الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب فيمن أعتق نصيبا له من مملوك

                                                                      3933 حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا همام ح و حدثنا محمد بن كثير المعنى أخبرنا همام عن قتادة عن أبي المليح قال أبو الوليد عن أبيه أن رجلا أعتق شقصا له من غلام فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ليس لله شريك زاد ابن كثير في حديثه فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم عتقه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( أبو الوليد ) الطيالسي في إسناده ( عن أبيه ) وروى محمد بن كثير مرسلا ( شقصا ) بكسر أوله أي : سهما ونصيبا مبهما أو معينا : قال السيوطي : شقصا أو شقيصا كلاهما بمعنى وهو النصيب في العين المشتركة من كل شيء ( فذكر ) بصيغة المجهول ( ذلك ) أي : ما ذكر من إعتاق شقص ( ليس لله شريك ) أي : العتق لله فينبغي أن يعتق كله ولا يجعل نفسه شريكا لله تعالى ( فأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - عتقه ) أي : حكم بعتقه كله . قال الطيبي : إن السيد والمملوك في كونهما مخلوقين سواء إلا أن الله تعالى فضل بعضهم على بعض في الرزق وجعله تحت تصرفه تمتيعا فإذا رجع بعضه إلى الأصل سرى بالغلبة في البعض الآخر إذ ليس لله شريك ما في شيء من الأشياء انتهى .

                                                                      وقال بعضهم : ينبغي أن يعتق جميع عبده فإن العتق لله سبحانه فإن أعتق بعضه فيكون أمر سيده نافذا فيه بعد فهو كشريك له تعالى صورة كذا في المرقاة . ولفظ أحمد في مسنده عن أبي المليح عن أبيه أن رجلا من قومنا أعتق شقصا له من مملوكه فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 356 ] فجعل خلاصه عليه في ماله وقال : ليس لله - عز وجل - شريك . وفي لفظ له : هو حر كله ليس لله شريك انتهى . قال الخطابي : والحديث فيه دليل على أن المملوك يعتق كله إذا أعتق الشقص منه ولا يتوقف على عتق الشريك الآخر وأداء القيمة ولا على الاستسعاء ألا تراه يقول : وأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - عتقه وقال : ليس لله شريك فنفى أن يقارن الملك العتق وأن يجتمعا في شخص واحد وهذا إذا كان المعتق موسرا فإذا كان معسرا كان الحكم بخلاف على ما ورد بيانه في السنة انتهى . وسيأتي بيانه مفصلا . قال المنذري : وأخرجه النسائي وابن ماجه .

                                                                      وقال النسائي أرسله سعيد بن أبي عروبة وهشام بن أبي عبد الله وساقه عنهما مرسلا وقال هشام وسعيد أثبت من همام في قتادة وحديثهما أولى بالصواب هذا آخر كلامه . وأبو المليح اسمه عامر ويقال عمر ويقال زيد وهو ثقة محتج بحديثه في الصحيحين وأبوه أسامة بن عمير هذلي بصري له صحبة ولا يعلم أن أحدا روى عنه غير ابنه أبي المليح ، انتهى .

                                                                      وقال في الفتح : حديث أبي المليح عند أبي داود والنسائي بإسناد قوي . وأخرجه أحمد بإسناد حسن من حديث سمرة أن رجلا أعتق شقصا له في مملوك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - هو كله فليس لله شريك انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية