الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قمل ]

                                                          قمل : القمل : معروف ، واحدته قملة ، قال ابن بري : أوله الصؤاب وهي بيض القمل ، الواحدة صؤابة ، وبعدها اللزقة ، ثم الفرعة ، ثم الهرنعة ، ثم الحنبج ، ثم الفنضج ، ثم الحندلس ، وقوله :


                                                          وصاحب لا خير في شبابه أصبح شؤم العيش قد رمى به     حوتا إذا ما زادنا جئنا به
                                                          وقملة إن نحن باطشنا به



                                                          إنما أراد مثل قملة في قلة غنائه ، كما قدمنا في قوله :


                                                          حوتا إذا ما زادنا جئنا به

                                                          ولا يكون قملة حالا إلا على هذا ، كما لا يكون حوتا حالا إلا على ذلك ، ونظير كل ذلك ما حكاه سيبويه رحمه الله من قولهم : مررت بزيد أسدا شدة ، لا تريد أنه أسد ، ولكن تريد أنه مثل أسد ، وكل ذلك مذكور في مواضعه ، ويقال لها أيضا : قمال وقمل . وقمل رأسه ، بالكسر ، قملا : كثر قمل رأسه ، وقولهم : غل قمل ، أصله أنهم كانوا يغلون الأسير بالقد وعليه الشعر فيقمل القد في عنقه . وفي الحديث : من النساء غل قمل يقذفها الله في عنق من يشاء ثم لا يخرجها إلا هو . وفي حديث عمر وصفة النساء : منهن غل قمل أي ذو قمل ، كانوا يغلون الأسير بالقد وعليه الشعر فيقمل ولا يستطيع دفعه عنه بحيلة ، وقيل : القمل القذر ، وهو من القمل أيضا وقمل العرفج قملا : اسود شيئا وصار فيه كالقمل . وفي التهذيب : قمل العرفج إذا اسود شيئا بعد مطر أصابه فلان عوده ، شبه ما خرج منه بالقمل . وقمل بطنه : ضخم . وأقمل الرمث : تفطر بالنبات ، وقيل : بدا ورقه صغارا . وقمل القوم : كثروا ، قال :


                                                          حتى إذا قملت بطونكم     ورأيتم أبناءكم شبوا
                                                          وقلبتم ظهر المجن لنا     إن اللئيم العاجز الخب



                                                          [ ص: 193 ] الواو في : وقلبتم زائدة ، وهو جواب إذا ، وقملت بطونكم كثرت قبائلكم ، بهذا فسره لنا أبو العالية . وقمل الرجل : سمن بعد هزال . وامرأة قملة وقملية : قصيرة جدا ، قال :


                                                          من البيض لا درامة قملية     إذا خرجت في يوم عيد تؤاربه



                                                          أي : تطلب الإربة . والقملي بالتحريك من الرجال : الحقير الصغير الشأن ; وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          من البيض لا درامة قملية     تبذ نساء الناس دلا وميسما

                                                          وأنشد لآخر :


                                                          أفي قملي من كليب هجوته     أبو جهضم تغلي علي مراجله ؟



                                                          والقملي أيضا : الذي كان بدويا فعاد سواديا ، عن ابن الأعرابي . والقمل : صغار الذر والدبى ، وقيل : هو الدبى الذي لا أجنحة له ، وقيل : هو شيء صغير له جناح أحمر ، وفي التهذيب : هو شيء أصغر من الطير له جناح أحمر أكدر ، وفي التنزيل العزيز : فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل ، وقال ابن الأنباري : قال عكرمة في هذه الآية : القمل الجنادب ، وهي الصغار من الجراد ، واحدتها قملة ، وقال الفراء : يجوز أن يكون واحد القمل قامل مثل راكع وركع وصائم وصيم . الجوهري : أما قملة الزرع فدويبة تطير كالجراد في خلقة الحلم ، وجمعها قمل . ابن السكيت : القمل شيء يقع في الزرع ليس بجراد فيأكل السنبلة وهي غضة قبل أن تخرج فيطول الزرع ولا سنبل له ، قال الأزهري : وهذا هو الصحيح ، وقال أبو عبيدة : القمل عند العرب الحمنان ، وقال ابن خالويه : القمل جراد صغار يعني الدبى . وأقمل العرفج والرمث إذا بدا ورقه صغارا أول ما يتفطر ، وقال أبو حنيفة : القمل شيء يشبه الحلم ، وهو لا يأكل أكل الجراد ، ولكن يمتص الحب إذا وقع فيه الدقيق وهو رطب فتذهب قوته وخيره ، وهو خبيث الرائحة وفيه مشابهة من الحلم ، وقيل : القمل دواب صغار من جنس القردان إلا أنها أصغر منها ، واحدتها قملة تركب البعير عند الهزال ، قال الأعشى :


                                                          قوما تعالج قملا أبناؤهم     وسلاسلا أجدا وبابا مؤصدا

                                                          وقيل : القمل قمل الناس ، وليس بشيء ، واحدتها قملة . ابن الأعرابي : المقمل الذي قد استغنى بعد فقر . المحكم : وقملى موضع ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية