3 -
nindex.php?page=treesubj&link=20823إذن
نوعان : ( الأول ) أن تدل على إنشاء السببية والشرط ، بحيث لا يفهم الارتباط من غيرها ، نحو : أزورك ، فتقول : إذن أكرمك ، وهي في هذا الوجه عاملة تدخل على الجملة الفعلية ، فتنصب المضارع المستقبل إذا صدرت ولم تفصل ، ولم يكن الفعل حالا .
( والثاني ) أن تكون مؤكدة لجواب ارتبط بمقدم ، أو منبهة على سبب حصل في الحال
[ ص: 165 ] وهي في الحال غير عاملة ، لأن المؤكدات لا يعتمد عليها ، والعامل يعتمد عليه ، نحو : إن تأتني إذن آتك ، والله إذن لأفعلن ، ألا ترى أنها لو سقطت لفهم الارتباط .
وتدخل هذه على الاسمية ، نحو : أزورك فتقول : إذن أنا أكرمك . ويجوز توسطها وتأخرها . ومن هذا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=145ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ) ( البقرة : 145 ) فهي مؤكدة للجواب وتربطه بما تقدم .
وذكر بعض المتأخرين لها معنى ثالثا ، وهي أن تكون مركبة من " إذ " التي هي ظرف زمن ماض ، ومن جملة بعدها تحقيقا أو تقديرا ، لكن حذفت الجملة تخفيفا ، وأبدل التنوين منها كما في قولهم حينئذ . وليست هذه الناصبة المضارع ، لأن تلك تختص به ، وكذلك ما عملت فيه ، ولا يعمل إلا ما يختص ، وهذه لا تختص به ، بل تدخل على الماضي ، نحو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=67وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ) ( النساء : 67 ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=100إذا لأمسكتم خشية الإنفاق ) ( الإسراء : 100 ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=75إذا لأذقناك ضعف الحياة ) ( الإسراء : 75 ) . وعلى الاسم ، نحو : إن كنت ظالما فإذن حكمك في ماض ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=42وإنكم إذا لمن المقربين ) ( الشعراء : 42 ) . ورام بعض النحويين جعلها فيه بمعنى " بعد " .
واعلم أن هذا المعنى لم يذكره النحاة ، لكنه قياس قولهم : إنه قد تحذف الجملة المضاف إليها " إذ " ، ويعوض عنها التنوين كيومئذ ، ولم يذكروا حذف الجملة من " إذا " وتعويض التنوين عنها .
[ ص: 166 ] وقال
الشيخ أبو حيان في التذكرة : ذكر لي
علم الدين البلقيني أن
القاضي تقي الدين بن رزين ، كان يذهب إلى أن " إذن " عوض من الجملة المحذوفة ، وليس هذا بقول نحوي انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14261القاضي ابن الخويي : وأنا أظن أنه يجوز أن تقول لمن قال : " أنا آتيك إذن أكرمك " بالرفع على معنى " إذا أتيتني أكرمك " فحذف أتيتني وعوض التنوين عن الجملة ، فسقطت الألف لالتقاء الساكنين . وقال : ولا يقدح في ذلك اتفاق النحاة على أن الفعل في مثل هذا المثال منصوب بـ " إذن " لأنهم يريدون بذلك ما إذا كانت حرفا ناصبا للفعل ، ولا ينفي ذلك رفع الفعل بعده ، إذا أريد به " إذ " الزمانية معوضا عن جملته التنوين ، كما أن منهم من يجزم ما بعدها ، نحو : من يزرني أكرمه . يريد بذلك الشرطية ، ولا يمنع مع ذلك الرفع بها إذا أريد الموصولة ، نحو : من يزرني أكرمه .
[ ص: 167 ] قيل : ولولا قول النحاة إنه لا يعمل إلا ما يختص ، وإن " إذن " عاملة في المضارع لقيل : إن " إذن " في الموضعين واحدة ، وإن معناها تقييد ما بعدها بزمن أو حال ، لأن معنى قولهم : أنا أزورك ، فيقول السامع : إذن أكرمك ، هو بمعنى قوله : أنا أكرمك زمن أو حال أو عند زيارتك لي . ثم عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه معناها الجواب ، فلا يجوز أن تقول : " إذن يقوم زيد " ابتداء من غير أن تجيب به أحدا .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=20فعلتها إذا وأنا من الضالين ) ( الشعراء : 20 ) على أنه لجواب مقدر ، وأنه أجاب بذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=19وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين ) ( الشعراء : 19 ) أي : بأنعمنا ، فأجاب : لم أفعل ذلك كفرا للنعمة كما زعمت ، بل فعلتها وأنا غير عارف بأن الوكزة تقضي ، بدليل قراءة بعضهم : ( وأنا من الجاهلين ) .
وأما قول الشاعر : . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خير الناس خلقا وخيرهم قداما
فجمع بين اللام وبين الجواب فإذن كذلك فهو لتأكد الجواب ، كما إن " ألا " في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=29لئلا يعلم ) ( الحديد : 29 ) دخلت لتوكيد النفي قاله
أبو الفتح .
3 -
nindex.php?page=treesubj&link=20823إِذَنْ
نَوْعَانِ : ( الْأَوَّلُ ) أَنْ تَدُلَّ عَلَى إِنْشَاءِ السَّبَبِيَّةِ وَالشَّرْطِ ، بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ الِارْتِبَاطُ مِنْ غَيْرِهَا ، نَحْوُ : أَزُورُكَ ، فَتَقُولُ : إِذَنْ أُكْرِمَكَ ، وَهِيَ فِي هَذَا الْوَجْهِ عَامِلَةٌ تَدْخُلُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ ، فَتَنْصِبُ الْمُضَارِعَ الْمُسْتَقْبَلَ إِذَا صُدِّرَتْ وَلَمْ تُفْصَلْ ، وَلَمْ يَكُنِ الْفِعْلُ حَالًا .
( وَالثَّانِي ) أَنْ تَكُونَ مُؤَكِّدَةً لِجَوَابٍ ارْتَبَطَ بِمُقَدَّمٍ ، أَوْ مُنَبِّهَةً عَلَى سَبَبٍ حَصَلَ فِي الْحَالِ
[ ص: 165 ] وَهِيَ فِي الْحَالِ غَيْرُ عَامِلَةٍ ، لِأَنَّ الْمُؤَكِّدَاتِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا ، وَالْعَامِلَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ ، نَحْوُ : إِنْ تَأْتِنِي إِذَنْ آتِكَ ، وَاللَّهِ إِذَنْ لَأَفْعَلَنَّ ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ سَقَطَتْ لَفُهِمَ الِارْتِبَاطُ .
وَتَدْخُلُ هَذِهِ عَلَى الِاسْمِيَّةِ ، نَحْوُ : أَزُورُكَ فَتَقُولُ : إِذَنْ أَنَا أُكْرِمُكَ . وَيَجُوزُ تَوَسُّطُهَا وَتَأَخُّرُهَا . وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=145وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ) ( الْبَقَرَةِ : 145 ) فَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِلْجَوَابِ وَتَرْبُطُهُ بِمَا تَقَدَّمَ .
وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَهَا مَعْنًى ثَالِثًا ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ مُرَكَّبَةً مِنْ " إِذِ " الَّتِي هِيَ ظَرْفُ زَمَنٍ مَاضٍ ، وَمِنْ جُمْلَةٍ بَعْدَهَا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا ، لَكِنْ حُذِفَتِ الْجُمْلَةُ تَخْفِيفًا ، وَأُبْدِلَ التَّنْوِينُ مِنْهَا كَمَا فِي قَوْلِهِمْ حِينَئِذٍ . وَلَيْسَتْ هَذِهِ النَّاصِبَةُ الْمُضَارِعَ ، لِأَنَّ تِلْكَ تَخْتَصُّ بِهِ ، وَكَذَلِكَ مَا عَمِلَتْ فِيهِ ، وَلَا يَعْمَلُ إِلَّا مَا يَخْتَصُّ ، وَهَذِهِ لَا تَخْتَصُّ بِهِ ، بَلْ تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي ، نَحْوُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=67وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ) ( النِّسَاءِ : 67 ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=100إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ ) ( الْإِسْرَاءِ : 100 ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=75إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ ) ( الْإِسْرَاءِ : 75 ) . وَعَلَى الِاسْمِ ، نَحْوُ : إِنْ كُنْتُ ظَالِمًا فَإِذَنْ حُكْمُكَ فِيَّ مَاضٍ ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=42وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) ( الشُّعَرَاءِ : 42 ) . وَرَامَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ جَعْلَهَا فِيهِ بِمَعْنَى " بَعْدَ " .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَذْكُرْهُ النُّحَاةُ ، لَكِنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ : إِنَّهُ قَدْ تُحْذَفُ الْجُمْلَةُ الْمُضَافُ إِلَيْهَا " إِذْ " ، وَيُعَوِّضُ عَنْهَا التَّنْوِينُ كَيَوْمِئِذٍ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا حَذْفَ الْجُمْلَةِ مِنْ " إِذًا " وَتَعْوِيضَ التَّنْوِينِ عَنْهَا .
[ ص: 166 ] وَقَالَ
الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ فِي التَّذْكِرَةِ : ذَكَرَ لِي
عَلَمُ الدِّينِ الْبَلْقِينِيُّ أَنَّ
الْقَاضِيَ تَقِيَّ الدِّينِ بْنَ رَزِينٍ ، كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ " إِذَنْ " عِوَضٌ مِنَ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ ، وَلَيْسَ هَذَا بِقَوْلٍ نَحْوِيٍّ انْتَهَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14261الْقَاضِي ابْنُ الْخُوَيِّيِّ : وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ لِمَنْ قَالَ : " أَنَا آتِيكَ إِذَنْ أُكْرِمُكَ " بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى " إِذَا أَتَيْتَنِي أُكْرِمُكَ " فَحَذَفَ أَتَيْتَنِي وَعَوَّضَ التَّنْوِينُ عَنِ الْجُمْلَةِ ، فَسَقَطَتِ الْأَلِفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ . وَقَالَ : وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ اتِّفَاقُ النُّحَاةِ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمِثَالِ مَنْصُوبٌ بِـ " إِذَنْ " لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ مَا إِذَا كَانَتْ حَرْفًا نَاصِبًا لِلْفِعْلِ ، وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ رَفْعُ الْفِعْلِ بَعْدَهُ ، إِذَا أُرِيدَ بِهِ " إِذِ " الزَّمَانِيَّةُ مُعَوِّضًا عَنْ جُمْلَتِهِ التَّنْوِينُ ، كَمَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَجْزِمُ مَا بَعْدَهَا ، نَحْوُ : مَنْ يَزُرْنِي أُكْرِمْهُ . يُرِيدُ بِذَلِكَ الشَّرْطِيَّةَ ، وَلَا يُمْنَعُ مَعَ ذَلِكَ الرَّفْعُ بِهَا إِذَا أُرِيدَ الْمَوْصُولَةُ ، نَحْوُ : مَنْ يَزُرْنِي أُكْرِمْهُ .
[ ص: 167 ] قِيلَ : وَلَوْلَا قَوْلُ النُّحَاةِ إِنَّهُ لَا يَعْمَلُ إِلَّا مَا يَخْتَصُّ ، وَإِنَّ " إِذَنْ " عَامِلَةٌ فِي الْمُضَارِعِ لَقِيلَ : إِنَّ " إِذَنْ " فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدَةٌ ، وَإِنَّ مَعْنَاهَا تَقْيِيدُ مَا بَعْدَهَا بِزَمَنٍ أَوْ حَالٍ ، لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ : أَنَا أَزُورُكَ ، فَيَقُولُ السَّامِعُ : إِذَنْ أُكْرِمَكَ ، هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ : أَنَا أُكْرِمُكَ زَمَنَ أَوْ حَالَ أَوْ عِنْدَ زِيَارَتِكَ لِي . ثُمَّ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ مَعْنَاهَا الْجَوَابُ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ : " إِذَنْ يَقُومَ زَيْدٌ " ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ تُجِيبَ بِهِ أَحَدًا .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=20فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) ( الشُّعَرَاءِ : 20 ) عَلَى أَنَّهُ لِجَوَابٍ مُقَدَّرٍ ، وَأَنَّهُ أَجَابَ بِذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=19وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) ( الشُّعَرَاءِ : 19 ) أَيْ : بِأَنْعُمِنَا ، فَأَجَابَ : لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ كُفْرًا لِلنِّعْمَةِ كَمَا زَعَمْتَ ، بَلْ فَعَلْتُهَا وَأَنَا غَيْرُ عَارِفٍ بِأَنَّ الْوَكْزَةَ تَقْضِي ، بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ بَعْضِهِمْ : ( وَأَنَا مِنَ الْجَاهِلِينَ ) .
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِرِ : . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خَيْرُ النَّاسِ خُلُقًا وَخَيْرُهُمْ قِدَامَا
فَجَمَعَ بَيْنَ اللَّامِ وَبَيْنَ الْجَوَابِ فَإِذَنْ كَذَلِكَ فَهُوَ لِتَأَكُّدِ الْجَوَابِ ، كَمَا إِنَّ " أَلَّا " فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=29لِئَلَّا يَعْلَمَ ) ( الْحَدِيدِ : 29 ) دَخَلَتْ لِتَوْكِيدِ النَّفْيِ قَالَهُ
أَبُو الْفَتْحِ .