَى كَلَامُهُ عَلَى التَّقْرِيرِ ، وَهُوَ مُثْبَتٌ ، وَجَوَابُ السُّؤَالِ " بَلَى " ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الشَّكُّ فِي تَبَصُّرِهِمْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أَمْ أَنَا خَيْرٌ ) .
[ ص: 161 ] وَسَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13312ابْنُ طَاهِرٍ شَيْخَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12732أَبَا الْقَاسِمِ بْنَ الرَّمَّاكِ : لِمَ لَمْ يَجْعَلْ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَمْ مُتَّصِلَةً ؟ أَيْ " أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ تُبْصِرُونَ " ؟ أَيْ : أَيُّ هَذَيْنِ كَانَ مِنْكُمْ ؟ فَلَمْ يُحْرِ جَوَابًا ، وَغَضِبَ وَبَقِيَ جُمُعَةً لَا يُقَرِّرُ حَتَّى اسْتَعْطَفَهُ .
وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ، فَاسْتَفْهَمَ عَنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ يُبْصِرُونَ ؛ لِأَنَّهُ مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ ) فَأَضْرَبَ عَنِ الْأَوَّلِ وَاسْتَفْهَمَ ، كَذَلِكَ : أَزْيَدٌ عِنْدَكَ أَمْ لَا ؟ . ( وَالثَّانِي ) : أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِبْصَارُ وَعَدَمُهُ مُتَعَادِلَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَدْءِ بِالنَّفْيِ مَعْنًى ، فَلَا يَصِحُّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُنْقَطِعَةً .
وَقَدْ تَحْتَمِلُ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْقَطِعَةَ ، كَمَا قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108أَمْ تُرِيدُونَ ) ( الْبَقَرَةِ : 108 ) . قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ قَبْلَهُ اسْتِفْهَامًا رُدَّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106أَلَمْ تَعْلَمْ ) ( الْبَقَرَةِ : 106 ) وَإِنْ شِئْتَ مُنْقَطِعَةً عَمَّا قَبْلَهَا مُسْتَأْنَفًا بِهَا الِاسْتِفْهَامُ ، فَيَكُونُ اسْتِفْهَامًا مُتَوَسِّطًا فِي اللَّفْظِ ، مُبْتَدَأً فِي الْمَعْنَى ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ) ( الزُّخْرُفِ : 51 ) الْآيَةَ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أَمْ أَنَا خَيْرٌ ) ( الزُّخْرُفِ : 52 ) انْتَهَى .
وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ
أَبُو الْبَقَاءِ إِنَّهَا هَهُنَا مُنْقَطِعَةٌ إِذْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ هَمْزَةٌ تَقَعُ
[ ص: 162 ] مَوْقِعَهَا ، وَمَوْقِعُ " أَمْ " " أَيُّهُمَا " وَالْهَمْزَةُ فِي قَوْلِهِ : ( أَلَمْ تَعْلَمْ ) لَيْسَتْ مِنْ " أَمْ " فِي شَيْءٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : بَلْ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا ؟ فَخَرَجَ بِـ " أَمْ " مِنْ كَلَامٍ إِلَى آخَرَ .
وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى " أَوْ " كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ ) ( الْمُلْكِ : 16 - 17 ) . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=68أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=69أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى ) ( الْإِسْرَاءِ : 68 - 69 ) .
وَمَعْنَى أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ عِنْدَ
أَبِي عُبَيْدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ ) ( الْبَقَرَةِ : 108 ) أَيْ تُرِيدُونَ ؟ وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ) ( الْبَقَرَةِ : 211 ) . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) ( النِّسَاءِ : 54 ) أَيْ : أَيَحْسُدُونَ ؟ وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=62مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=63أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ) ( ص : 62 - 63 ) أَيْ أَزَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ؟ وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=39أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ) ( الطُّورِ : 39 ) أَيْ أَلَهُ ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=40أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا ) أَيْ : أَتَسْأَلُهُمْ أَجْرًا ؟
وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=9أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ ) ( الْكَهْفِ : 9 ) قِيلَ : أَيْ أَظَنَنْتَ هَذَا ؟ وَمِنْ عَجَائِبِ رَبِّكِ مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ . وَقِيلَ : بِمَعْنَى أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : أَحَسِبْتَ ؟ وَحَسِبْتَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ ، كَمَا تَقُولُ لِمَنْ تُخَاطِبُهُ : أَعَلِمْتَ أَنَّ زَيْدًا خَرَجَ ، بِمَعْنَى الْأَمْرِ ، أَيِ اعْلَمْ أَنَّ زَيْدًا خَرَجَ ، فَعَلَى هَذَا التَّدْرِيجِ يَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ : اعْلَمْ يَا
مُحَمَّدُ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ .
[ ص: 163 ] وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ ) ( الزُّخْرُفِ : 16 ) تَقْدِيرُهُ : بَلْ " أَتَّخَذَ ! " بِهَمْزَةٍ مَقْطُوعَةٍ عَلَى الْإِنْكَارِ ، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ هَمْزَةَ وَصْلٍ لَصَارَ إِثْبَاتًا ، تَعَالَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَتْ " أَمِ " الْمُنْقَطِعَةُ بِمَعْنَى " بَلْ " وَحْدَهَا دُونَ الْهَمْزَةِ ، وَمَا بَعْدَ " بَلْ " مُتَحَقِّقٌ فَيَصِيرُ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ مُتَحَقِّقًا تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ