الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      مذبذبين بين ذلك حال من فاعل يراءون أو من فاعل يذكرون وجوز أن يكون حالا من فاعل قاموا)، أو منصوب على الذم بفعل مقدر، وذلك إشارة إلى الإيمان والكفر المدلول عليه بذكر المؤمنين والكافرين، ولذا أضيف (بين) إليه، وروي هذا عن ابن زيد، ويصح أن يكون إشارة إلى المؤمنين والكافرين، فيكون ما بعده تفسيرا له على حد قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      الألمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى مرددين بينهما متحيرين، قد ذبذبهم الشيطان، وأصل الذبذبة - كما قال الراغب -: صوت الحركة للشيء المعلق، ثم استعير لكل اضطراب وحركة أو تردد بين شيئين، والذال الثانية أصلية عند البصريين، ومبدلة من باء عند الكوفيين، وهو خلاف معروف بينهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما (مذبذبين) بكسر الذال الثانية، ومفعوله - على هذا – محذوف، أي: مذبذبين قلوبهم أو دينهم أو رأيهم، ويحتمل أن يجعل لازما، [ ص: 177 ] على أن فعلل بمعنى تفعلل، كما جاء (صلصل) بمعنى (تصلصل) أي: متذبذبين، ويؤيده ما في مصحف ابن مسعود (متذبذبين).

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ بالدال غير المعجمة، وهو مأخوذ من (الدبة) بضم الدال وتشديد الباء بمعنى الطريقة والمذهب، كما في النهاية، ويقال: هو على دبتي أي: طريقتي وسمتي، وفي حديث ابن عباس: «اتبعوا دبة قريش، ولا تفارقوا الجماعة» والمعنى - حينئذ - أنهم أخذ بهم تارة طريقا، وأخرى، أخرى.

                                                                                                                                                                                                                                      لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء أي: لا منسوبين إلى المؤمنين حقيقة لإضمارهم الكفر ولا إلى الكافرين لإظهارهم الإيمان، أو لا صائرين إلى الأولين ولا إلى الآخرين، ومحله النصب على أنه حال من ضمير (مذبذبين) أو على أنه بدل منه، ويحتمل أن يكون بيانا وتفسيرا له.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن يضلل الله لعدم استعداده للهداية والتوفيق فلن تجد له سبيلا موصلا إلى الحق والصواب، فضلا عن أن تهديه إليه، والخطاب لكل من يصلح له، وهو أبلغ في التفظيع.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية